27-أبريل-2025
ترامب وبوتين

ترامب وبوتين (رويترز)

وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادات، وُصفت في الإعلام الأميركي بالشديدة، لنظيره الروسي فلاديمير بوتين. وجاءت هذه الانتقادات عقب لقاءٍ في الفاتيكان جمع ترامب بنظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.

ويعدّ اللقاء الذي جمع الرجلين هو الأول من نوعه منذ المشادة الكلامية في البيت الأبيض شباط/فبراير الماضي وما أعقبها من تدهورٍ في العلاقات الأميركية الأوكرانية، بلغ حدّ وقف ترامب تقديم المساعدات العسكرية والأمنية لكييف، قبل أن يرفع ذلك الحظر الذي استفادت منه موسكو حينها، إذْ تحرّكت بقوة نحو تحرير منطقة كورسك، وهو الأمر الذي أعلنت موسكو، أمس السبت، أنه أُنجز بالكامل بعد طرد آخر جندي من القوات الأوكرانية من كورسك الروسية التي كانت تمثل ورقة تفاوض قوية بيد الأوكرانيين في أي تسويات مستقبلية.

انتقادات ترامب لبوتين

قال ترامب في منشورٍ كتبه على منصته الخاصة "تروث سوشيال" إنه لم يكن ثمّة مبرر لإطلاق بوتين "صواريخ على مناطق مدنية ومدنٍ وبلدات خلال الأيام القليلة الماضية"، وذلك في إشارة إلى الهجوم على مدينة سومي الأوكرانية الذي قُتل فيه أكثر من 30 مدنيًا، بالإضافة لمجموعة هجمات أخرى، كان آخرها الهجوم الذي استهدف مبنى سكنيا في كييف الخميس الماضي، وسقط جرّاءه 12 شخصًا.

ترامب: بوتين ربما لا يريد وقف الحرب، إنه فقط يُغريني، وعليه يجب التعامل معه بطريقة مختلفة، من خلال العقوبات على المعاملات المصرفية أو العقوبات الثانوية؟"

وعلّق ترامب في منشوره على هذا النوع من الهجمات الروسية بالقول: "هذا يجعلني أعتقد أن بوتين ربما لا يريد وقف الحرب، إنه فقط يُغريني، وعليه يجب التعامل معه بطريقة مختلفة، من خلال فرض العقوبات على (المعاملات المصرفية) أو (العقوبات الثانوية؟). فالكثير من الناس يموتون يوميًا".

وعقِب تصريحات ترامب الأخيرة التي عبّر عنها في منشوره، قال السيناتور الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام إن مجلس الشيوخ على استعداد للمضي قدمًا في تشريعٍ مشترك بين الحزبين من شأنه فرْض عقوبات تجارية على الدول التي تشتري النفط والغاز والمنتجات الروسية الأخرى. وأكد غراهام في منشور على منصة "إكس" أنّ مجلس الشيوخ "مستعد للتحرك في هذا الاتجاه، وسيفعل ذلك بأغلبية ساحقة إذا لم تتبنَّ روسيا سلامًا شريفًا وعادلًا ودائمًا" وفق تعبيره.

وترى وكالة رويترز أنّ منشور ترامب شكّل خروجًا عن خطابه المعتاد الذي شهِد أشدّ الانتقادات الموجهة إلى زيلينسكي، بينما تحدث بإيجابية عن بوتين. ومع ذلك يصعب الجزم أنّ ترامب قد بدأ باتخاذ موقفٍ مناوئ لروسيا ومنحاز لأوكرانيا، فلا تزال هذه الأخيرة تماطل في توقيع اتفاقية المعادن النادرة التي يُطالب بها ترامب كتعويض عن الدعم الأميركي لكييف في الحرب بأكثر من 300 مليار دولار.

من جانبه قال الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في منشور على منصة تليجرام إنه عقد اجتماعًا "جيدا مع ترامب على انفراد، حيث ناقشنا الكثير من القضايا. ونأمل أن نصل إلى نتيجة من كل ما تم الحديث عنه"، وذكر زيلينسكي أنّ من بين القضايا التي نوقشت: "حماية أرواح الأوكرانيين، ووقف إطلاق نارٍ كامل وغير مشروط، بالإضافة لسلامٍ موثوق ودائم يمنع تكرار الحرب"، وختم زيلينسكي منشوره بالقول: "لقد كان اجتماعًا رمزيًا للغاية، ومن المحتمل أن يصبح تاريخيًا إذا حققنا نتائج مشتركة. شكرًا لك، الرئيس دونالد ترامب!".

يُقرأ بين سطور هذا المنشور تقاربٌ بين الرئيسين الأميركي والأوكراني، بالنظر إلى مستوى الخلاف الذي كان بينهما سابقًا، وبالنظر أيضًا لمواقف ترامب المستجدّة التي وجّه فيها انتقادات صريحة لبوتين من جهة، ولوّح فيها بإمكانية فرض عقوبات جديدة على موسكو، وهو أمرٌ دأبت كييف على المطالبة به، حيث ترى أن بوتين لن يقدّم أي تنازلات إلا تحت ممارسة أشد أنواع الضغوط.

وفضلًا عمّا سبق ذكره، ترى وكالة رويترز، أنّ ترامب وزيلينسكي يحتاجان إلى بعضهما البعض. فلكي يحقق ترامب طموحه المعلن بإحلال سلامٍ سريع بين روسيا وأوكرانيا لا بد أن يحصل على موافقة زيلينسكي الذي يحظى بدعمٍ أوروبي قوي؛ وفي المقابل يحتاج زيلينسكي أيضًا  إلى ترامب للضغط على موسكو لتخفيف بعض الشروط الأكثر صرامة التي وضعتها لوقف إطلاق النار في اجتماع المكتب البيضاوي المثير للجدل شباط/ فبراير الماضي.

كما تطمح أوكرانيا إلى تأجيل الحديث عن مسائل السيطرة على الأراضي إلى ما بعد وقف إطلاق النار، علمًا بأنّ المقترح الأميركي المطروح على طاولة المفاوضات، يشمل اعترافًا رسميًا بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم التي سيطرت عليها روسيا 2014، واعترافًا فعليًا لروسيا باستمرار سيطرتها على مناطق احتلتها بعد غزو 2022 في خيرسون وزباروجيا ولوغانسك ودونيتسك، وهو ما ترفض أوكرانيا التسليم به، متمسكةً بوقف إطلاق كامل للنيران دون أي شروط.