07-يناير-2020

من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة التشيلية سانتياغو (أ.ف.ب)

تعيش أمريكا اللاتينية حالة من الغليان الشعبي نتيجة الأزمات الاقتصادية التي أثرت على الوضع المعيشي بشكل غير مسبوق، تأثيرٌ قد يكون نتيجة لما يعرفه اليسار من تراجع نسبي لشعبيته مقابل صعود متسارع لقوى اليمين الشعبوي.

بالنظر في الحركات اليمنية الشعبوية التي صعدت في أمريكا اللاتينية، قد يُلاحظ تركيزها على التقسيم بين الأغنياء والفقراء

يأتي ذلك في الوقت الذي خلقت فيه الأرجنتين المفاجأة، بعودة اليسار لاستلام زمام المبادرة بعد فوز مرشح الحزب العدلي المحسوب على يسار الوسط، ألبرتو فريناندز، بانتخابات الرئاسة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أي في عز اشتعال جذوة الغليان الاحتجاجي الواسع الذي كانت تشهده دول أمريكا اللاتينية، كجزء مما اجتاح دول العالم من احتجاجات خلال سنة 2019.

اقرأ/ي أيضًا: دول الأمريكيتين تنتفض.. الاحتجاجات الشعبية تتوسع من تشيلي إلى هايتي

وتجدر الإشارة إلى أن مطالب المحتجين في أرجاء العالم، لم تختلف كثيرًا عن المطالب التي نادت بها الحركات الاجتماعية الحديثة في عام 1968، عندما خرج العمال والطلبة إلى الشوارع منتفضين على المجتمع ما بعد الصناعي، أو كما تنبأ عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين بقوله إنها "بداية صراع جديد سيكون حقيقيًا ومستمرًا في مجتمعنا، كما كانت حركة العمال في مجرى الحركة الصناعية والرأسمالية".

في الحديث عن الشعبوية اللاتينية

في الحديث عن الأسباب التي أدت إلى صعود اليمين الشعبوي في دول أمريكا اللاتينية، قد يُلاحظ أن أبرز العوامل التي أدت إلى تغيير مزاج الناخب اللاتيني ، تتمثل في: الأزمة الاقتصادية العالمية التي أدت لإفقار المزيد من الطبقة الوسطى، وشروط صندوق النقد الدولي التي تفرض على الدول المستدينة سياسات تقشفية، تنعكس في تفاوت طبقي كبير تعرفه دول أمريكا اللاتينية.

وبالنظر في الحركات الشعبوية التي صعدت في أمريكا اللاتينية، قد يُلاحظ تركيزها على "التقسيم بين الأغنياء والفقراء"، كما يقول المفكر العربي عزمي بشارة في كتابه "في الإجابة عن سؤال: ما الشعبوية؟".

ويوضح بشارة أن اتخاذ فنزويلا وبوليفيا والإكوادور -قبل التغيرات التي حصلت خلال 2019- مثالًا على ذلك، نظرًا لوجود نزعة "إلى فرض إرادة الشعب فوق الدستور بوضع دساتير جديدة"، مشيرًا إلى أن اليسار اللاتيني الذي "لم يتحالف مع الديمقراطية" يُوَاجَه حاليًا "بصعود الشعبوية اليمينية".

ويلفت الكتاب إلى أن الباحثين رصدوا "تراجعًا في ثقة سكان أمريكا اللاتينية بالديمقراطية بعد تحقيقها"، إذ انخفضت نسبة من عبّروا عن رضاهم عن الديمقراطية إلى 34% في عام 2017 بعدما كانت 44% في عام 2010، أي في ذروة صعود اليسار إلى السلطة. 

كما أن استطلاعًا آخرًا للرأي على مستوى قارة أمريكا الجنوبية، أظهر أنه ما بين عامي 2016 و2017، قال 58% إنهم يعتقدون أن الديمقراطية قد يكون لها مشاكلها، لكنها أفضل من باقي الأنظمة، في حين أنه في 2010 كانت النسبة 69%.

ويورد الكتاب مزيدًا من الاستطلاعات التي تؤكد تراجع الثقة في الديمقراطية، مثل استطلاع وجد أن 40% من البرازيليين والتشيليين و50% من سكان غواتيمالا والمكسيك و55% من سكان البيرو، يبررون الانقلابات العسكرية في البلدان التي تزيد فيها معدلات الجريمة والفساد.

أسباب صعود اليمين وهبوط اليسار في أمريكا اللاتينية

في الحديث عن تاريخ صعود الشعبوية السياسية في أمريكا اللاتينية، تتجلى من جهة تجربة الرئيس اليساري التشيلي سلفادور الليندي الذي أطاح به انقلاب الجنرال أوغستو بينوشيه، ومن جهة أخرى تبرز أهمية تناول ظاهرة صعود الشعبوية في أمريكا اللاتينية، من زاوية أمريكية ليبرالية - لاتينية يسارية، بالإضافة إلى ضرورة العروج على التجربة الأرجنتينية لما تمثله من صراع مستمر في الوقت الراهن بين اليمين واليسار.

  • الرئيس الرفيق.. "لسنا مدينين لواشنطن بشيء"

كان الرئيس التشيلي، سلفادور الليندي، يتوقع أن تمارس واشنطن ألعابها للإطاحة بنظامه اليساري الجديد، أو على الأقل هذا ما تظهره مقابلة أجريت مع الليندي في 1971، ونشرت لأول مرة باللغة الإنجليزية في مجلة جاكوبين الأمريكية، في أيلول/سبتمبر الماضي.

سلفادور الليندي
سلفادور الليندي

ويعتبر نشر المجلة الأمريكية اليسارية لحوار الليندي في هذا التوقيت، ذو دلالة رمزية، نظرًا لما تعانيه دول القارة اللاتينية بفعل السياسات الأمريكية، الأمر الذي عبر عنه الليندي في المقابلة بقوله: "إنها (أمريكا) تهديد حقيقي. أكثر خطورة مما يدرك أي شخص هنا أو في أي مكان آخر".

بعد وصوله للسلطة، شرع الليندي في تأميم الشركات الأمريكية والشركات التي تهمين عليها شركات أمريكية، خاصة شركتي أناكوندا وكينيكوت الأمريكيتين اللتين كانتا تسيطران على مناجم النحاس. أدخله ذلك في صراع مع واشنطن التي طالبت سانتياغو بدفع تعويضات للشركتين الأمريكيتين، الأمر الذي رفضه الليندي تمامًا، بقوله: "نحن لسنا مدينين لكم (لواشنطن) بشيء فحسب، بل أنتم المدينيون لنا بحوالي 400 مليون دولار".

وفقًا لما جاء في المقابلة الصحفية، اعتبر الليندي أن أمريكا بإمكانها "أن تفعل الكثير لإلحاق الأذى بالتشيليين"، بالإشارة إلى أن بعض العناصر والقطع اللازمة في استخراج وصناعة النحاس تأتي من الولايات المتحدة، كما قال الليندي نفسه، مضيفًا: "يمكنهم إيقاف الإنتاج بين ليلة وضحاها". وعندما سألته الصحفية التي أجرت معه المقابلة، إن كان يتوقع ذلك، أجاب: "دعونا نأمل ألا يحدث ذلك".

في ملحق المقابلة المترجمة، نُشر نص لمكالمة هاتفية أجريت بعد أسبوع من انقلاب بيونشيه، مع زوجة إحدى الكوادر اليسارية في سانتياغو، حيث تقول الزوجة بصوت مختنق بالدموع، إن الطغمة العسكرية "تسحق كل شيء"، وأن سانتياغو معزولة، وأنهم لا يعرفون ما يحدث في الأجزاء الأخرى من البلاد، وأن الآلاف من الشيوعيين والرفاق والعمال قتلوا.

  • هل صحيح أن أمريكا اللاتينية "تحترق مرةً أخرى"؟

تعطي تجربة اليسار التشيلي في سبعينات القرن الماضي صورةً قاتمة عن حال الديمقراطيات اللاتينية التي عانت الكثير حتى استطاعت الوصول إلى هذه المرحلة الراهنة، وتوازي في تجربتها تجربة صراع اليسار الأوروبي مع الحركات الشعبوية الآخذة في إعادة تنظيم نفسها ضمن تحالفات جديدة، كما الحال على مستوى انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت مؤخرًا، وأفضت إلى فوز اليمين الأوروبي.

في مقال مطول نشره مركز ستراتفور للدراسات الاستخباراتية، لسكوت ستيوارت، العميل الخاص السابق في وزراة الخارجية الأمريكية، يناقش الأسباب الكامنة وراء الاحتجاجات الشعبية، بإرجاعها إلى تدخلات روسية مستفيدة من الأزمات الاقتصادية في البلاد التي تأن تحت وطأة المظاهرات اليومية.

لا يختلف ستيوارت في نقاشه لاحتجاجات القارة اللاتينية عن غيره ممن يربطونها دائمًا بـ"الحرب الباردة"، فعند ذكر الموقف الروسي الراهن، لا يمكن بحال فصله كليًا عن تجربة الاتحاد السوفيتي، مع الأخذ في الاعتبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعد بالفعل امتدادًا لحقبة السوفييت، نظرًا لكونه عميل سابق في جهاز الاستخبارات السوفيتية KGB، ونظرًا لتطلعاته لعودة موسكو إلى دور صناعة القرار العالمي.

في مقاله المطول، يتجنب ستيوارت الحديث عن الأسباب التي أججت الاحتجاجات الشعبية، ليس على مستوى القارة اللاتينية فقط، بل حتى على مستوى الخارطة العالمية، كونها تتشابه في مطالبها الاقتصادية والاجتماعية نتيجة ازدياد نسبة التفاوت الطبقي. 

لكن في المقابل، يصف ستيوارت ما يحدث في أمريكا اللاتينية في موجة احتجاجات شعبية واسعة، بقوله "إن أمريكا اللاتينية تحترق مرة أخرى"، كما يصف حركة تشي غيفارا التحررية بـ"المشؤومة"!

احتجاجات تشيلي
من الاحتجاجات في تشيلي

ويعتبر العميل السابق في الخارجية الأمريكية، أن موسكو تعتمد على فنزويلا وكوبا في تأجيج الاحتجاجات الشعبية داخل دول أمريكا اللاتينية، مع الإشارة لإلقاء القبض على أربعة كوبيين، بزعم تمويلهم للاحتجاجات الشعبية الموالية للرئيس السابق أيفو موراليس، دون أن يشير ستيوارت إلى أن الرئيس الاشتراكي، كان قد أطيح به بانقلاب عسكري ناعم نفذه الجيش.

ومن جهة أخرى، فستيوارت، الذي يشرف على التحليلات الخاصة بالإرهاب والأمن في مركز ستراتفور، لا يعطي في مقاله، الذي يصفه بـ"التحليلي"، أي اعتبار للتفاوت الطبقي الذي يحكم دول أمريكا اللاتينية، وخاصة تشيلي، ما أجج سابقًا غضب التشيليين ضد نظام سبستيان بنييرا حليف واشنطن.

لا يخرج ستيوارت عن منظور الحرب الباردة في تحليله لما يحدث في القارة اللاتينية، وهو ما يمثل الماكينة الدعائية للأنظمة الداعمة لواشنطن في سياستها بأمريكا اللاتينية. وفي هذا الإطار، يرى ستيوارت أن موسكو "لا تفتعل القضايا التي تغذي الاضطرابات من العدم، بل تقدم ببساطة الشرارة التي تؤجج المظالم الاقتصادية والاجتماعية الكامنة، والتي كانت تختمر بهدوء تحت السطح في هذه البلدان لسنوات"، وهذا الجزء الأخير من مقال ستيوارت، هو الوحيد الذي يشير فيه للأسباب الحقيقية للاحتجاجات اللاتينية، وبطريقة غير مباشرة. 

  • انقلاب بوليفيا "الأكثر وقاحة" خلال السنوات الماضية

لا تختلف تجربة الزعيم الاشتراكي البوليفي موراليس كثيرًا عن تجربة الليندي في تشيلي، إلا في جزئية لجوئه إلى المكسيك قبل أن يتم إلقاء القبض عليه من قبل قوات الشرطة بأمر من قيادتها، وأن الاحتجاجات ضد نظامه الاشتراكي جاءت في سياق مزاعم تقول إن عملية الانتخابات الرئاسية شابها تزوير بالأصوات، رغم أن الخلاف على موراليس كان موجود بالأصل منذ فوزه في أول انتخابات رئاسية عام 2006.

وجدير بالإشارة هنا إلى أن واشنطن كانت قد هددت بقطع المساعدات الأمريكية عن بوليفيا في حال فاز موراليس بانتخابات الرئاسة عندما خاضها لأول مرة في عام 2003، وخسرها بنسبة 1.9% عن منافسه الرئيس السابق جونزالو سانشير دي لوزادا.

في مقال نشر بمجلة إنترسيكسيونيس الماركسية، يشرح عالم الاقتصاد الأرجنتيني، كلاوديو كاتز، ما يحدث في العاصمة البوليفية لاباز في الوقت الراهن، واصفًا المشهد العام في القارة اللاتينية بأنه "صراع بين انتفاضات شعبية من جهة، وهجمات رجعية من جهة المضطهِدين. على جهة منها نجد الأمل الجماعي، وعلى الجهة الأخرى فرض تقاليد النخب المحافظة".

ويصف كاتز الانقلاب العسكري الذي حصل في بوليفيا بأنه "الأكثر صراحة ووقاحة ووضوحًا في العقود الماضية"، لأنه في رأيه "لم يكن هناك حتى غطاء مؤسسي، ولم يضعوا عليه قناعًا ناعمًا حتى"، مشيرًا إلى أن السمة الأبرز لهذا الانقلاب كانت "صبغته الفاشية"، التي سمحت بإنشاء قوات الأمن لـ"مناطق محررة"، تحتلها مجموعات من البلطجية أطلقت حملة إرهاب، واختطفوا القادة الاجتماعيين، واجتاحوا المؤسسات العامة، وأهانوا المعارضين.

إيفو موراليس
إيفو موراليس، الرئيس البوليفي الذي تمت الإطاحة به

ويعتبر كاتز أن "ما فعله قائد الانقلاب، الأصولي المسيحي، لويس فيرناندو كاماتشو، هو تطبيق لتصريحات الرئيس البرازيلي اليميني المتطرف جايير بولسونارو". وكاماتشو هو زعيم سياسي أصبح شخصية بارزة في المعارضة البوليفية بعد خطاباته الداعمة للاحتجاجات الأخيرة. وهو محامٍ من مقاطعة سانتا كروز، ذات القوة الشرائية، والتي تركزّت فيها الاحتجاجات الأخيرة. 

ويقول كاتز، إن مؤيدي قائد الانقلاب، فيرناندو كاماتشو، طافوا الشوارع "حاملين الأناجيل ومحملين بالصلوات، وأحرقوا المنازل واختطفوا النساء وقيدوا الصحفيين بالسلاسل".

جدير بالذكر أن موراليس كان أول رئيس لبوليفيا من السكان الأصليين، الأمر الذي أثار أيضًا حفيظة اليمين البوليفي، وتجلى في التحريضات العنصرية لكاماتشو ضد السكان الأصليين. ووفقًا لكلاوديو كاتز، فإن كاماتشو، شكّل فيالق من الطبقات الوسطى من أجل إهانة السكان الأصليين، كما تعاونت قوات الشرطة مع كاماتشو بتأمين مظاهرات أنصاره.

من جهة أخرى، لا يُخفى الدور الأمريكي في الانقلاب على موراليس، والذي يتضح بمديح ترامب لتدخل الجيش في بوليفيا، وتقديم الشركات الدولية الدعم السخي لقائد الانقلاب، فيما تبدو القرارات الصادرة عن جانين أغنيس، التي تشغل منصب الرئيس الانتقالي، أوضح مثال على الدور الأمريكي في الانقلاب البوليفي، إذ أعلنت بعد أيام من توليها منصبها، عدم إبرام لاباز للمزيد من الصفقات مع الصين، فضلًا عن مساعيها بدء محادثات مع واشنطن لاستغلال موارد الليثيوم المتوفرة في البلاد.

وفي تقدير كاتز للموقف الذي تبناه موراليس من الانقلاب عليه، يرى أن مشكلة موراليس تمثلت في قصر نظره الشديد، الذي أعماه عن رؤية الانقلاب، إذ شغل نفسه بمنظمة الدول الأمريكية، حتى فاجأه عدم انصياع الجيش له، وهو نفسه الذي كان قد عززه بالمعدات والموارد، ولذا "لم يكن لدى الحزب الحاكم المفتقر للتعبئة، أي رد على هجمة اليمين الباطشة"، على حد قوله كاتز.

  • عودة اليسارة الأرجنتيني إلى الحكم

كان فوز الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز في الانتخابات مفاجئًا بكل المقاييس، أولًا بسبب تنامي الاحتجاجات الشعبية القارة وهبوط أسهم اليسار فيها، وثانيًا لأنه وعد في حملته الانتخابية بتعيين رئيسة البلاد السابقة اليسارية كريستينا فرنانديز كيرشنير لمنصب نائب الرئيس في حال فوزه بالانتخابات، رغم الشبهات التي تحوم حول إثراء عائلتها عبر استخدام النفوذ ثانيًا.

في مقابلة أجرتها مجلة فيوبوينت الماركسية مع الاقتصادي الأرجنتيني كاتز، قبل خمسة أشهر من موعد انتخابات الرئاسة الأرجنتينية، وصف كاتز فرنانديز بأنه "صاحب نزعة محافظة جدًا"، إلا أنه في حال وصل للمكتب الرئاسي سيعني ذلك "تغييرًا كبيرًا جدًا جدًا". ولأن الأرجنتين ستواجه أزمة اقتصادية في المرحلة القادمة، فإن البلاد "ستكون في مركز كل ذلك"، في إشارة لصراع اليمين الشعبوي مع اليسار في القارة اللاتينية.

جاء فرنانديز للسلطة خلفًا للرئيس اليميني ماوريسيو ماكري، واستلم منه فترة ولاية رئاسية وصلت بالأرجنتين إلى أسوء أزمة اقتصادية واجهتها منذ عام 2001، حيثُ تشهد انكماشًا منذ أكثر من عام، وتضخمًا كبيرًا بلغ 37.7% في أيلول/سبتمبر الماضي، ودينًا هائلًا، ومعدل فقر متزايد يطال 35.4% من السكان أو واحدًا من كل ثلاثة أرجنتينيين، ما قد يُعجز البلاد عن تسديد الديون المترتبة عليها.

ألبرتو فرنانديز
الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز

وعقب إعلان نتائج الانتخابات بفوز الرئيس اليساري، سارع الأرجنتينيون إلى الاصطفاف أمام المصارف ومكاتب الصرافة لشراء دولارات أو سحب ودائعهم. ومنذ فوز فرنانديز بالانتخابات التمهيدية سحب المودعون الأرجنتينيون حوالى 12 مليار دولار من حساباتهم، أي نحو 36.4% من مجموع الودائع.

في قرائته لعودة الرئاسة لليسار الأرجنتيني، يرى كاتز أن تصدير اليمين الشعبوي للأزمة الاقتصادية الاجتماعية على أن مسببها "ثقافة وتاريخ الأرجنتين"، بدلًا من الحديث عن الأسباب الحقيقية مثل "النموذج النيوليبرالي وسياسات الاستدانة والشروط المفروضة من صندوق النقد الدولي"؛ يمكن أن يؤدي لاستمرار التجييش "في بلد يمتلك أعلى مستويات التنظيم النقابي والاجتماعي في المنطقة ككل"، مشيرًا إلى دور وسائل الإعلام الرئيسية في المبالغة والضغط بالتحذير من أي إجراء تقدمي.

خلاصة

 

إذًا، يمكن القول إن صعود اليمين ليس أمرًا حتميًا، وأنه لا يتعلق إلا بافتقار التيارات اليسارية للراديكالية، الأمر الذي أشار إليه كاتز باستدعاء تجارب حكومات يسار الوسط في أمريكا اللاتينية، التي بكبحها للراديكالية، فتحت أبواب انتقام اليمين على مصارعها.

ويشير كاتز إلى أن ما يلفت النظر في احتجاجات اللاتينيين اليوم، هو الحجم الضخم للمشاركة الشعبية في هذه الاحتجاجات. لذا فإنه يعتبر أن الفرصة حاليًا "مواتية جدًا تحقيق مكاسب حقيقية في علاقات القوة، قد تفضي لإعادة إنتاج دورة تقدمية، وتقودنا إلى سيناريوهات جديدة".

 يمكن القول إن صعود اليمين ليس أمرًا حتميًا وأنه لا يتعلق إلا بافتقار التيارات اليسارية للراديكالية، ما يفتح باب انتقام اليمين على مصراعيه

وعليه، يؤكد كاتز على ضرورة الوضوح في وصف الصراع في قارة أمريكا اللاتينية، على أنه "مصالح أقلية من الرأسماليين، ستتصارع دائمًا مع آمال الأغلبية الشعبية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

المشكلة اللاتينية.. التحولات الديمقراطية تطيح باليسار المأزوم

الإطاحة بموراليس.. تحالف الجيش واليمين والـCIA ضد الاشتراكية في بوليفيا؟