23-سبتمبر-2016

محاولة لإسعاف أحد الجرحي بعد القصفي الأسدي على مناطق المعارضة في حلب (Getty)

على الرغم من تخصيص مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء الفائت، جلسة خاصة بالشأن السوري، للوصول بين الدول الأعضاء لحل يقضي بوقف إطلاق النار في عموم سوريا، لم تشر التطورات الميدانية إلى أن النظام السوري حاول الالتزام، أو حتى التهدئة، ريثما تنتهي العجلة الدبلوماسية داخل أروقة الاجتماع الأممي، إنما زاد من عملية استهدافه لمناطق سيطرة المعارضة، شمالي سوريا.

بعد يوم واحد من جلسة الأمن حول سوريا، أمطرت مقاتلات النظام السوري وروسيا مدينة حلب، بعشرات القنابل والقذائف ما أدى لمقتل 45 مدنيًا على الأقل

وكما كان متوقعًا، انتهت الجلسة المخصصة حول سوريا بتراشق الاتهامات، وارتفاع حدة التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، المتعلقة باستهداف النظام السوري لقافلة المساعدات الإنسانية في ريف حلب الغربي، والتي قضى على إثرها 12 متطوعاً من منظمة "الهلال الأحمر" السوري، وتعطيل وصولها إلى أحياء حلب الشرقية، حيث يقطن نحو 300 ألف مدني، قال عنهم رئيس النظام السوري بشار الأسد إنهم ينتمون لـ"مجموعات إرهابية"، وأكمل بعدها تعداد أنواع القنابل.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا ترامب هو مرشح الأحلام لداعش؟

واللافت أكثر من ذلك، كون الجلسة لم تصل لحل يرضي أي من الأطراف الدولية، وهو ما عكسته تصريحات رئيس مجموعة العمل حول المساعدات الإنسانية في سوريا، يان إيغلاند، في اليوم التالي من الجلسة، عندما ناشد الأسد قائلاً: "أرجو منك أن تقوم بما ينبغي للسماح لنا بالوصول إلى شرق حلب وإلى المناطق المحاصرة الأخرى"، ومؤكداً في ذات الوقت أن المواد الغذائية ستفسد يوم الأثنين القادم.

فعليًا تصريحات المسؤول الأممي، استبقها بشار الأسد في حوار مع وكالة "أسوشيتد برس"، عندما أعلن تنصل قواته من استهداف القافلة عينها، متهمًا قوات المعارضة بقصفها، وحمّلهم مسؤولية أمنها، وتأكيده ضمن الحوار على أكثر من نقطة، أولها عدم معرفته بأصحاب "القبعات البيضاء" المرشحين لجائزة نوبل للسلام، ونكرانه وجود المدنيين في أحياء حلب الشرقية، وأنه سيذهب إلى مدينة حلب قريبًا، وأخيرًا نفيه استخدام قواته للبراميل المتفجرة، لا بل تساءل عن ماهيتها.

وألحق الأسد مناشدة المسؤول الأممي، والجلسة المخصصة حول سوريا، بإعلان قواته بدء معركة استعادة السيطرة على مدينة حلب، وفق ما ذكرته وسائل إعلام تابعة لنظامه، حيث طالبت المدنيين بالابتعاد عن مواقع "المجموعات الإرهابية"، وأنها خصصت نقاطًا للمواطنين الراغبين بـ"تسوية أوضاعهم".

واستبقت قوات الأسد إعلان بدء المعركة، بتمهيد جوي وبري بمشاركة المقاتلات الروسية، خصيصًا وأن روسيا في الوقت الذي كانت تناقش داخل مجلس الأمن بحث تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، كانت حاملة طائراتها "الأميرال كوزنيتسوف" تتوجه إلى البحر المتوسط، لتدعيم قواتها المتواجدة في سوريا.

اقرأ/ي أيضًا: السيسي في الأمم المتحدة..لقاءات ورسائل وكوميكسات

ولاحقًا تطورت التصريحات المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا، وأهمها ما جاء على لسان رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، جوزيف دنفورد، الذي اتهم بشكل مباشر النظام السوري وروسيا باستهداف القافلة، وعدا ذلك يمكن مراجعة التقرير الذي نشره موقع "ديلي بيست" الأمريكي، بتاريخ 21 أيلول/ سبتمبر الحالي، ويروي فيه تفاصيل استهداف القافلة، ليدحض الادعاءات الروسية التي تقول إنها لم تكن موجودة في المنطقة.

حتى أن النظام السوري، استغل انشغال الدول الغربية بجلسة الأمن، ليكمل إفراغ حي "الوعر" الحمصي المحاصر من سكانه، وذلك بخروج الدفعة الأولى من مقاتلي المعارضة السورية، مع سلاحهم الخفيف وعوائلهم إلى ريف حمص الشمالي، أمس الخميس، بعد رفض الأمم المتحدة مرافقتهم إلى ريف إدلب، في ظل سياسة التغيير الديموغرافي التي ينتهجها في إفراغ المناطق المحاصرة من سكانها الأصليين.

وفي الوقت الذي تتمسك واشنطن بخيار استمرار الهدنة، وإصرارها على أنها "لم تمت"، خرج وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، ليعلن أن الأسد فاقد للشرعية، فيما لا تزال الأمم المتحدة تنتظر موافقته على إدخال المساعدات الإنسانية، رغم أن القانون الدولي لا يتضمن أي من هذه الإجراءات، لكن المنظمة العالمية تصر على موافقة الأسد، الذي التف على سؤال المساعدات الإنسانية في مقابلة الوكالة الأمريكية.

وقضت التصريحات الأخيرة بين قطبي الحرب الباردة، على الهدنة المتمسكة بها واشنطن، وذلك بعد رفض موسكو رسميًا، ما اقترحه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حول تعليق تحليق مقاتلات النظام السوري والروسي فوق مناطق المعارضة، وما قوبل من حديث جوزيف دنفورد، عندما أعلن أنه "ليس من الحكمة" تبادل المعلومات مع روسيا بشأن سوريا.

وبعد يوم واحد من جلسة مجلس الأمن، أمطرت مقاتلات النظام السوري وروسيا الأحياء الشرقية في مدينة حلب، بعشرات القنابل الفسفورية والقذائف المدفعية، ما أدى لمقتل 45 مدنيًا على الأقل، فيما يبدو ردًا على استهداف مقاتلات التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، مواقعًا لقوات النظام في مدينة دير الزور، السبت الفائت، والذي أعلن على إثره النظام السوري انهيار وقف إطلاق النار، وسط تأكيدات القيادة الأمريكية على أن روسيا أخبرتها أن المواقع المستهدفة تعود لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية".

اقرأ/ي أيضًا:

أشرف مروان..كيف تجاهلت إسرائيل جاسوسها الأثمن؟

ترامب يلحق بكلينتون في استطلاعات الرأي