05-يناير-2018

كبدت فصائل المعارضة، النظام السوري خسائر فادحة في إدارة المركبات بالغوطة الشرقية (يوتيوب)

بدأت فصائل المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام (هتش) في منطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق، المرحلة الثانية من معركة "بأنهم ظلموا"، التي تهدف من خلالها إحكام السيطرة على "إدارة المركبات"، وهي واحدة من أهم المواقع العسكرية التي تتخذها قوات النظام والمليشيات الأجنبية الداعمة لها، مرتكزًا لشن عملياتها العسكرية باتجاه مناطق الغوطة الشرقية.

تسببت معركة "بأنهم ظلموا" التي شنتها فصائل معارضة ضد قوات النظام في إدارة المركبات بالغوطة الشرقية، إلى تكبيد النظام خسائر فادحة

انهيار مقاتلي الأسد في "إدارة المركبات"

وبدأت قبل أيام حركة أحرار الشام الإسلامية بالاشتراك مع فيلق الرحمن، وهتش، المرحلة الثانية من العملية العسكرية التي بدأتها الحركة منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بشكل منفرد، قبل أن يلتحق الفصيلان الأخيران بها مؤخرًا، وتمكنوا من السيطرة على مواقع جديدة أحدثت اضطرابًا بين قوات النظام، دفعتهم لتنفيذ انسحابات متتالية، وأطبقت حصارًا كاملًا على أكثر من 200 عنصر في الإدارة، إضافة لمقتل العميد علي ديوب قائد الفوج 138 دبابات في الحرس الجمهوري، وإصابة اللواء حسن الكردي قائد إدارة المركبات.

اقرأ/ي أيضًا: أحرار الشام نحو كسر حصار الغوطة الشرقية.. الإسناد غائب!

 

 

وتقع إدارة المركبات على مثلث حرستا وعربين ومديرا، في منطقة الغوطة الشرقية، بمساحة تمتد لما يزيد عن أربعة آلاف كيلومتر، وتضم ثلاثة أبنية هي قسم الإدارة، والرحبة العسكرية 446، والمعهد الفني، وهي مسؤولة عن صيانة المركبات العسكرية لكافة قوات النظام المنتشرة في مختلف المناطق السورية، وتحولت مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في آذار/ مارس 2011، مقرًا لانطلاق العمليات العسكرية ضد مناطق المعارضة في الغوطة الشرقية، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 تبنى لواء درع العاصمة، تفجير المبنى بمفخخات زرعها عن طريق أنفاق حفرها، قتل على إثره قرابة 75 عنصرًا.

وتمكنت فصائل المعارضة خلال اليومين الماضيين من إحكام السيطرة على كراج الحجز، وبدأت هجومًا عنيفًا اتجاه مبنى ريف محافظة دمشق المحاذي للكراج. وفي حال تمكنت من السيطرة على المبنى، فإنها بذلك تكون قد سيطرت على فرع المخابرات الجوية لريف دمشق، فيما أرسل النظام السوري المزيد من التعزيزات العسكرية التي تتبع لـ"قوات النخبة"، علاوًة على مشاركة المقاتلات الروسية في القصف الجوي في إطار محاولتها إعاقة تقدم الفصائل المشاركة في العملية.

قاعدة حميميم تهاجم قوات الحرس الجمهوري

وكشف الانهيار الأخير لقوات النظام في إدارة المركبات تململًا واضحًا من جانب الضباط الروس، والذي عكسه أليكسندر إيفانوف المتحدث باسم قاعدة حميميم الجوية بمطالبته قوات الحرس الجمهوري "إبداء المزيد من الجدية" في المعارك الدائرة في المنطقة، قبل أن يتراجع عن تصريحه بمنشور آخر يثني فيه على ما تبديه قوات النظام من شدة في القتال، حسب قوله.

كما تناقلت صفحات موالية على موقع فيسبوك، خبر انشقاق نحو 50 عنصرًا من ميلشيا "درع القلمون" عنها، وإحداثها خرقًا في صفوف قوات النظام، بعدما قتلت مجموعة من عناصر الحرس الجمهوري أثناء الانشقاق. ورغم نفي المليشيا في بيان لها ما تناقلته الصفحات، إلا أن ذلك يبدو واردًا كون مقاتلي الميليشيا كانوا سابقًا يقاتلون في صفوف المعارضة في مناطق ريف دمشق، وتم دمجهم ضمن مليشيات النظام بعد توقيعهم على ما يعرف بـ"المصالحة الوطنية".

من المرجح أنّ إقالة الأسد لوزير دفاعه فهد جاسم الفريج، وتعيين العماد علي أيوب بدلًا عنه، تأتي على خلفية معركة "بأنهم ظلموا"

وتعكس تصريحات إيفانوف قلق الضباط الروس من تقدم المعارضة في إدارة المركبات، لأهميتها الاستراتيجية، وجاءت برفقة مساعي موسكو ممارسة ضغوط على فصائل المعارضة لحضور مؤتمر سوتشي المزمع عقده برعاية روسية خلال الشهر الجاري، أي التقدم الأخير قد يجعل موسكو تؤخر موعد انعقاد الاجتماع ريثما يتمكن النظام من استعادتها، لأن هذا الانهيار من المحتم أن ينعكس سلبًا على مجريات المؤتمر.

اقرأ/ي أيضًا: مؤتمر "سوتشي" لهندسة خراب سوريا باللعنة الطائفية

هل لمعركة "بأنهم ظلموا" علاقة بإقالة وزير الدفاع؟

وفي هذا الإطار، يبدو مرجحًا أن مرسوم إقالة رئيس النظام السوري بشار الأسد، لوزير الدفاع فهد جاسم الفريج من عشيرة "الحديديين" المتواجدة في البادية السورية، وتعييّن العماد علي أيوب رئيس أركان قواته بدلًا عنه؛ كان من ضمن النتائج التي أسفر عنها تقدم المعارضة الأخير. ويحتمل أن تكون موسكو هي من تقف وراءه، وأنه جاء على خلفية الزيارة التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاعدة حميميم الجوية.

ويظهر أن هذا العلاقة مرجحة إذا ما نظرنا في التصريحات الصادرة عن إيفانوف فيما يتعلق بإقالة الفريج، حيثُ اعتبرها "خطوة مثالية، وهي في الاتجاه الصحيح"، ما قد يوضح أن موسكو تريد وزير دفاع قريبًا منها، وتستطيع من خلاله أن تدير العمليات العسكرية بمرونة أكثر من سلفه.

كما أن قوات النظام سمحت خلال الفترة السابقة لعناصر من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالانسحاب من ريف حماة إلى مناطق أخرى تخضع لنفوذ التنظيم، ويبدو أن ذلك لم يكن مقبولًا لدى الروس، لأن المنطقة التي سُمح لتنظيم داعش بالانسحاب منها، قد تُحدث خلايا التنظيم عبرها خرقًا في ريف حمص الشرقي المتداخل مع عمق البادية السورية، حيثُ تشهد مدينة تدمر تواجدًا مكثفًا للقوات الروسية بسبب قربها من حقول الغاز الطبيعي.

 ومن جهة أخرى فإن الفصائل المشاركة في عملية "بأنهم ظلموا" كانت من ضمن 40 فصيلًا وقعّوا –باستثناء هتش– الشهر الماضي، على بيان يرفض المشاركة في مؤتمر سوتشي، ما يشير إلى أن التقدم الأخير لفصائل المعارضة في مدينة حرستا التي تبعد بضعة كيلومترات عن مواقع النظام في قلب العاصمة دمشق، تأتي في إطار محاولات الضغط على النظام السوري بسبب قربها من أبرز معاقله.

لدى الفصائل المشاركة في "بأنهم ظلموا" آخر فرصة لتحقيق مكسب يمكن استخدامه سياسيًا في ظل انهيار دفاعات المعارضة بريف إدلب الجنوبي

لذا فإن الفصائل المشاركة في "بأنهم ظلموا" أمامهم فرصة أخيرة لتحقيق مكسب يمكن استخدامه من قبل المعارضة السياسية في ظل انهيار دفاعات الفصائل في ريف إدلب الجنوبي، لأن فشلها يعني أن المدنيين قد يشهدون عملية تهجير قسري جديدة للشمال السوري في منطقة الغوطة الشرقية التي فشل النظام باستعادتها على مدى الأعوام الخمس الماضية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تفاهمات الطغاة في الغوطة الشرقية..مصر السيسي في صف الأسد

حصار مطبق على الغوطة الشرقية.. وأطفالها يموتون جوعًا