انتقام الاحتلال الإسرائيلي من نشطاء أسطول الصمود.. تعذيب وإذلال وحرمان من أبسط الحقوق
5 أكتوبر 2025
بدَأت الشهادات تتواتر حول تعرّض نشطاء أسطول الصمود العالمي للإذلال وسوء المعاملة في السجون الإسرائيلية التي غادرها بعضهم، أمس السبت، بعد نقلِهم على متن رحلة إلى تركيا حملت نحو 137 من النشطاء الذين قرروا كسر الحصار المفروض على غزة منذ 18 عامًا، وإيصال المساعدات الانسانية إلى أكثر من مليوني محاصر يعانون من ويلات حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي توشك على دخول عامها الثالث.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعترضت سفن أسطول الصمود قرب مياه قطاع غزة، واقتادتهم إلى ميناء عسقلان وهناك تعرّضوا لبذاءات وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الذي وصفهم بالإرهابيين الداعمين لحماس، متوعدًا بإدخالهم السجن وبأن يلقوا الحد الأدنى من كل شيء في سجون الاحتلال تمامًا كالأسرى الفلسطينيين.
ويتكون أسطول الصمود العالمي من أكثر من 40 قاربًا وسفينة، كان يوجد على متنها أكثر من 450 ناشطًا ينتمون لجنسيات أوروبية وآسيوية وعربية وإفريقية ومن أميركا اللاتينية وكندا والولايات المتحدة.
غريتا تونبرغ حُرمت من الماء والحمام والأدوية، كما حُرمت من النوم بإجبارها على أسطح صلبة، كما كان السرير الوحيد المخصّص لها مليئًا بالبق والحشرات بهدف إصابتها بالأمراض
ويحمل النشطاء الذين وصلوا إلى تركيا جنسيات مختلفة، إذ كان من بينهم 36 مواطنًا تركيًا، إضافة لمواطنين من الولايات المتحدة وإيطاليا وسويسرا وتونس والجزائر وموريتانيا والمغرب والأردن.
إهانة الناشطة البيئية المعروفة غريتا تونبرغ
عاملت إسرائيل الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ معاملة سيئة، حاول من خلالها الاحتلال إذلال وإهانة الفتاة العشرينية المعروفة بتأييدها القوي للفلسطينيين ومواقفها المنددة بالاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، ووجد الاحتلال الفرصة مناسبة لعقاب الناشطة السويدية التي اقتادها رفقة النشطاء الآخرين من على متن سفن الأسطول إلى غرف التحقيق والاعتقال.
ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان من الناشطين قولهم إن تونبرغ تلقت معاملة سيئة، كما أكد ذلك مسؤول من السفارة السويدية زار الفتاة في معتقلها، وأفاد شهود العيان بأن تونبرغ "حُرمت من الماء والحمام والأدوية، كما حُرمت من النوم بإجبارها على أسطح صلبة، كما كان السرير الوحيد المخصّص لها مليئًا بالبق والحشرات بهدف إصابتها بالأمراض". ولم يكتف الاحتلال بهذه الممارسات العقابية العنيفة بل أضاف لها أخرى مهينة رمزيًا، حيث أجبرت الناشطة على التصوير مع علم الاحتلال.
ونقلت رويترز عن الناشط الأميركي ويندفيلد بيفر، والناشطة الماليزية هزواني حلمي قولهما في مطار إسطنبول الدولي: "شاهدنا تونبرغ تعامل معاملة سيئة، وقد دُفعت وأجبرت على ارتداء العلم الإسرائيلي". وأضافت هزواني، البالغة من العمر 28 عامًا، "كانت كارثة. عاملونا كالحيوانات، فلم يقدموا لنا طعامًا أو ماءً نظيفًا، كما صادروا منا الأدوية والمتعلقات الضرورية".
كما أكد الناشط الأميركي بيفر أنّ المعاملة التي عوملت بها تونبرغ كانت سيئة للغاية، فقد استخدموها "كأداة دعائية، ودُفعت إلى غرفة سيئة لدى وصول وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير".
يشار إلى أن إسرائيل سبق وأن اعتقلت الناشطة السويدية المعروفة غريتا تونبرغ من على متن سفينة مادلين حزيران/يونيو الماضي، عندما كانت تحاول كسر الحصار عن غزة.
وتعدّ الناشطة السويدية من أكثر الشخصيات الحقوقية شهرة في الوقت الحالي، كما يُنسب إليها الفضل في الرفع من مستوى الوعي العالمي بمخاطر التغيرات المناخية ومحاسبة الدول وصنّاع القرار على عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تفاقم أزمة المناخ. ورشّحها بعض النشطاء لنيل جائزة نوبل للسلام على جهودها في حماية البيئة ومناصرة القضايا العادلة.
وتتعرض الناشطة السويدية لحملة تشويه قوية من طرف إسرائيل وأبواقها الدعائية بسبب تمسكها بموقفها المناصر للفلسطينيين، لتصبح بذلك إحدى أبرز الشخصيات الداعمة للقضية الفلسطينية عالميًا.
وما دامت هذه الإساءة قد حدثت مع تونبرغ، بالرغم من كونها أوروبية وناشطة عالمية معروفة، فليس من المستغرب أن يتعرض بقية النشطاء للمعاملة السيئة أيضًا، وذلك ما أكّدته البرلمانية الإيطالية المشاركة في الأسطول بينيديتا سكوديري التي قالت: "تم إيقافنا بوحشية، وأخذنا رهائن بوحشية".
كما أكدت "منظمة عدالة" الإسرائيلية التي تقدم المساعدة القضائية لأعضاء الأسطول أنّ النشطاء المشاركين في محاولة كسر الحصار "حرموا من الحصول على الماء والأدوية، وكذلك استخدام المراحيض"، كما حرموا من حقهم القانوني في الحصول على محامين.
وأضافت المنظمة الإسرائيلية، في بيان صادر عنها، أنه جرى أيضًا "إجبار النشطاء على الركوع وأيديهم مقيدة بأشرطة بلاستيكية لخمس ساعات على الأقل، بعد أن هتف بعض المشاركين بشعار الحرية لفلسطين".
يشار إلى أن بعض الناشطين لا يزالون في المعتقلات الإسرائيلية، ومن بين هؤلاء 15 إيطاليًا، بحسب بيان للخارجية الإيطالية، ومن المتوقع أن يتم ترحيل المتبقين خلال الأيام القادمة نحو دولهم.
وقال وزير الخارجية الإيطالي إنه أصدر تعليماته مجددا إلى السفارة بتل أبيب "للتأكد من تلقي بقية المواطنين معاملة تحترم حقوقهم"، فيما قال النائب المشارك في الأسطول أرتورو سكوتو، خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة روما: "من تصرفوا بشكل قانوني هم من كانوا على متن تلك القوارب أما الذين تصرفوا بشكل غير قانوني فهم أولئك الذين منعوا وصولهم إلى غزة".