قال الرئيس الأميريكي، جو بايدن، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لا يبذل جهدًا كافيًا لتأمين إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مضيفًا أنه "يقترب" من تقديم صفقة نهائية للمفاوضين الذين يعملون على التوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة، وفقًا لشبكة "CNN" الأميركية.
وبحسب "CNN"، جاءت تعليقات بايدن أثناء عودته إلى البيت الأبيض للالتقاء بمسؤولين أميركيين كانوا يعملون على تأمين صفقة من شأنها أن تقرن إطلاق سراح المحتجزين في غزة بوقف القتال، كما حضرت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، الاجتماع قبل الانضمام إلى بايدن في حدث انتخابي في بيتسبرغ.
قال ببساطة: "لا"
وعندما سُئل بايدن، أمس الاثنين، عما إذا كان نتنياهو يبذل ما يكفي من الجهد للتوصل إلى اتفاق، قال ببساطة: "لا"، وكانت إجابته المكونة من كلمة واحدة متوافقة مع إحجام بايدن عن انتقاد نتنياهو علنًا، لكنها عكست مع ذلك إحباطات عميقة داخل البيت الأبيض إزاء الطريقة التي يتعامل بها رئيس حكومة الاحتلال مع الصراع ومحادثات تبادل الأسرى والمحتجزين بين "إسرائيل" و"حماس".
جاءت تعليقات بايدن أثناء عودته إلى البيت الأبيض للالتقاء بمسؤولين أميركيين كانوا يعملون على تأمين صفقة من شأنها أن تقرن إطلاق سراح المحتجزين في غزة بوقف القتال
ووفقًا للشبكة الأميركية، فقد انتقد مصدر إسرائيلي كبير تصريحات بايدن، قائلًا: "من اللافت للنظر أن الرئيس بايدن يحاول الضغط على رئيس الوزراء نتنياهو، الذي وافق على اقتراح الرئيس في 31 أيار/مايو (الماضي)، وعلى الاقتراح الأميركي.. في 16 آب/أغسطس (الماضي)، وليس زعيم حماس السنوار الذي لا يزال يعارض أي اتفاق"، معتبرًا أن "تصريح الرئيس خطير أيضًا لأنه يأتي بعد أيام من إعدام حماس لستة رهائن، بينهم مواطن أميركي".
ورد مسؤول أميركي على هذا الانتقاد، قائلًا: "لقد أوضح الرئيس أن حماس مسؤولة عن قتل هيرش (غولدبيرغ بوليين) والآخرين، وأن قادة حماس سيدفعون ثمن جرائمهم، كما دعا الحكومة الإسرائيلية إلى الإسراع في تأمين إطلاق سراح (المحتجزين) الرهائن المفقودين المتبقين".
وقال مسؤولون أميركيون إن مقتل المحتجزين الستة خلال عطلة نهاية الأسبوع من المرجح أن يفرض ضغوطًا جديدة على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق، على الرغم من أن المسؤولين قالوا أيضًا إن ذلك أثار تساؤلات حول مدى جدية "حماس" في التوصل إلى اتفاق.
وفي رده على سؤال لـ"CNN"، أمس الاثنين، مرتبط بشكل الاتفاق الجديد الذي يتم الانتهاء منه، وإن كان مختلفًا عن المقترحات الفاشلة الأخرى، أجاب بايدن: "ينابيع الأمل أبدية"، وأضاف "نحن لن نستسلم، سنواصل الدفع بقوة قدر استطاعتنا".
نتنياهو ينتقد بايدن وغالانت
من جانبه رد نتنياهو على تصريحات بايدن خلال مؤتمر صحفي مستعرضًا الجدول الزمني للمفاوضات، وقال حول ذلك: "في 19 أغسطس/ آب، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن إسرائيل قبلت المقترح الأميركي، والآن يجب على (حماس) أن تفعل الشيء نفسه".
وتابع مشيرًا إلى أنه: "في 28 آب/أغسطس أي قبل خمسة أيام، قال نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (ديفيد كوهين)، إن إسرائيل تظهر جدية في المفاوضات، والآن، يجب على (حماس) أن تظهر نفس الجدية"، وأضاف "أريد أن أسأل، ما الذي تغير في الأيام الخمسة الماضية؟ ما الذي تغير؟ شيء واحد، هذه الجرائم قتلت ستة من رهائننا، أطلقوا النار عليهم في مؤخرة الرأس، هذا ما تغير".
ومضى نتنياهو في القول: "الآن، بعد هذا، يُطلب منا إظهار الجدية؟ يُطلب منا تقديم تنازلات؟ ما الرسالة التي يرسلها هذا لحماس؟ تقول، اقتلوا المزيد من الرهائن وستحصلون على المزيد من التنازلات"، مضيفًا أنه "يجب توجيه الضغوط الدولية إلى (حماس)".
وانتقد نتنياهو تصريحات بايدن قائلًا: "لا أعتقد إن الرئيس بايدن أو أي شخص جاد في تحقيق السلام وتحقيق الإفراج عن الرهائن سيطلب بجدية من إسرائيل تقديم هذه التنازلات لقد قدمناها بالفعل، ويجب على (حماس) تقديمها".
وادعى نتنياهو في المؤتمر ذاته أنه باستثناء هدف "إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان"، فإن أهداف الحرب التي تتمثل بـ"القضاء على حماس وإعادة الأسرى والرهائن وإلغاء أي تهديد مستقبلي على إسرائيل من غزة"، تتطلب السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، بحسب ما نقل موقع "عرب 48".
كما أنه انتقد بطريقة غير مباشرة معارضة وزير الأمن، يوآف غالانت، بقاء جيش الاحتلال في محور فيلادلفيا، ووجه انتقادات حادة إلى "جهات في الحكومة" لا تلتزم بقرار المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" المتعلق بمحور فيلادلفيا، معتبرًا أن ذلك يتسق مع إستراتيجية "حماس" بتعزيز الانقسامات الداخلية في إسرائيل.
تجاوز الحديث عن ورقة التوضيحات
في مقابل ذلك، رد عضو المكتب السياسي لـ"حماس"، عزت الرشق، أمس الاثنين، على نتنياهو في تصريحات نشرتها الحركة عبر حسابها الرسمي على منصة "تليغرام"، وقال الرشق: "يتحمّل المجرم نتنياهو مسؤولية حياة وسلامة الأسرى لدى المقاومة، ومع حرص الحركة على سلامتهم وحسن معاملتهم، يواصل إصراره على قتلهم وتجاهله لأوضاعهم".
وأضاف أن "تصريحات نتنياهو هي خطاب اليائس الذي يبحث عن نصر موهوم، لم يفلح في تسويقه أمام جمهوره بعد مرور أحد عشر شهرًا على حربه النازية ضد شعبنا في قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن "نتنياهو يؤكد بتصريحاته اليوم أنه هو المعطّل لصفقة التبادل واتفاق وقف إطلاق النار".
إلى ذلك، أعاد الكاتب في صحيفة "هآرتس" العبرية، تسفي بارئيل، وفقًا لما نقل موقع "العربي الجديد"، التذكير باحتلال "إسرائيل" لمحور فيلادلفيا لأكثر من 35 عامًا، موضحًا أن "الجيش الإسرائيلي سبق أن سيطر على محور فيلادلفيا، وأن هذه السيطرة لم تساعد في التصدي للعمليات الهجومية".
وأشار بارئيل إلى أنه "حتى السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي في غزة بين السنوات 1967 وحتى 2005 (عام فك الارتباط)، لم تمنع إطلاق صواريخ القسام (الجناح العسكري لحماس) وقذائف الهاون من قطاع غزة نحو إسرائيل"، معتبرًا أن "السيطرة على محور فيلادلفيا أو الانسحاب منه بات بمثابة مفتاح يرتبط به مصير المحتجزين الإسرائيليين".
تأتي الخلافات الأخيرة التي تعيشها حكومة الاحتلال بالتزامن مع دخول القطاعات الاقتصادية إضرابًا عامًا في المدن الإسرائيلية.
اقرأ أكثر: https://t.co/z0MX4KaTFo pic.twitter.com/Iuw9mIFLDT— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 2, 2024
كذلك، أكد المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن نتنياهو غير معني بالتوصل إلى صفقة، مضيفًا أن معارضي الصفقة قرروا في الآونة الأخيرة التشديد على أن البقاء في محور فيلادلفيا قضية مصيرية لأمن إسرائيل، على الرغم من أنهم لم يذكروا ذلك على مدار 18 عامًا.
أما الكاتب في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، إيتمار آيخنر، فقد أشار إلى أن نتنياهو شدد "على أنه وافق على مقترح في أيار/مايو الماضي، وكذلك على المقترح الأميركي في آب/ أغسطس، لكنه فعليًا تجاوز الحديث عن ورقة التوضيحات في 27 تموز/يوليو الماضي، والتي تسببت عمليًا بإحباط أي احتمال للتوصل إلى صفقة".
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، قد هاجم نتنياهو عقب انتهاء المؤتمر الصحفي عبر منصة "إكس"، قائلًا: "بدأت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر حتى 20 أيار/مايو الماضييين، ثمانية أشهر، لم يكلف نفسه عناء إرسال الجيش إلى هناك، ولم يكن هناك أي شيء يمكنه القيام به، وكل ما وصفه اليوم هو فشله الشخصي، ممر فيلادلفيا لا يزعجه حقًا".