18-نوفمبر-2017

أضرت حملة الاعتقالات ببورصة الرياض التي عرفت فترة صعبة مؤخرًا (رويترز)

خلّفت حملة الاعتقالات المفاجئة في السعودية، التي دشنها ولي العهد محمد بن سلمان تحت شعار "مكافحة الفساد"، هزات اقتصادية طالت السوق السعودي ووصلت ارتداداتها إلى بورصات المنطقة ككل في الشرق الأوسط، حيث تراجعت أسهم العديد من الشركات السعودية والخليجية، فيما بدأ المستثمرون من رجال الأعمال السعوديين والأجانب يشعرون بالقلق حيال استثماراتهم، بعدما شهدوا اعتقال أكثر من 200 شخص، بينهم أمراء ووزراء ورجال أعمال معروفين.

خلّفت حملة الاعتقالات المفاجئة في السعودية هزات اقتصادية طالت السوق السعودي ووصلت ارتداداتها إلى بورصات المنطقة ككل ولا تزال انعكاساتها متواصلة

اقرأ/ي أيضًا: اعتقالات الأمراء في السعودية.. كل شيء مباح لوصول "السفاح" للعرش

انهيار سوق الأسهم

وخلال الأيام القليلة التي تلت حملة الاعتقالات، سجل مؤشر تداول أسهم جميع الشركات السعودية انخفاضًا بمعدل %3,5، قبل دخول صناديق مرتبطة بالحكومة على الخط لمنع شيوع ذعر في الأسواق وحدوث مزيد من الخسائر، ليستقر انخفاض مؤشر التعاملات في الأخير بـ%0,7، حسبما أفادت به وكالة رويترز.

شركة المملكة القابضة، العائدة لصاحبها الأمير الوليد بن طلال الذي طالته حملة الاعتقالات، كانت من أبرز الشركات السعودية التي عرفت انهيارًا في أسهمها، حيث خسرت نحو %10 من قيمتها، لتهبط ثروة الأمير الوليد من 19 مليار دولار قبل احتجازه إلى أقل من 17 مليار دولار بعد القبض عليه، وكانت شركة الأمير بن طلال قد فقدت أرباحًا تقدر بـ700 مليون دولار خلال هذا العام.

كما تراجعت قيمة أسهم شركة الطيار السياحية، المملوكة لناصر بن عقيل المعتقل هو أيضًا، بنحو %10، وتسبب احتجاز الملياردير صالح كامل بانخفاض أسعار أسهم شركته "دله للرعاية الصحية" بأكثر من %2، بينما خسرت شركة "البحر الأحمر الدولية لبناء المساكن" حوالي %9.7 من قيمة أسهمها غداة اعتقال رئيس مجلس إدارتها عمر الدباغ، وكذا انخفضت أسهم الشركة الوطنية للتصنيع بنحو %1.3.

ولأن الأثرياء السعوديون يملكون نسبًا كبيرة من حصة العديد من الشركات الخليجية، فقد وصلت تداعيات الهزة السياسية في الرياض البورصات الخليجية، حيث انخفض مؤشر سوق مال دبي العام بحوالي %1.8، فيما هبط مؤشر بورصة الكويت بأكثر من %.2.8.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: السياسات السعودية.. تعزيز فرص انتقال السلطة وإعادة تشكيل المنطقة؟

قلق في أوساط المستثمرين

زعزعت قرارات بن سلمان الأخيرة ثقة المستثمرين في السعودية في وقت تحتاج فيه إلى الانفتاح الاقتصادي بعد الركود الكبير الذي تشهده البلاد منذ هبوط أسعار النفط

وتثير حملة الملاحقات الواسعة التي تنفذها السعودية قلق المستثمرين في الداخل والخارج، سيما بعد اعتقال العديد من رجال الأعمال والأثرياء البارزين، وتجميد أكثر من 1700 حساب بنكي داخلي في السعودية بطلب من البنك المركزي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زعزعة ثقة المستثمرين في المملكة السعودية، في وقت تحتاج فيه إلى الانفتاح الاقتصادي بعد الركود الكبير الذي تشهده البلاد منذ هبوط أسعار النفط.

ووفق ما نقلت صحيفة "الأندبندنت" البريطانية، فإن السعودية، ممثلة في لجنة مكافحة الفساد المنشأة، تقدمت حديثًا بطلبات إلى البنوك الخارجية بهدف الاستيلاء على ما يصل إلى 800 مليار دولار من الأصول من المعتقلين، كما أمرت دولة الإمارات، الحليف المقرب من المملكة العربية السعودية، بنوكها بتقديم تفاصيل الحسابات التي يحتفظ بها الأمراء المحتجزون وغيرهم من المواطنين السعوديين، وقامت بتجميد حوالي 19 حساب بنكي لسعوديين معتقلين.

ويحاول بن سلمان تغيير اقتصاد البلاد القائم على النفط، ضمن الخطة، المختلف على واقعيتها، المعروفة باسم "رؤية 2030"، وذلك من خلال إدخال ما يعتبرها "إصلاحات اقتصادية"، تشمل تنويع الاقتصاد السعودي وخفض تكاليف الرعاية الاجتماعية وإدخال الضرائب، بالإضافة إلى خصخصة الأصول المملوكة للدولة، وهذا ما يحصل مع شركة أرامكو السعودية، التي يواجه طرحها للاكتتاب العام مشاكل عدة.

ويرى محللون، من بينهم ستيفن هيرتوغ، الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد في لندن، أن حملات التطهير الواسعة التي تقوم بها الرياض قد تجلب مخاطر اقتصادية للمملكة، حيث يقول هيرتوغ إن "التحرك ضد الأمراء قد يكون منطقيًا،" لكن "التحرك ضد رجال الأعمال أكثر خطورة، لأن ذلك سيؤثر على الثقة العامة بالأعمال".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تباطؤ النمو الاقتصادي في السعودية.. "رؤية 2030" في مهب رياح الواقع

السعودية تطبّق رسوم مرافقي العمالة الوافدة.. وجه جديد لجباية الإفلاس؟