23-أبريل-2022
حاولت القوات الروسية إخفاء الآثار المروعة لحربها (Getty)

حاولت القوات الروسية إخفاء الآثار المروعة لحربها (Getty)

أظهرت صور الأقمار الصناعية ما يبدو أنها مقبرة جماعية في قرية منهوش التي تحتلها القوات الروسية وتبعد حوالي 12 ميلًا من مدينة ماريوبول، أين دارت أقصى المعارك منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا. واتهم مسؤولون محليون روسيا بدفن ما يصل إلى 9 آلاف مدني أوكراني هناك في محاولة لإخفاء المذبحة التي وقعت في حصار المدينة الساحلية.

أظهرت صور الأقمار الصناعية ما يبدو أنها مقبرة جماعية في قرية منهوش التي تحتلها القوات الروسية وتبعد حوالي 12 ميلًا من مدينة ماريوبول

وظهرت الصور بعد ساعات من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النصر في معركة ماريوبول على الرغم من وجود ما يقدر بنحو 2000 مقاتل أوكراني لا يزالون مختبئين في مصنع فولاذ عملاق. وأمر بوتين قواته بعدم اقتحام المعقل بل بإغلاقه. ونشرت شركة تكنولوجيا الفضاء الأمريكية ماكسار تكنولوجيز ما تقول إنها صور تظهر أكثر من 200 مقبرة جماعية في بلدة يقول مسؤولون أوكرانيون إن الروس كانوا يدفنون فيها سكان ماريوبول الذين قتلوا في القتال، وأظهرت الصور صفوفًا طويلة من القبور تمتد بعيدًا عن مقبرة موجودة في بلدة منهوش القريبة من ماريوبول.

وتحدثت الشركة في بيان لها بأن "مراجعة الصور السابقة تشير إلى أن المقابر في مانهوش تم حفرها في أواخر آذار/مارس وتم توسيعها خلال الأسبوعين الماضيين". واتهم رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويشينكو في تسجيل مصور الروس بـ "إخفاء جرائمهم العسكرية من خلال أخذ جثث المدنيين من المدينة ودفنها في مانهوش". ووصف بويشينكو الأعمال الروسية في المدينة بأنها بابي يار الجديدة، في إشارة إلى موقع المذابح النازية الذي قتلت فيه القوات النازية والمتعاونون الأوكرانيون ما يقرب من 34 ألف يهودي أوكراني في العام 1941.

بدوره، أشار بيوتر أندريوشينكو مستشار رئيس بلدية ماريوبول عبر تطبيق  تلغرام بأن "جثث القتلى من شوارع ماريوبول ينقلها الجيش الروسي أولًا إلى مناطق صناعية مختلفة بالمدينة، حيث توجد ثلاجات كبيرة، ثم يتم تعبئتها ونقلها إلى مقابر جماعية". وأضاف "كم وكيف نحسبهم -لا نعلم، يجب أن يكون هناك الآلاف... لكننا اكتشفنا أخيرًا مكان نقل بعض القتلى على الأقل من ماريوبول".

وأشار أندريوشينكو إلى أنه "يبلغ طول الخندق في منهوش 300 مترًا للمقارنة مع مقبرة جماعية بالقرب من الكنيسة في بوشا الي يبلغ طولها 14 مترًا، تم العثور على جثث 70 شخصًا هناك". ووفقًا لمستشار رئيس بلدية ماريوبول لا يُعرف حاليًا سوى موقع مقبرة جماعية واحدة، ولكن قد يكون هناك المزيد. وكان مجلس مدينة ماريوبول قد أعلن الخميس في منشور على تطبيق تلغرام عن اكتشاف المقبرة الجماعية وكتب "في قرية منهوش، تمكن المحتلون من دفن ما بين 3 إلى 9 آلاف شخص من ماريوبول ".

هذا ولم يصدر رد فعل فوري من الكرملين بعد الحديث عن المقبرة الجماعية قرب ماريوبول وهو نفس الموقف عند اكتشاف المقابر الجماعية ومئات القتلى المدنيين في بوتشا وبلدات أخرى حول كييف بعد انسحاب القوات الروسية. وبالعكس من ذلك نفى المسؤولون الروس تورط جنودهم في قتل أي مدنيين هناك بل اتهموا السلطات الأوكرانية بارتكاب الفظائع.

وبعد قرابة شهرين من القصف المميت والمدمر الذي حول ماريوبول إلى خراب كبير، يبدو أن القوات الروسية تسيطر على بقية المدينة الجنوبية الاستراتيجية بما في ذلك ميناؤها الحيوي الذي تضرر بشدة، لكن بضعة آلاف من القوات الأوكرانية وفقًا لتقديرات موسكو صمدوا بعناد وشدة لأسابيع في مصنع آزوفستال للصلب على الرغم من قصفه من قبل القوات الروسية والمطالبات المتكررة باستسلامهم، كما تحدث مسؤولون أوكرانيون عن وجود حوالي ألف مدني كذلك داخل الحصار هناك. وبدلًا من إرسال قوات لشن هجوم على المتحصنين داخل المصنع لإنهاء تواجدهم، يبدو أن روسيا تعتزم الإبقاء على الحصار وانتظار استسلام المقاتلين عندما ينفد الطعام أو الذخيرة.

وسيمثل الاستيلاء على ماريوبول أكبر انتصار للكرملين حتى الآن في الحرب التي تقودها في أوكرانيا، وسيساعد ذلك موسكو على تأمين المزيد من الشريط الساحلي وإكمال ربط الجسر البري بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي استولت عليها في عام 2014، وتحرير المزيد من القوات للانضمام إلى المعركة الأكبر والأكثر أهمية التي تجري الآن في دونباس قلب أوكرانيا الصناعي.

Satellite Images Show Possible Mass Graves Near Mariupol | Time

وأعرب بوتين عن قلقه على أرواح الجنود الروس، لذا تم اتخاذ قرار بعدم إرسالهم لتطهير مصنع آزوفستال للصلب مترامي الأطراف، حيث يختبئ الجنود الأوكران في متاهة من الممرات تحت الأرض. وفي ظهور مشترك مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، أعلن بوتين أن "استكمال العمل القتالي لتحرير ماريوبول قد تم بنجاح"، وقدم التهاني لوزير دفاعه.

بدوره توقع شويغو أن مصنع آزوفستال يمكن أن يتم الاستيلاء عليه في غضون ثلاثة إلى أربعة أيام، لكن الرئيس الروسي اعتبر أن ذلك سيكون "بلا جدوى"، وقال "ليست هناك حاجة للصعود إلى سراديب الموتى والزحف تحت الأرض عبر هذه المنشآت الصناعية". ووجه حديثه لوزير الدفاع  "أغلق هذه المنطقة الصناعية حتى لا تمر ذبابة من خلالها". وتبلغ مساحة المصنع 11 كيلومترًا مربعًا ويتداخل مع حوالي 24 كيلومترًا من الأنفاق والمخابئ.

بالمقابل، رفض رئيس بلدية ماريوبول أي فكرة بأن المدينة قد سقطت في أيدي الروس، وأعلن أن "المدينة كانت ولا تزال أوكرانية"، وأضاف "اليوم مقاتلونا الشجعان، أبطالنا يدافعون عن مدينتنا".

ويشرح العميد البريطاني المتقاعد كريس باري لمجلة التايم الأمريكية الخطة الروسية ويقول "الأجندة الروسية الآن ليست الاستيلاء على هذه الأماكن الصعبة حقًا حيث يمكن للأوكرانيين الصمود في المراكز الحضرية، ولكن محاولة الاستيلاء على الأراضي  لتطويق القوات الأوكرانية وإعلان نصر كبير".

يتحدث المسؤولون الروس منذ أسابيع أن الاستيلاء على دونباس التي ينطق غالبية سكانها باللغة الروسية هو الهدف الرئيسي للحرب

ويتحدث المسؤولون الروس منذ أسابيع أن الاستيلاء على دونباس التي ينطق غالبية سكانها باللغة الروسية هو الهدف الرئيسي للحرب. وقد بدأت القوات الروسية المرحلة الجديدة من القتال هذا الأسبوع على جبهة طولها 300 ميل (480 كيلومترًا) من مدينة خاركيف الشمالية الشرقية إلى بحر آزوف.