20-فبراير-2017

من تظاهرة في هولندا ضد زيارة لوبان (مارتن بيكيه/أ.ف.ب)

انحدر مستوى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أدنى مستوى أخلاقي لها بعد ظهور الكثير من الفضائح في حملات كل من دونالد ترامب وهيلاري كلينتون، ولكن كل هذا يبدو من التاريخ الآن بعد أن بدأت تمارين الإحماء في الانتخابات الفرنسية، فإذا كنت تعتقد أن الانتخابات الأمريكية منفرة وسامة فعليك متابعة المزيد من الفضائح في مثيلتها الفرنسية.

إذا كنت تعتقد أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية كانت منفرة وسامة فعليك متابعة المزيد من الفضائح في مثيلتها الفرنسية

على سبيل المثال فرانسوا فيون كان من المفترض أن يكون الرابح الأكيد في المواجهة بينه وبين مارين لوبان ولكنه تورط في كتابه أعذار خاصة، حيث إن زوجته، الأيرلندية المولد، متهمة بتجنب دفع الضرائب العائلية على الدخل، مقابل عملها كمساعدة له في حملته، لا شيء صادم مقارنة بمستويات الفساد الأوروبي، ولكنها كافية لعرقلة الزخم حول شعبيته.

اقرأ/ي أيضًا: تصريحات ماكرون تفتح جروح الماضي بين فرنسا والجزائر

مرشح يسار الوسط الأكثر معقولية إيمانيول ماكرون يقاتل من أجل مقاومة فضائحه الجنسية الدنيئة، وحتى وإن انتهى الأمر بكونها غير صحيحة فهي كافية لإهالة التراب على صعود نجمه في حملته الانتخابية.

من جانبه، فقد اعتذر فيون عما زعم أنه كان خطأ في التقدير فيما يتعلق بعمل زوجته، وتعهد بالمضي قدمًا، وقال إن الأمر برمته كان خطأ تم ارتكابه بحسن نية، وأن ذلك لا يشكك في قدرته على القيادة والمواصلة.

فيون الذي يعتقد أن الوصفة السحرية التي ستجعل فرنسا تمضي قدمًا، هو ذلك المزيج بين الشعبوية الديغولية (في إشارة لشارل ديغول)، والأسواق الحرة على الطريقة التاتشرية (في إشارة لاستراتيجية مارجريت تاتشر) حيث يخطط لخفض كبير في النفقات، وخفض الضرائب حال فوزه، ماركون على الجانب الآخر يريد لجميع الشركات التي عانت بعد البريكست وبعد فوز ترامب في الانتخابات أن تفتح سوقًا جديدًا مقرها باريس.

ومن باب الإنصاف، فإن كلًّا من الحلين يبدو طفوليلًا ومستحيلًا، نظرًا لثقافة العمل الفرنسي، والقوانين القائمة، ولكن المشكلة الأكبر أن الاستطلاعات تشير إلى تصدر مارين لوبان السباق الانتخابي وتفوقها على كلٍ من فيون وماكرون، حين تشير استطلاعات الرأي أن ماكرون هو المرشح لكي يهزم لوبان في النهاية.

مفتاح شعبية لو بان هو ذاته مفتاح شعبية ترامب والبريكست. لوبان صورت نفسها على أنها غريبة، واستخدمت "تكنيك" نجاح حملات ترامب والبريكست، فكان خطابها عن عظمة فرنسا وخليط من الحنين إلى الماضي والترهيب من الأجانب، لوبان نفسها "متزمتة" أكثر من البرسكتيين (الداعين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) ومن ترامب، نظرًا لعدائها الشديد للمسلمين، واليهود، والمهاجرين والأجانب والاتحاد الأوروبي نفسه كمشروع وجودي.

مفتاح شعبية لوبان هو ذاته مفتاح شعبية ترامب والبريكست، وكان خطابها عن عظمة فرنسا وخليط من الحنين إلى الماضي والترهيب من الأجانب

اقرأ/ي أيضًا: "بلال"..الحصان الأسود في انتخابات فرنسا المقبلة

لوبان أيضًا هي من أججت نار الاستقطاب العميق داخل المجتمع الفرنسي، والمد الشعبوي المتزايد داخل فرنسا، فهي تريد لفرنسا أن تخرج من الناتو، وأي تحالف أو ارتباط خارجي، وأن تخرج للعلن قانون تسجيل الأجانب العنصري البغيض، وأن تلغي الجنسية المزدوجة لمواطني الشعب الفرنسي، المثير للدهشة أن لوبان تحظى بدعم "الشباب" على عكس البريكست وترامب التي كانت ظواهر تعبئها الأجيال الأكبر سنًا وبعض الشخصيات العامة.

هبطت السندات الفرنسية إلى أدنى مستوياتها في عامين، كرد فعل على خوف الأسواق من نجاح لوبان في الانتخابات، فليس من الصعب التنبؤ أنه إذا حدث هجوم كبير في فرنسا في فترة ما قبل الانتخابات، مثل هجوم باتاكلان، فإنه من المؤكد أن لوبان ستفوز في الانتخابات.

لوبان التي أتت من خلفية مميزة، تزعم تعرضها للتمييز العنصري عندما كانت طفلة على أساس أن والدها كان يُعتبر من الفاشيين الجدد، وتعرض منزلهم لمحاولة تفجير. يبدو أنها تتمتع بأفضل ما يمكن أن تحصل عليه كونها تنتمي لحزب الجبهة الشعبية.

مع الأسف فإن هناك شيئًا من الحقيقة في كلماتها، فلعدة سنوات كانت تشكو من تفسخ المجتمع، وإدمان المخدرات، الحرق والتخريب الذي تعج به المدن الفرنسية، الدعارة، الجريمة والإهاب. لقد أرهف الفرنسيون السمع لفرنسا التي صورتها لوبان على أنها عظيمة حتى وإن كانت مضمحلة، وفي هذه المساحة فقد بدت تشبه رودريغو دوتيرتي أكثر من ترامب، على أساس أنها مثله تريد تنظيف فرنسا بدلا من تغييرها.

من غير الواضح كيف يمكن للاتحاد الأوروبي البقاء على قيد الحياة، إذا فازت.

اقرأ/ي أيضًا: 

هولاند..نهاية فاترة لرئيس ضعيف