27-أبريل-2019

يستمر ترامب في نهج الانسحاب من الاتفاقيات والمنظمات الدولية (Getty)

بعد الاضطرابات الداخلية والمشاكل المالية، وردود الأفعال العامة في أعقاب حوادث إطلاق النار الجماعية التي راح ضحيتها العشرات في الولايات المتحدة، رحبت الرابطة الوطنية الأمريكية للسلاح التي تضم أكثر من خمسة ملايين عضوًا بقرار دونالد ترامب الانسحاب من المعاهدة الدولية لتنظيم الأسلحة. بينما قال ترامب الذي كان أول رئيس يحرص على حضور المؤتمر السنوي للرابطة لثلاث سنوات متتالية، في حشد جمع الآلاف في استاد لوكاس أويل، حيث ارتدت الجموع القبعات الحمراء: "حكومتي لن تصادق أبدًا على معاهدة تجارة الأسلحة التابعة للأمم المتحدة". متابعًا: "نحن نعيد توقيعنا. ستتلقى الأمم المتحدة قريبًا إشعارًا رسميًا بأن أمريكا ترفض هذه المعاهدة"، قبل أن يرفع رسالة إلى الكونغرس لوقف المصادقة على الاتفاقية أمام الحشد، قاذفًا بقلمه إلى الجمهور بحركة سينمائية!

منذ توليه منصبه، وافق ترامب على قرارات بالجملة تسحب الولايات المتحدة من اتفاقيات دولية عديدة، فيما بدا تعزيزًا لنهج الانعزالية الذي يتبناه

تعود أصول المعاهدة التي تحدد القواعد الدولية لمبيعات ونقل كل المعدات العسكرية من الأسلحة الصغيرة إلى الطائرات والسفن الكبيرة، إلى إدارة جورج دبليو بوش. حيث تم التفاوض على الاتفاقية تحت رعاية الأمم المتحدة وتم توقيعها في عام 2013 تحت قيادة الرئيس باراك أوباما، ولكن لم يتم التصديق عليها من قبل المشرعين الأمريكيين.

اقرأ/ي أيضًالعنة المادة 25 من الدستور الأمريكي تطارد ترامب.. هل يُعزل من منصبه قريبًا؟

تسعى المعاهدة إلى منع عمليات النقل غير المشروع للأسلحة التي تغذي النزاعات المدمرة، مما يجعل من الصعب القيام بالمبيعات التي تنتهك هذه المعايير. وقد صادقت على المعاهدة حوالي 100 دولة، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، في حين أن أكثر من 30 دولة أخرى وقعت ولكن لم تصادق. أما الدول التي رفضت المعاهدة فتشمل روسيا وكوريا الشمالية وسوريا.

في هذا السياق، أعلن الرئيس الأمريكي في خطابه أنه سيلغي توقيع الولايات المتحدة الأمريكية، على نصوص هذه المعاهدة والتزامات واشنطن إزاءها، مضيفًا أنه "تحت إدارتي، لن نقوض السيادة الأمريكية لصالح أيًا كان، ولن نسمح أبدًا للبيروقراطيين الأجانب أن يدوسوا على حرية التعديل الثاني (مشيرًا إلى  الدستور الأمريكي).

فلنجعل أمريكا عظيمة من جديد!

تزعم الرابطة الوطنية الأمريكية للسلاح وغيرها من معارضي هذه الاتفاقية أنها غير فعالة، وأنها تقوض السيادة الأمريكية بإملاءات خارجية، والأهم من ذلك أنها تشكل تهديدًا لحقوق التعديل الثاني للأمريكيين من خلال تعريض الملكية المحلية للأسلحة لقواعد تمت صياغتها دوليًا.

وقد أشاد كريس كوكس، المدير التنفيذي لمعهد العمل التشريعي في الرابطة بالقرار في بيان نقلته صحيفة الغارديان، قائلًا إنه "أعطى الرابطة سببًا آخر لدعمهم بحماس لرئاسته". وتابع: لقد حاول باراك أوباما وجون كيري إجبارنا على قبول السيطرة الدولية على السلاح تحت سلطة الأمم المتحدة، لكن دونالد ترامب قال: ليس في وجودي".

من جهة ثانية، فقد أثارت هذه الخطوة بطبيعة الحال انتقادات حادة، حيث قال بوب مينينديز، كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن "هذا قرار آخر قصير النظر يعرض أمن الولايات المتحدة للخطر بناء على افتراضات كاذبة ومخاوف. في حين أن الأمريكيين من جميع مناحي الحياة أصبحوا يفهمون بشكل مؤلم التهديد الذي يمثله عدم القيام بما يكفي لمنع الأسلحة من أن تنتهي في الأيدي الخطأ، فمن المقلق أن نرى هذه الإدارة تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ضد التقدم الطفيف الذي أحرزناه لمنع عمليات نقل الأسلحة غير المشروعة". وأضاف أن مجلس الشيوخ فشل حتى الآن في الموافقة على المعاهدة بسبب خوف الجمهوريين من رد الفعل من قبل الجيش الجمهوري، وهذا تذكير آخر بأنه إذا كنا نحاول السعي إلى إحداث تغير ما من خلال اتخاذ نوع من الخطوات المنطقية، غير المعتادة، لوقف العنف المسلح والحفاظ على سلامة الناس، يجب أن نتوقف عن السماح لرابطة السلاح الوطنية بالتحكم في جدول الأعمال في واشنطن.

بدوره قال توماس كونتريمان، المسؤول السابق بوزارة الخارجية والذي شغل منصب المفاوض الرئيسي للمعاهدة في عهد أوباما، إن قرار "إلغاء التوقيع" على المعاهدة سيكون "خطوة خاطئة أخرى من جانب إدارة ترامب التي تهدد بجعل العالم أقل أمانًا".

وتابع في بيان "إنه لأمر محزن، ولكنه من المتوقع أن يعارض هذا الرئيس الجهود الرامية إلى مطالبة الدول الأخرى بالوفاء بالمعايير العالية لقرارات التصدير العسكرية الأمريكية".

ترامب عدو الاتفاقيات الدولية

تضيف هذه الخطوة سطرًا آخر إلى القرارات السابقة، التي تؤكد شكوك ترامب في التجمعات والاتفاقيات الدولية التي يقول إنها يمكن أن تقوض السيادة الأمريكية.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب.. النسخة الأكثر فشلًا من نيكسون

منذ توليه منصبه، وافق ترامب على قرارات بالجملة تسحب الولايات المتحدة من اتفاقيات دولية عديدة، منها اتفاق باريس للمناخ في مطلع حزيران/يونيو من العام الماضي، وتبعها إعلانه الانسحاب من المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وانسحابه من المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في  تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي أيضًا، ثم انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني في 8 أيار/مايو من نفس العام. هذا بالإضافة إلى انتقاده للمحكمة الجنائية الدولية في حالة اتخاذها أي إجراء ضد بلاده أو ضد إسرائيل.

يضبف الانسحاب من اتفاقية السلاح سطرًا آخر إلى القرارات السابقة، التي تؤكد شكوك ترامب في التجمعات والاتفاقيات الدولية التي يقول إنها يمكن أن تقوض السيادة الأمريكية

وقد استغل ترامب هذه المناسبة ليهاجم منتقديه من الديمقراطيين الذين وصفهم على حسب ما نقلت الغارديان البريطانية  بأنهم "مهووسون بالخداع والأوهام والصيد في الماء العكر. وأنه يمكننا أن نلعب اللعبة بشكل جيد أو أفضل منهم". مشيرًا إلى تحقيقات مولر التي لم تسفر عن إدانته بشكل كامل في موضوع تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية عام 2016.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ترامب.. خطر على الصحافة والرئاسة معًا

هل ستصمد الديمقراطية أمام شعبوية ترامب؟