انطلاق انتخابات مجلس الشعب السوري.. غياب ثلاث محافظات وتمثيل نسائي محدود
5 أكتوبر 2025
تكتسب الانتخابات التشريعية السورية، التي انطلقت اليوم الأحد، طابعًا استثنائيًا، فهي أول انتخابات تُنظَّم منذ إسقاط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وتُجرى وفق نظام انتخابي غير مسبوق في البلاد هو نظام الانتخابات غير المباشرة.
وترافقها تحديات متعددة، أبرزها استبعاد ثلاث محافظات، السويداء والرقة والحسكة، من التمثيل مؤقتًا لأسباب وصفتها السلطات في دمشق بأنها "أمنية"، نظرًا لكون هذه المناطق لا تزال خارج سيطرة الحكومة.
إلى جانب ذلك، تثار تساؤلات حول معايير المشاركة والتمثيل والشمولية، ما يضفي على هذا الاستحقاق طابعًا معقدًا يتجاوز حدود الإجراء الانتخابي التقليدي.
وعلى هامش انطلاق العملية الانتخابية قال الرئيس الشرع أثناء اطلاعه على سير العملية إن "سوريا استطاعت أن تدخل، خلال بضعة أشهر قليلة، في عملية انتخابية تتناسب مع الظرف الذي تمر به".
1578 مرشحا يتنافسون على مقاعد مجلس الشعب
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها مع الساعة التاسعة لاستقبال الهيئات الناخبة المعنية بالتصويت على الأعضاء المترشحين، فأعضاء هذه الهيئات هم وحدهم من يحق لهم الترشح والتصويت.
ورصدت وسائل الإعلام المحلية والدولية وصول بعثات ديبلوماسية إلى دائرة الانتخابات في دمشق، وذلك للاطلاع على عملية سير انتخابات مجلس الشعب نظرًا لأهميتها إذ تعدّ محطة أساسية في المرحلة الانتقالية التي قد تستمر لخمس سنوات، سيتولى فيها مجلس الشعب اقتراح القوانين وإقرارها وتعديلها أو إلغاؤها، إضافةً إلى المصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة والعفو العام، فضلًا عن توليه تشكيل اللجنة المكلَّفة بصياغة دستور دائم لسوريا يعرَض على استفتاء شعبي، متى ما توفرت الظروف الأمنية المناسبة، على أن يُشفَع ذلك بتنظيم انتخابات عامة برلمانية وبلدية ورئاسية.
من المتوقّع أن يتم الإعلان عن نتائج انتخابات مجلس الشعب السوري في نفس اليوم الذي ينظّم فيه الاقتراع، وذلك نظرًا لمحدودية الهيئة الناخبة،
وبحسب القوائم المعتمدة من لجنة الانتخابات فإنّ 1578 مرشحًا سيتنافسون على 140 مقعدًا في مجلس النواب، في حين يتم تعيين الثلث المتبقي بمرسوم رئاسي يُصدره لاحقًا الرئيس السوري أحمد الشرع، حيث تتكون مقاعد المجلس من 210 مقاعد.
يشار إلى أنّ النساء مثّلن نسبة 14% فقط من المترشحين، وقد تباينت هذه النسبة بين محافظة وأخرى، فيما لم يُتح لنا التعرف على نسبتهنّ في الهيئة الناخبة التي تتكون من نحو 7000 عضو موزعين على 60 منطقة، ومهما يكن فإنّ هذه النسبة المحدودة مؤشر على التمثيل الذي ستحظى به المرأة في مجلس الشعب القادم، إذ لا يتوقّع أن يتجاوز 7% في أحسن الأحوال. وبما أنّ العملية الانتخابية كان متحكّمًا فيها بشكل كبير فقد كان بالإمكان رفع نسبة المشاركة والتمثيل بالنسبة للنساء السوريات.
في المقابل تتحدث لجنة الانتخابات عن تنوع كبير في الهيئات الناخبة التي تُشكِّل الكفاءات وأصحاب التخصّصات المُتنوعة فيها نسبة 70%، فيما تتشكّل النسبة المتبقية، 30%، من أعيان ووجهاء يُمثّلون شرائح اجتماعية واسعة.
وكان الرئيس السوري، أحمد الشرع، قد برّر اعتماد نظام الانتخابات غير المباشرة بأنّ سوريا تمرّ "بمرحلة انتقالية، لا تسمح بإجراء انتخابات عامة مباشرة بسبب الأوضاع الأمنية وضياع الوثائق ووجود العديد من السوريين خارج البلاج من دون وثائق"، مؤكدًا أنّ "هذه خطوة موقتة إلى أن تتوافر البيئة الأمنية والسياسية لإجراء انتخابات مباشرة يشارك فيها كل السوريين".
وأصدرت الرئاسة السورية شهر تموز/يوليو الماضي الوثيقة النهائية للنظام الانتخابي الذي تمت المصادقة عليه 27 آب/أغسطس. ويحدد ذلك النظام الشروط المتعلّقة بالعملية الانتخابية، والتي يجب توفّرها في أعضاء مجلس الشعب، واللجان المرتبطة بها، وكيفية الانتخاب.
وحدّد المرسوم الرئاسي ولاية مجلس الشعب بثلاثين شهرًا قابلة للتجديد مرة واحدة.
إعلان النتائج
من المتوقّع أن يتم الإعلان عن نتائج انتخابات مجلس الشعب السوري في نفس اليوم الذي ينظّم فيه الاقتراع، وذلك نظرًا لمحدودية الهيئة الناخبة، وإن كانت لجنة الانتخابات أفادت بإمكانية الاقتراع لساعات إضافية.
وذَكر المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، نوار نجمة، أن جميع التحضيرات اللوجستية والإدارية قد اكتملت لضمان سير العملية في أجواء منظمة تعكس روح المشاركة في مرحلة ما بعد الحرب.
كما أكد نجمة أن "التصويت بدأ في تمام الساعة التاسعة صباحًا"، مشيرًا إلى أن على أعضاء الهيئات الناخبة التوجه إلى مراكز الاقتراع "مصطحبين أوراقهم الثبوتية لاستلام بطاقاتهم الانتخابية من اللجان المختصة، ثم يتسلمون الورقة الانتخابية المختومة رسميًا من رؤساء اللجان الفرعية". وبعد استكمال هذه الإجراءات "يدخل الناخب إلى غرفة الاقتراع السرّي لتجهيز ورقته، ثم يُدلي بصوته بشكل علني داخل الصندوق وفق الإجراءات المعتمدة" وفقًا للتصريحات التي أدلى بها نجمة.
وأكّدت لجنة الانتخابات أن "صناديق الاقتراع ستفتح في نهاية العملية بحضور ممثلين عن اللجان والمرشحين ووسائل الإعلام، ليبدأ فرز الأصوات مباشرة بشكل علني، على أن تُعلن النتائج الأولية تباعًا عبر القنوات الرسمية ووسائل الإعلام المحلية".
وبعد الإعلان عن النتائج الأولية تتم إحالتُها إلى "لجان الطعون للنظر في أي اعتراضات تتعلق بآلية التصويت أو إجراءات الفرز، فيما ستُعلن النتائج النهائية خلال مؤتمر صحفي تعقده اللجنة العليا يومي الإثنين أو الثلاثاء المقبلين".