12-مايو-2023
Getty

التقديرات متضاربة حول مصير أصوات محرم إنجه في الانتخابات (Getty)

خرج محرم إنجه باكيًا بعد إعلان انسحابه من الانتخابات التركية الرئاسية، وذلك قبل ثلاثة أيام من موعد انعقادها، وذلك بعد أيام من "التشهير" به بحسب ما وصفه إنجه. المفاجئ في الانسحاب كانت شخصية إنجه العنيدة، مما جعل فكرة استسلامه غير متوقعة، لكنه انتهى للانسحاب، مؤكدًا على استمرار حزبه في الانتخابات البرلمانية.

النقاش الأبرز في تركيا حاليًا، هو السؤال عن مصير الأصوات التي كان سيحصل عليها محرم إنجه

المنافس السابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات 2018، كان مصرًا طوال الوقت على قدرته تحقيق الفوز، خلال الجولة الثانية من الانتخابات، لكنه استسلم للضغوط.

وقال إنجه في خطاب انسحابه، إنه "لم يشهد ما شهده خلال الـ 45 يومًا الماضية (منذ إعلان ترشحه) خلال السنوات الـ45 الماضية". مشيرًا إلى أنه تم التشهير به من خلال وثائق مزورة وصور ومقاطع مصورة.

.

واتهم إنجه جماعة غولن بالمسؤولية عن حملة التشهير به، والتي شارك فيها أنصار المعارضة، قائلًا: "لم يشهد أي سياسي في تركيا مثل هذه الحملة التشهير". كما اتهم محرم إنجه الدولة بـ "الإخفاق في حماية سمعته". وفي الوقت نفسه، أعلن الادعاء العام في أنقرة، عن فتح تحقيق في التشهير بإنجه.

وبعد اتهامات واسعة من قبل المعارضة لإنجه بتشتيت الأصوات لصالح أردوغان، قال إنجه خلال إعلان انسحابه: "لا عذر لهم إذا خسروا الانتخابات".

وأضاف إنجه، "لقد قاتلت ضد منظمة غولن الإرهابية؛ وضد حزب العمال الكردستاني. قاتلتُ كل يوم ضد حملة تشهير جديدة. لم أكن أدرك أنني أمتلك مثل هذه القوة".

وأكد إنجه استمرار حزبه في الانتخابات البرلمانية، مشيرًا إلى أن حزبه جزء مهم من مستقبل تركيا ويجب أن يكون في البرلمان، متابعًا: "يجب أن يكون أتاتورك في البرلمان".

الاسم سيبقى

لا يتوقع أنّ يتم سحب اسم محرم إنجه من الورقة الانتخابية المقررة من قبل الهيئة العليا للانتخابات، وذلك لأن الأوراق الانتخابية طبعت منذ فترة طويلة، ولا يمكن إعادة طبع أوراق الاقتراع الخاصة في الانتخابات الرئاسية، من أجل استثناء اسم محرم إنجه.

كما أن ورقة الاقتراع، قد استخدمت بالفعل، وربما حصل إنجه على الأصوات، خلال الانتخابات التي عقدت في خارج تركيا، وانتهت خلال الأيام الماضية.

من غير الواضح، كيفية احتساب الأصوات الخاصة بأنجه، وسقط تقديرات بأن يتم فرزها لصالحه، أو القيام باعتبارها أصوات ملغاة من قبل لجنة الانتخابات.

Getty

ماذا يعني انسحاب إنجه؟

على مدى الأشهر الماضية كان ينظر إلى ترشيح إنجه، باعتبارها يمثل تهديدًا لمرشح تحالف "الأمة" كمال كليجدار أوغلو، وذلك بحجة تشتيت أصوات المعارضة، حيث أن قاعدته الانتخابية ستسحب أصواتًا من حزبه السابق حزب الشعب الجمهوري، وترافق ذلك مع اتهامات لإنجه بالتواطؤ مع أردوغان، وهو ما استمر في نفيه، في خطابه الأخير، الذي أعلن فيه انسحابه، قائلًا: ""اعتقدوا أنني لا أستطيع سحب ترشيحي؛ زعموا أنني تلقيت راتبي من أردوغان مقابل ترشحي ولا يمكنني سداده، يمكنني السحب. أنا أفعل ذلك من أجل بلدي. أعطيت تركيا خيارًا ثالثًا ضد تحالفين، خيارًا خارج اليسار واليمين، حاولت النجاح، لكنني لم أستطع". 

وضمن جهود المعارضة لمنع ترشح إنجه بشكلٍ منفرد، طلب منه عدة مرات الانضمام لتحالف المعارضة التركية، المعروف باسم "الطاولة السداسية"، وهو ما استمر إنجه في رفضه.

وقبل إعلان إنجه الانسحاب بساعات، وجه كليجدار أوغلو دعوة لإنجه للانضمام إلى "تحالف الأمة"، عبر حسابه في تويتر، قائلًا: "دعوتي ما زالت قائمة. دعونا نضع المشاكل القديمة جانبًا. نرحب بالسيد إنجه على طاولة تركيا. من فضلك انضم".

Getty

أين ستذهب أصوات إنجه؟

في حديث مع صحيفة "العربي الجديد"، قال المحلل السياسي وعضو حزب العدالة والتنمية بكير أتاجان، إن انسحاب محرم إنجه من الانتخابات جاء لأسباب خارجية وداخلية، وأضاف إن "القريبين من جماعة الخدمة المحظورة، والذين يؤيدون زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، يعتقدون أن انسحابه سيكون لصالحه". 

وتابع "هذا المنطق غير ممكن لأن الشعب يدرك حقيقة العوامل المؤثرة الداخلية والخارجية لانسحاب إنجه، وهذه الأصوات لن تذهب لصالح كليجدار أوغلو". ويعتقد أتاجان أن معظم الأصوات المفترض أن تصوت لإنجه، ستذهب لصالح مرشح تحالف الأجداد سنان أوغان، قائلاً: "لو افترضنا أن لديه 10% من الأصوات، سيذهب 5% منها لصالح أوغان، و3 % لصالح أردوغان، و1.5 % لصالح كليجدار أوغلو".

من جهته، يقول المحلل السياسي التركي فايق بولوط،  في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "انسحاب إنجه من الانتخابات سيكون في صالح كليجدار أوغلو"، مؤكدًا أن "القاعدة المؤيدة لإنجه هي علمانية، ومعظم هذه القاعدة ستصوت لصالح مرشح المعارضة".

Getty

بدوره، يقول الكاتب والباحث في الشأن التركي سعيد الحاج، لـ"العربي الجديد"، إن "الأسلوب الذي تم والخطاب الذي قدمه إنجه يرجح أن يكون الأمر نتيجة ضغوط عليه، وابتزاز تعرض إليه، وتهديده بنشر تسجيلات فاضحة بحقه، أكثر من كونه صفقة سياسية مع كليجدار أوغلو، أو مع أي طرف آخر، وهذا الحديث يعني أن جزءًا كبيرًا من أنصار محرم إنجه الذين كانوا سيصوتون له، لن يصوتون لصالح كليجدار أوغلو، وربما يقاطعون الانتخابات أو تذهب أصواتهم لصالح المرشح سنان أوغان".

من جهتها، تقول الصحفية في موقع "خبر تورك" ناغيهان ألتشي، إن انسحاب محرم إنجه، يعني أن هناك إمكانية لحسم النتيجة في الجولة الأولى. وقالت في تغريدة عبر حسابها في تويتر: "لم يعد هناك خيار يوم 28 أيار/ مايو. في 14 أيار/ مايو الساعة 24.00 سيتم إعلان الرئيس الثالث عشر بالأغلبية المطلقة".

يشار إلى أن إنجه تحدث باستمرار، باعتباره مرشحًا مختلفًا عن كليجدار أوغلو وأردوغان في نفس الوقت، مؤكدًا على التمسك بـ"إرث أتاتورك".

المنافس السابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات 2018، كان مصرًا طوال الوقت على قدرته تحقيق الفوز

ماذا تقول استطلاعات الرأي؟

بحسب استطلاع للرأي، تظهر الأرقام الصادرة عن مؤسسة "Metropol" لاستطلاعات الرأي، أن حوالي نصف الأصوات التي حصل عليها إنجه، ستذهب لمرشح المعارضة كليجدار أوغلو، في حين ستذهب 20% من أصوات إنجه لصالح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

يشار إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أن نسبة التصويت لمحرم إنجه تتراوح ما بين 2% إلى 4% من أصوات الناخبين الأتراك.