31-يناير-2025
منعت سلطات الاحتلال أم ناصر أبو حميد من زيارة أبنائها المبعدين (منصة إكس)

منعت سلطات الاحتلال أم ناصر أبو حميد من زيارة أبنائها المبعدين (منصة إكس)

 

في خطوة أثارت غضبًا واسعًا، منعت السلطات الإسرائيلية عائلات الأسرى الفلسطينيين المبعدين من الضفة الغربية من السفر إلى مصر للقاء أبنائها، في انتهاك واضح لشروط اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة.

يأتي هذا الإجراء ضمن سلسلة من الممارسات الإسرائيلية التي تضع عراقيل أمام لمّ شمل الأسرى المحررين بعائلاتهم، رغم تعهدات تل أبيب خلال مفاوضات وقف إطلاق النار بالسماح لهم بزيارتهم.

عائلات الأسرى المبعدين أكدت أنها تلقت وعودًا بأن تسهيل سفرها للقاء أبنائها كان جزءًا من الاتفاق، غير أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بهذه التعهدات، بل منعهم من السفر وتعمد إهانتهم

 

إبعاد الأسرى رغم الاتفاق

تم الإفراج عن هؤلاء الأسرى ضمن الدفعة الثانية من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي أُبرم في 19 كانون الثاني/يناير الجاري. وقامت إسرائيل بإبعاد 70 أسيرًا من بين 200 أُطلق سراحهم إلى خارج فلسطين، مدعية أنهم يشكلون "تهديدًا أمنيًا".

عائلات الأسرى المبعدين أكدت أنها تلقت وعودًا بأن تسهيل سفرها للقاء أبنائها كان جزءًا من الاتفاق، غير أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بهذه التعهدات، بل منعهم من السفر وتعمد إهانتهم.

 

 

وقال ناجي أبو حميد، شقيق الأسرى الثلاثة المحررين نصر وشريف ومحمد، في حديث لموقع "ميدل إيست آي" من رام الله:"حاولنا أنا ووالدتي السفر عبر معبر الكرامة للقاء إخوتي، لكن المخابرات الإسرائيلية منعتنا واحتجزتنا لساعات في غرفة الانتظار. بعدها جاء ضابط إسرائيلي وأهاننا، ثم طردنا من المكان".

وأضاف أبو حميد: "لقد أذلونا بحجة الإجراءات الأمنية، ثم أخبرونا أننا ممنوعون من السفر. حاولنا التواصل مع هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، لكن دون جدوى".

يُذكر أن الأشقاء الثلاثة قضوا أكثر من 20 عامًا في السجون الإسرائيلية، حيث حُكم عليهم بالسجن المؤبد، فيما توفي شقيقهم ناصر في المعتقل عام 2022، ولا تزال إسرائيل تحتجز جثمانه. كما لا يزال شقيقهم إسلام يقضي حكمًا بالسجن المؤبد منذ اعتقاله عام 2018، بينما استشهد شقيقهم عبد المنعم برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1994.

 

إهانات وتهديدات لعائلات الأسرى المبعدين

في الوقت الذي وصل فيه الأسرى المبعدين إلى مصر عبر معبر كرم أبو سالم، السبت الماضي، لم يُسمح لعائلاتهم بالسفر لملاقاتهم، في تصعيد جديد لسياسات الاحتلال تجاه الأسرى وذويهم.

وكانت عائلة الأسير المحرر إياد المسالمة من الخليل تنتظر إطلاق سراحه بفارغ الصبر، إذ اعتُقل عام 2002 وحُكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات، ما يعادل 396 عامًا. لكن السلطات الإسرائيلية قررت ترحيله خارج فلسطين، وعلى الرغم من ذلك، اقتحمت قوات الاحتلال منزله عدة مرات قبل الإفراج عنه، وهددت عائلته لمنعها من الاحتفال بتحرره، كما اعتقلت ابنة شقيقته وابن عمه بحجة تعليقهما صورًا له على المنزل.

 

وقال شقيقه محمود لـ"ميدل إيست آي": "حاولنا السفر عبر معبر الكرامة، لكن الجنود الإسرائيليين أهانونا وأعادونا من المعبر. أحد الضباط الإسرائيليين قال لنا بعد أن جعلونا ننتظر أكثر من ثلاث ساعات: أنتم ممنوعون من السفر، وكان يجب على إياد أن يموت في السجن. أمثاله لا ينبغي أن يُفرج عنهم، والقادة السياسيون الإسرائيليون ارتكبوا خطأً بالسماح بخروجه".

وأوضح محمود أنه يسافر باستمرار إلى مصر لزيارة أبنائه الذين يدرسون الطب هناك، لكنه مُنع هذه المرة من السفر للقاء شقيقه المحرر.

وأضاف: "والدانا كبار في السن وكانا ينتظران هذه اللحظة منذ سنوات. لكننا لم نرغب في أن نعرضهما لعناء السفر بلا جدوى، لذا ننتظر السماح لنا بالذهاب".

 

إصرار على السفر رغم العراقيل

ورغم كل الإجراءات القمعية التي تواجهها عائلات المبعدين، فإنها تُصرّ على محاولة السفر مجددًا للقاء أبنائها بعد سنوات طويلة من الأسر في السجون الإسرائيلية.

وقال محمود: "أخبرت الضابط الإسرائيلي، إذا لم تسمحوا لنا بالسفر، فسوف نغادر بنفس الطريقة التي خرج بها الأسرى من سجونكم".

يُعتبر منع العائلات من السفر لملاقاة ذويهم ترحيلًا قسريًا غير معلن، وانتهاكًا واضحًا لاتفاقيات جنيف والقوانين الدولية التي تحظر نقل السكان قسرًا أو عزلهم عن ذويهم. ويرى مراقبون أن سياسة إسرائيل في منع الأسرى الفلسطينيين المحررين من العودة إلى وطنهم تهدف إلى تقويض أي اتفاقات تهدئة مستقبلية.