05-سبتمبر-2022
أكبر احتجاجات في براغ منذ سقوط النظام الشيوعي (Getty)

أكبر احتجاجات في براغ منذ سقوط النظام الشيوعي (Getty)

شهدت العاصمة التشيكية، براغ، يوم السبت، مسيرات حاشدة تنديدًا بإدارة حكومة البلاد لملف الطاقة، وما يشوبه مؤخرًا من أزمة خانقة ارتباطًا بإيقاف روسيا صادراتها الطاقية إلى الدول الأوروبية. كما هتف المتظاهرون بشعارات مناهضة للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وأن تكون "التشيك أولاً"، بحسب ما لافتات عديدة رفعت خلال المسيرة.

يقول مراقبون إن مظاهرات براغ ليست سوى بداية لموجة احتجاجية قد تعم عددًا من الدول الأوروبية، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة أزمة الطاقة

وكان من أبرز الداعين للمظاهرة أحزاب أقصى اليمين والحزب الشيوعي التشيكي، والذين نجحوا في تعبئة أكثر من 70 ألف مشارك فيها، حسب تقديرات الشرطة التشيكية. وطالب المتظاهرون باستقالة الحكومة اليمينية الوسطية، متهمين إياها بخذلان طموحات الشعب التشيكي منذ توليها السلطة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كما حمَّلوها مسؤولية التضخم المتسارع الذي تعرفه البلاد والذي يهدد القدرة الشرائية لعموم المواطنين.

حيث قفز معدل التضخم في التشيك بأزيد من نصف نقطة منذ شهر تموز/يوليو المنصرم، ليبلغ 18% حسب بيانات مركز الإحصاء الأوروبي "يوروستات" لشهر آب/ أغسطس. ووفقًا لهذه الأوضاع الاقتصادية، وانعكاساتها الاجتماعية القاسية، واجه الائتلاف الحاكم في التشيك تحركات برلمانية لسحب الثقة، نجت منها خلال جلسة التصويت يوم الجمعة 2 سبتمبر/ أيلول بفارق ثماني أصوات عن المعارضة.

وعلَّق رئيس الوزراء التشيكي، بيتر فيالا، على مظاهرات براع، باتهامه المحتجين بالموالاة لروسيا. وقال فيالا إن المظاهرة نظمها "أشخاص موالون لروسيا قريبون من مواقف متطرفة، وتتعارض مصالحهم مع مصالح جمهورية التشيك"، وأنه من "الواضح أن حملات الدعاية والتضليل الروسية موجودة على أراضينا، وبعض الأشخاص يصغون إليها ببساطة".

في هذا السياق، يقول مراقبون إن مظاهرات براغ ليست سوى بداية لموجة احتجاجية قد تعم عددًا من الدول الأوروبية، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة أزمة الطاقة التي يعرفها الاتحاد. وبحسب استطلاع لمؤسسة "YouGov"، فإن بولندا هي المهددة الأكثر باندلاع اضطرابات اجتماعية، حيث 75% من مواطنيها مستعدون للاحتجاج ضد الأوضاع المعيشية، و63% مستعدون لخوض إضراربات. وتليها كل من فرنسا حيث يبدي 69% استعدادهم للتظاهر و65% للإضراب، ثم ألمانيا بـ 64% للتظاهر و44% للإضراب.

ووفق تقرير لصحيفة "دي فيلت" الألمانية، فإن المسيرة المناهضة للحكومة في براغ يمكن أن تلهم المعارضة الألمانية بأن تحذو حذو نظيرتها التشيكية. ويخشى السياسيون الألمان بشدة من توحيد قوى  اليسار واليمين المتطرفين، المتمثلة في "حزب اليسار" و"البديل من أجل ألمانيا"، غير الراضيين عن السياسة الطاقية للحكومة الألمانية و"تفضيلها الترويج لمصالح كييف على حساب المواطنين الألمان" حسب اعتقادهم.

وكان مفوض الفصيل اليساري لأوروبا الشرقية، عضو البوندستاغ سورين بيلمان، قد أعلن في وقت سابق عن عرض في لايبزيغ، يوم الاثنين، تحت شعار "خريف حار ضد البرد الاجتماعي"، حسب ما أورد التقرير المذكور. مضيفًا بأن وجوهًا من "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف يدفعون الحزب نحو للانضمام إلى احتجاج حزب اليسار بمظاهرة خاصة بهم في مكان قريب.

ويهدد أوروبا فقدان ما يعادل 40% من إجمالي وارداتها من الغاز التي كانت تأتي من روسيا، عقب الغزو الروسي لأوكرلنيا. هذا إضافة إلى وقفها استيراد الفحم الروسي الذي كان يغطي نصف حاجياتها من الفحم. وتنعكس هذه المصاعب في موجة تضخم واسعة تضرب الاقتصادات الأوروبية، والتي تخطى معدلها  الأوروبي العام، بحسب "يوروستات"، عتبة 9%. وإضافة إلى الارتفاع المتسارع لأسعار المواد الغذائية وفواتير الطاقة، تتسبب هذه الأزمة في ركود اقتصادي، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة وفقدان الشغل.

تنعكس المصاعب الطاقية في موجة تضخم واسعة تضرب الاقتصادات الأوروبية، والتي تخطى معدلها  الأوروبي العام، بحسب "يوروستات"، عتبة 9%

هذا وأقرت معظم دول الاتحاد الأوروبي، منذ يوليو/ تموز الماضي، خططًا لخفض استهلاك الطاقة. ومع ذلك تبقى المخاوف سائدة بخصوص شتاء قارس يهدد تلك البلدان، تنضاف إليها الاضطرابات الاجتماعية المرجحة للتوسع.