نزل خبر استشهاد الإعلامية شيرين أبو عاقلة كالصاعقة على محبيها ومتابعيها، وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي في العالمين العربي والإسلامي بالتغريدات والتعليقات المعبّرة عن الحزن والغضب لاستشهادها، مستذكرين مآثر وتضحيات مراسلة الجزيرة في فلسطين المحتلة منذ عام 1997، التي لعبت دورًا كبيرًا في نقل معاناة الفلسطينيين إلى العالم على امتداد العقود الثلاثة الأخيرة، وتوثيق جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
شذّت بعد الجهات الإعلامية والرسمية عن الإجماع العربي، فكانت تعليقاتهم على استشهاد شيرين أو تغطيتهم للخبر منحازة ولا ترقى للمستوى المطلوب، وتراوحت بين تجهيل الفاعل وبين تبني الرواية الإسرائيلية
المؤسسات الإعلامية في العالمين العربي والإسلامي وفي المجتمعات المؤيدة للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى المواقع الإلكترونية الإخبارية، والمنتديات ومجموعات الناشطين، أدانوا بغالبيتهم العظمى ما اعتبروه الاغتيال الوحشي لشيرين أبو عاقلة بدم بارد على مرأى من العالم، ودعوا إلى محاسبة الاحتلال الاسرائيلي الذي لا يسلم من جرائمه حتى الصحفيين الذي يلبسون السترات التي تشير إلى مهنتهم، في وقت شذّت بعد الجهات الإعلامية والرسمية عن الإجماع العربي، فكانت تعليقاتهم على استشهاد شيرين أو تغطيتهم للخبر منحازة ولا ترقى للمستوى المطلوب، وتراوحت بين تجهيل الفاعل وبين تبني الرواية الإسرائيلية، متماهين في ذلك مع الإعلام الغربي الذي اعتاد الوقوف ضد الفلسطينيين وقضيتهم.
بيان الخارجية المصرية يتجنب الإشارة إلى القاتل
الخارجية المصرية أدانت اغتيال شيرين أبو عاقلة، لكن البيان الذي صدر عنها لم يأتِ على ذكر إسرائيل لا من قريب ولا بعيد، واكتفى باستخدام لغة فضفاضة، إذ اعتبر السفير أحمد الحافظ المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن تلك الجريمة بحق الصحفية الفلسطينية خلال تأدية عملها تُعدّ انتهاكًا صارخًا لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني وتعدّيًا سافرًا على حرية الصحافة والإعلام والحق في التعبير.
الإعلامي جعفر عبد الكريم مقدّم برنامج " جعفر توك " الذي تعرضه قناة " دويتشه فيله " الألمانية، نقل عبر صفحته على توتير، عن وزارة الصحة الفلسطينية إفادتها بأن شيرين أبو عاقلة قتلت على يد الجيش الإسرائيلي، وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي شكّك بالرواية الفلسطينية، وقد لاقت التغريدة انتقادات واسعة من المتابعين، بسبب استخدام جعفر عبد الكريم مصطلح " جيش الإسرائيلي" بدلًا من جيش الاحتلال، كما اعتبروا أن إشارته إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي شكّك بالرواية الفلسطينية، لم تكن في مكانها.
أفادت باستشهاد مش مقتل .. شوي فكر راقي واحترام لروحها... ربنا يرحمها ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته ... شهيدة فلسطين الحرة pic.twitter.com/gleFoCO2di
— Ranoosh🇵🇸✌ (@RanaSa1983) May 11, 2022
المغرّدة رنا شاركت تغريدة وزارة الصحة الفلسطينية التي اعتبرت فيها شيرين أبو عاقلة " شهيدة "، على تغريدة جعفر عبد الكريم الذي استخدم مصطلح " مقتل " ونسبه لوزارة الصحة، فيما توجه المغرّد حازم يونس إليه بالقول: " عزيزي بفهم “مهنيتك” بخصوص كلمة شهيد وقتيل، بس شو بخصوص “الجيش الإسرائيلي” حسب القانون الدولي والأخلاقي هذا جيش الاحتلال والقتل تم في الضفة الغربية التي تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي! حقك تخاف على لقمة عيشك، بس وين المهنية بوصف جيش يحتل وطن!
عزيزي بفهم “مهنيتك” بخصوص كلمة شهيد وقتيل، بس شو بخصوص “الجيش الاسرائيلي” حسب القانون الدولي والاخلاقي هذا جيش الاحتلال والقتل تم في الضفة الغربية التي تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي! حقك تخاف على لقمة عيشك، بس وين المهنية بوصف جيش يحتل وطن!
— Hazem Youness (@Hazemedia) May 11, 2022
واعتبر المغرّد كريم سيف الدين أن جعفر توك خالف أصول الاحترافية في نقل الخبر، وأن تحريف بيان وزارة الصحة الفلسطينية يعدّ انحيازًا أو على أقل تقدير، قلة مهنية، وأن عدم التأصيل للحادثة زمنيا و موضوعيا، خطأ جسيم، وعدم تحديد الأطراف حاملي السلاح الناري في مكان الحادث هو تدليس، بحسب تعبيره.
إن كنت تنقل عن مصدر، فيجب أن تذكر النص كما كُتب أو تعيد صياغته.
أي تحريف في النص يصنف إنحياز و علي أقل تقدير، قلة مهنيه.عدم التأصيل للحادثة زمنيا و موضوعيا، خطأ جسيم.
عدم تحديد الأطراف حاملي السلاح الناري في مكان الحادث هو تدليس.
الفاعل إسرائيل، الشهيده أبو عاقله، المدلس أنت.
— Karim Salah Eldin (@Karimsalaeldin) May 11, 2022
قناة LBC التلفزيونية اللبنانية وصفت من خلال صفحتها على توتير، شيرين أبو عاقلة بشهيدة الصحافة التي " استشهدت أثناء تغطية صحفية في الضفة الغربية"، بدون أية إشارة أو اتهام إلى جيش الاحتلال الذي أطلق النار عليها عمدًا، الأمر الذي استدعى بدوره ردودًا مندّدة من متابعي الصفحة، فكتب المغرد وسام جلّوس : " غريب لهلق LBC ما عرفت مين المجرم يلي اغتال الشهيدة شيرين ما عم تجيب سيرتو لاكثر عدو مجرم على وجه الكوكب المجرم الاسرائيلي عرفتو مين قتلها للزميلة شيرين.
شهيدة الصحافة الزميلة #شيرين_أبو_عاقلة التي استشهدت أثناء تغطية صحافية في الضفة الغربية
وداعاً شيرين أبو عاقلة... فلترقد روحك بسلام! #LBCILebanon pic.twitter.com/JS1r7uSh4b— LBCI TV (@LBCILebanon) May 11, 2022
غريب لهلق LBC ما عرفت مين المجرم يلي اغتيل الشهيدة شيرين ما عم تجيب سيرتو لاكثر عدو مجرم على وجه الكوكب المجرم الاسرائيلي عرفتو مين قتلها ل ( الزميلة شيرين ) !!! https://t.co/8LmQ3zk6BE
— wissam jallous (@JallousW) May 11, 2022
الإعلام العالمي يتبنى رواية الاحتلال
إذا كان عدد من وسائل الإعلام والإعلاميين بالإضافة إلى البيانات الرسمية في العالم العربي، غطّت خبر استشهاد شيرين أبو عاقلة بطريقة مبهمة جهّلت الفاعل واستخدمت لغة فضاضة، فمن الطبيعي والبديهي إذًا أن لا يجد استشهاد شيرين الإنصاف في الصحافة في العالمية.
وكالة أسوشيتيد بريس ذكرت أن " مراسلة الجزيرة قًتلت خلال مداهمة إسرائيلية في الضفة الغربية"، بدون أن تحدد الجهة التي أطلقت النار عليها، كما اكتفت الوكالة بنقل وجهة نظر الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين، ومن بينها تصريح لوزير الحرب بيني غانتس الذي وعد بإجراء " تحقيق شفاف بالحادثة "، كما نقلت عن جيش الاحتلال اعتقاده أن " أبو عاقلة ربما تكون قتلت بنيران طائشة من الفلسطينيين".
كذلك عمدت فرانس 24 إلى تجهيل الفاعل، وعنونت تغطيتها للخبر بـ " مقتل مراسلة الجزيرة خلال تغطيتها هجوم إسرائيلي في الضفة الغربية "، كذلك عمدت الوكالة إلى الترويج للرواية الإسرائيلية، ونقل تصريح رئيس الوزراء نفتالي بينيت الذي قال فيه إنه يرجُح أن تكون شيرين " قتلت برصاص فلسطيني"، بالرغم من أن مصور " أ.ف.ب " الذي كان متواجدًا في المكان الذي استشهدت فيه شيرين، أكد أنه لم يشاهد أي فلسطيني يحمل السلاح في المكان قبيل إطلاق النار عليها.
ولم تختلف الحال في باقي الوكالات الصحف العالمية، مثل " بي بي سي "، نيويورك تايمز وغيرها، حيث استخدمت بمعظمها اللغة نفسها، ونقلت الخبر إلى متابعيها وقرائها بطريقة تخدم مصالح الاحتلال ووجهة نظره.