13-يناير-2019

تجددت الاحتجاجات في البصرة بعد فشل تحقيق أي من مطالب المتظاهرين (Getty)

وسط ضجيج الصراع على المقاعد الوزارية الثلاثة وحرب التصريحات والاتهامات متبادلة في بغداد، ارتفع صوت أبناء البصرة مجددًا، ليعلن عدم التزام الحكومة الجديدة بأي من تعهداتها بتوفير الخدمات والوظائف، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين الفاسدين في المحافظة.

اتهم ناشطون ومتظاهرون في البصرة بعض عناصر قوات الأمن بمحاولة استفزازهم وجر التظاهرات إلى العنف باستخدام الغاز والتهديد بالاعتقال

واستجاب المئات من أبناء المحافظة خلال الأيام الماضية، لدعوة أطلقها ناشطون لرفع نسق الاحتجاجات، بدءًا من يوم الجمعة الماضي، تحت عنوان "جمعة التحدي"، ردًا على تجاهل الحكومة لمطالب أبناء المحافظة، الذين بدأوا جولة جديدة من التظاهرات مطلع كانون الأول/ديسمبر 2018، بعد موجة عنيفة من الاحتجاجات خفف من حدتها العنف ضد المتظاهرين من قبل قوى الأمن وعمليات اعتقال وملاحقة طالت عشرات المدنيين والناشطين.

اقرأ/ي أيضًا: آلاف حالات التسمم في البصرة.. مشهد مكتمل لمدينة منكوبة

ورفع المتظاهرون الذين قطعوا الشارع المؤدي إلى ديوان ومجلس المحافظة وسط مدينة البصرة، بعدد كبير من الإطارات المشتعلة، مطالب بإقالة الحكومة المحلية بشقيها التنفيذي والتشريعي، وتوفير فرص عمل وتحسين الواقع الخدمي للمحافظة، مهددين بمواصلة الاحتجاج وتصعيده، حتى تحقيق مطالبهم.

وردت قوات الأمن، باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الغاضبين، فيما هرعت فرق من الدفاع المدني لإخماد نيران الإطارات المشتعلة خوفًا من امتدادها إلى مبنى الحكومة المحلية.

واتهم ناشطون ومتظاهرون بعض عناصر قوات الأمن بمحاولة استفزازهم وجر التظاهرات إلى العنف باستخدام الغاز والتهديد بالاعتقال، مؤكدين حرصهم على سلميتها حتى النهاية.

وقال المتظاهر حسين كاظم، إن "الوعود الكاذبة التي تطلقها الحكومتان المركزية والمحلية لاحتواء التظاهرات، لن تفلح، وكذلك محاولات جر التظاهرات إلى العنف لتبرير قمع التظاهرات واعتقال المدنيين"، مؤكدًا لـ "ألترا صوت"، أن "الاحتجاجات ستتوقف فقط حين ينال أبناء المحافظة الخدمات الأساسية والوظائف، ويلقى المسؤولون الفاسدون جزاءهم، وهو ما لا يزال بعيد المنال".

وحملت تظاهرة "التحدي"، مطالبة بمحاسبة رئيس مجلس محافظة البصرة صباح البزوني بتهم فساد، فيما ردد المتظاهرون شعارات تدعو إلى إعادة الأموال "التي سرقها البزوني وتم إثرها الحكم عليه بالسجن 3 سنوات، ومن أفرج عنه بصفقة سياسية"، بحسب كاظم.

وكانت السلطات العراقية قد أفرجت في 27 كانون الأول/ديسمبر 2018، عن البزوني، عقب احتجازه لأكثر من 17 شهرًا بقرار قاضي تحقيق قضايا النزاهة في المحافظة، بثلاث تهم، أبرزها "قبول الرشوة من رجل أعمال لبناني".

وكان البزوني قد أكد عقب إطلاق سراحه في تصريحات صحافية، عزم الحكومة المحلية إطلاق عدد من المشاريع المهمة المتوقفة، فيما دعا نواب المحافظة، إلى "الاقتتال" تحت قبة البرلمان لإقرار موازنة صحيحة ومفتوحة الأموال للبصرة، فيما يتخوف المتظاهرون من أن يكون مصير موازنة المحافظة المالية القادمة كسابقاتها، والتي ابتلعتها جيوب مسؤولين ومشاريع وهمية أو متلكئة منذ سنوات.

وتشهد البصرة احتجاجات مستمرة منذ منتصف عام 2018، كان أعنفها في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، أعقبتها حملات اعتقالات وتحريض ضد ناشطين وجرائم اغتيال طالت بعضهم، دون أي استجابة فعلية لمطالب أبنائها حتى الآن.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة.. نار القمع والإفقار تأكل عاصمة اقتصاد العراق!

وكان مراقبون ومختصون قد دعوا الحكومة الجديدة، إلى إيجاد حلول سريعة للأزمات التي تعاني منها البصرة الغنية بالنفط، وأبرزها ملوحة وتلوث المياه الذي أدى إلى تسمم عشرات الآلاف من المدنيين، وغياب الخدمات الأساسية الأخرى، والفقر والبطالة، وضعف سلطة الدولة مقابل سلاح العشائر والميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة.

تشهد البصرة احتجاجات مستمرة منذ منتصف عام 2018، كان أعنفها في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى

ويعد ملف البصرة، التي طالما بدأت منها الاحتجاجات لتشمل بقية مدن البلاد، أحد أبرز التحديات التي تواجه حكومة عادل عبد المهدي، والذي لا تزال تشكيلته الوزارية غير مكتملة وتتلاعب بها المصالح السياسية، فيما يواجه بعض وزرائه تهمًا بالإرهاب أو الفساد، وهما معضلتان كلفتا البلاد مئات مليارات الدولارات ومئات آلاف الضحايا، منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وتركاه ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.