24-مايو-2023
Getty

تشكل الفيلق من عناصر روسية معادية ومعارضة لبوتين (Getty)

نفذت مجموعة "حرية روسيا" عمليةً نادرةً داخل الحدود الروسية، في منطقة بيلغورود على الحدود مع أوكرانيا، وهي تُعد التطور الأبرز في الغزو الروسي الطويل لأوكرانيا، من الناحية العسكرية، وسط استعداد أوكرانيا للهجوم المضاد، وإمكانية نقل المعارك إلى داخل الحدود الروسية.

تشكل فيلق حرية روسيا، في آب/ أغسطس من العام الماضي بشكلٍ رسمي، وذلك بعد موافقة أوكرانيا على تجنيد الروس

الهجوم النادر وغير المعتاد، أكدت أوكرانيا عدم ضلوعها فيه، وقالت نائبة وزير الدفاع الأوكراني هانا ماليار: "الوضع في منطقة بيلغورود هو أزمة داخلية روسية.. لا نخوض حروبًا في منطقة أجنبية"، مشيرةً إلى أن العملية نفذت من قبل عناصر "وطنية روسية" و"تمرد على نظام بوتين". 

بدوره، قال مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك، عبر حسابه على تويتر: "أوكرانيا تتابع باهتمام الأحداث في منطقة بيلغورود في روسيا وتدرس الوضع، لكن ليس لديها أي علاقة بذلك"، موضحًا أن "مجموعات مسلحة روسية قد تكون مسؤولة عن ذلك".

من جانبها، ردت روسيا على اقتحام بيلغورود بقصف مدفعي وهجمات بمُسيّرات ضد المجموعات المهاجمة، وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: "خلال عملية مكافحة الإرهاب، وبفضل ضربات للطيران والمدفعية وتحرك وحدات الدفاع عن الحدود التابعة للمنطقة العسكرية الغربية، تم صد التنظيمات القومية الأوكرانية وسحقها".

زكي وزكية الصناعي

وتبنى فيلق "حرية روسيا" الهجوم عبر قناته على تليغرام، وكانت هذه المجموعة التي تصنفها روسيا "إرهابية"، قد تبنت هجمات وتوغلات سابقة في المنطقة، وذلك ضمن عمليات "تحرير" هذه المناطق، بحسب وصفها. 

من هو فيلق "حرية روسيا"؟

بعد غزو القوات الروسية لأوكرانيا، اختار المئات من المعارضين والمنشقين الروس، بالإضافة لجنود سابقين بالجيش الروسي، الهروب من روسيا، والقتال إلى جانب القوات الأوكرانية. وفي إطار ذلك، تم إنشاء الفيلق الروسي للقتال مع الجيش الأوكراني، نظرًا لأن القانون الأوكراني يمنع الروس من القتال ضمن الجيش الأوكراني، وأعلن عن تأسيس الفيلق في آب/ أغسطس من العام الماضي بشكلٍ رسمي، رغم بداية نشاطه قبل وقت من ذلك. 

وقبل الانضمام لصفوف الفيلق، يخضع كل مجند لاستجواب مكثف من قبل الاستخبارات الأوكرانية، وبمجرد أن يصبح الجندي عضوًا في الفيلق، تظل هويته السابقة سرية، ولا يُعرف إلا بالاسم الرمزي، لضمان سلامة عائلته.

ويُعد فيلق "حرية روسيا" أحد أبرز المجموعات القتالية الأجنبية، المنضوية تحت الفيلق الدولي للدفاع الإقليمي عن أوكرانيا، الذي تشكل في آذار/مارس 2022.

Getty

الحرية في روسيا الجديدة

يرفع الفيلق العلم الأبيض والأزرق والأبيض، الذي تستخدمهُ المعارضة الروسية على شارة الأكمام، بدلًا من العلم الروسي الرسمي الأبيض والأزرق والأحمر، ويضع منتسبوه شعارًا، هو عبارة عن قبضة مغلقة، تعلوها كلمات "حرية" و"روسيا". 

كما يستخدم  الفيلق الحرف "L" للإشارة لكلمة "Legion" (فيلق)، و"Liberty" (حرية)، ويرتدي عناصر الفيلق على الكم الأيمن من زيّه العسكري علم أوكرانيا مثله مثلَ باقي المجموعات شبه العسكريّة الأجنبية التي تطوعت لقتال القوات الروسية.

ويقول الفيلق، إن عناصره "يحملون قيم الرجل الحر في روسيا الجديدة: حرية الرأي، وحرية التعبير، وحرية اختيار المستقبل"، وأنَّ أهدافهم الرئيسية هي "الإطاحة بحكومة بوتين، والنضال من أجل روسيا الجديدة".

وحمل هؤلاء الناقمين على سياسات الكرملين، شعورًا بالغضب الأخلاقي من قيام بلدهم بغزو أوكرانيا، بالإضافة لرغبتهم في الدفاع عن البلد الذي احتضنهم هربًا من القمع والمضايقات والملاحقات التي تعرضوا لها داخل روسيا، ويجمعهم جميعًا كراهية عميقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وحتى اليوم، من غير المعروف العدد الإجمالي لمقاتلي فيلق "حرية روسيا".

Getty

وشارك الفيلق في العديد من المعارك، خاصةً في شرق أوكرانيا، وتحديدًا في باخموت، ومؤخرًا تركزت عمليات الفيلق داخل المناطق الروسية المحاذية لأوكرانيا. 

وتقول التقديرات إن هدف الفيلق هو إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود الروسية الأوكرانية، لمنعِ الهجمات الروسية على أوكرانيا.

الفيلق في الصحافة الغربية

التقت صحيفة "نيويورك تايمز"، في وقتٍ سابقٍ، بعدد من جنود الفيلق، ونشرت تحقيقًا عنهم. ووفقًا للقاءات مع بعضهم، قال الجنود للصحيفة، إن أسباب تطوعهم مختلفة، بين من "يشعر بالغضب الأخلاقي تجاه غزو روسيا لأوكرانيا، وبين من يريد الدفاع عن وطنه الأصلي أوكرانيا، أو بسبب الكره العميق لبوتين". 

بودكاست مسموعة

وقال أحدهم، وهو شاب منحدر من مدينة سان بطرسبرغ للصحيفة "الرجل الروسي الحقيقي لا ينخرط في مثل هذه الحرب العدوانية، لن يغتصب الأطفال، لن يقتل النساء وكبار السن"، مضيفًا "لهذا السبب ليس لدي ندم، أنا أقوم بعملي وقتلت الكثير منهم".

وفي المقابلات التي أجرتها الصحيفة، قال بعض الجنود الروس إنهم كانوا يعيشون بالفعل في أوكرانيا عندما غزتها القوات الروسية العام الماضي، وشعروا بالتزام بالدفاع عنها. فيما وصلت عناصر أخرى مع بداية الغزو، نتيجة شعور بـ"ظلم غزو الكرملين"، وتضع مجموعات أخرى هدف "إسقاط بوتين" في المستقبل ضمن أهدافهم.

وفي هذا الإطار، أصدر الرئيس الروسي بوتين، العام الماضي قانونًا جديدًا، يمكن بموجبه سجن المواطنين الروس لمدة تصل إلى 20 عامًا في حال "انضمُّوا إلى جانب العدو أثناء نزاعٍ مسلح أو أعمال عدائية". 

قبل الانضمام لصفوف الفيلق، يخضع كل مجند لاستجواب مكثف من قبل الاستخبارات الأوكرانية

وفي مطلع  شباط/فبراير الماضي، رفع مكتب الادّعاء العامّ الروسي دعوى إلى المحكمة العليا الروسية، لإعلان فيلق "حرية روسيا تنظيمًا إرهابيًا"، وفي آذار/مارس، صنفت المحكمة العليا الفيلق، باعتباره "جماعة إرهابية"، وبموجب هذا التصنيف يواجه أعضاء الفيلق عقوبة تصل للسجن لمدة 20 عامًا.