20-مايو-2016

محمد القيق بعد خروجه من المعتقل(Getty)

أربعة وتسعون يومًا، صمد فيها الأسير الصحافي محمد القيق خلف زنازين الاحتلال، متمترسًا خلف سلاح الأمعاء الخاوية والإرادة، خرج بعدها منتصرًا مرفوع الرأس رغم قيد السجان.

تصريح القيق للصحافيين أنه لو قبل بكافة عروض الاحتلال لكان لا يزال قابعًا خلف القضبان، الأكثر توصيفًا للعلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال

القيق كان قد شرع في إضرابه المفتوح عن الطعام بتاريخ 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2015؛ احتجاجًا على طريقة التعامل معه، واعتقاله إداريًّا، وتعريضه للتعذيب وتهديده بالاعتقال لفترات طويلة وأنهى إضرابه المفتوح عن الطعام بعد 94 يومًا بشكل متواصل، تضمن رفضه إجراء فحوصات طبية وأخذ مدعمات، قبل أن يعلق إضرابه عن الطعام في 26 من شباط/فبراير الماضي بعد الاتفاق على الإفراج عنه، واستمرار علاجه في المشافي والسماح لعائلته بزيارته.

اقرأ/ي أيضًا: حادثة الطائرة المصرية..الإرهاب ليس مستبعدًا

انتصار ابن مدينة دورا غرب محافظة الخليل، ليس الأول من نوعه في تاريخ المواجهة بين الحركة الأسيرة وإدارة السجون، إنما جاء تأكيدًا أن العزيمة والإصرار قادران على كسر القيود وفرض الشروط على المحتلين. هذه الانتصارات بقدر ما هي مبعثة فخر لأبناء الشعب الفلسطيني وكافة الأحرار حول العالم، ساهمت أكثر بتعرية هذه السلطة الفلسطينية التي أقل ما يقال عنها إنها متخاذلة. ليطرح السؤال الأكثر إلحاحًا وهو متى سيتعلم من نصّب نفسه حاكما بأمره ووصيًا على مصير شعب بات سواده الأعظم يعيش تحت خط الفقر والقهر في الداخل والشتات؟

ومتى سيقتنع اللاهثون وراء سراب "السلام" المزعوم مع إسرائيل أن المواجهة والصمود جعلت فردًا واحدًا يملي رغبته، بينما سياسة الانبطاح لن تزيد قادة إسرائيل إلا طمعًا بالمزيد من التنازلات، والمستوى الانحداري للسلطة الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو المشؤوم خير دليل على ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: كردستان العراق..العودة إلى الإدارتين حلًا

أما المثير للعجب هو حجم الجليد، إن صح التعبير، الذي يغطي آذان هذه السلطة ما جعلها تفقد كافة وسائل الاتصال المباشر أو حتى غير المباشر مع الجماهير، التي قررت المبادرة والتقدم لخطوط المواجهة مع الاحتلال وإن كان بأدوات بدائية، مستنظرة الدعم من قيادتها "الثورية". 

ولعل تصريح القيق للصحافيين فور خروجه من المعتقل أنه لو قبل بكافة عروض الاحتلال لكان لا يزال قابعًا خلف القضبان، الأكثر توصيفًا للعلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، مع اختلاف بسيط وهو أن محمود عباس لا يكف عن تقديم عروض التنازل للاحتلال، والأخير يرفض، وكأن قادة إسرائيل تعلموا من القيق ومن سبقوه أن الثبات على الموقف هو السبيل للحصول على المطالب، في حين أن عباس قد يكون يحاول تأكيد عروبته من خلال "كرمه" الزائد مع الاحتلال.

اقرأ/ي أيضًا:

هل كان يمكن لحدود مختلفة أن تنقذ الشرق الأوسط؟

نداء تونس..تفكك مستمر وبوادر انهيار