15-مارس-2017

ناخب في لاهاي (عائشة بوجيدة/Getty)

توجه الناخبون الهولنديون طوال يوم أمس الأربعاء إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد في ظل صعود اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية، وتبنيه لملفات عديدة، من بينها تغذية العداء للمسلمين، والهجرة، والخروج من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أقل من خمسة أيام على الأزمة الدبلوماسية بين هولندا وتركيا، بسبب منع لاهاي وزيرين تركيين من إلقاء كلمة ضمن تجمع جماهيري للتصويت بـ"نعم" على الاستفتاء المرتبط بالتعديلات الدستورية في أنقرة.

أفاد حزب "الشعب الليبرالي" الهولندي الحاكم، انتخابيًا من تشدده في الأزمة الدبلوماسية مع تركيا

وخصصت الصحف الهولندية، كما العالمية، الصادرة الأربعاء مساحة واسعة للحديث عن الانتخابات الهولندية محذرًة من فوز اليمين المتطرف بها، وهي أولى الانتخابات الأوروبية التي يحشد فيها الشعبويين أنصارهم ضد سياسة الاتحاد الأوروبي المرتبطة بملف الهجرة، بعد أن حصل زعماء الأحزاب اليمينية على دعم معنوي بفوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وهو أبرز الأمثلة الطارئة على الخطاب العنصري المتصلب والمغرق في الشعبوية والديماغوغية الرخيصة ضد كل من هو ليس معه. 

اقرأ/ي أيضًا: لاهاي تدخل في أزمة مفتوحة مع أنقرة

وقبل يوم واحد من بدء الاقتراع على اختيار برلمان جديد في هولندا، أصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارًا ينص على "منع الحجاب في إطار قانون داخلي لمؤسسة خاصة يمنع أي إبراز أو ارتداء أي رمز سياسي أو فلسفي أو ديني في مكان العمل، لا يشكل تمييزًا مباشرًا على أساس الدين أو العقيدة"، ما أثار الكثير من الجدل في ظل ملف اللاجئين الذي يعتبره اليمين المتطرف الأوروبي خطرًا على الحياة الاجتماعية، كما يعتبره ورقة رابحة لصالحه.

ويبدو أن حزب "الشعب الليبرالي" المحافظ الذي يتزعمه رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، استفاد من الأزمة الدبلوماسية التي دخلتها بلاده مع تركيا، بعد أن كان استطلاع للرأي كشف عن تقدم حزب "من أجل الحرية" اليميني بقيادة، خيرت فيلدرز، وتراجع حزب روته للمركز الثاني، إلا أن استطلاعًا للرأي نشر الثلاثاء أشار أن "الحزب الشعبي الليبرالي والديمقراطي الذي يقوده روته يتقدم بفارق كبير على حزب فيلدرز" وهو ما جاءت به نتائج التصويت التي اتضحت معالمها في ساعات متأخرة من ليل أمس الأربعاء لصالح حزب روته بفارق كبير عن اليمين المتطرف بزعامة خيرت فيلدر. 

واعتمد الشعبويون في أوروبا، ومن ضمنهم فيلدر في هولندا ومارين لوبان في فرنسا،  في حملاتهم الانتخابية على سياسة التصعيد العنصري الفج ضد ملف المهاجرين من الشرق الأوسط، وتغذية شعور العداء للمسلمين.

وحتى زعيم الحزب الحائز على نسبة التصويت الأعلى في الانتخابات الهولندية، روته، كان قد دعا اللاجئين المسلمين في هولندا لبذل مجهود أكبر للاندماج في المجتمع، وطالب إعلان نشر في الصحف الهولندية اللاجئين "إما أن يكونوا طبيعيين أو يغادروا"، ما لا يجلعه كثير البعد عن فيلدر وغيره من عتاة اليمين في الجوهر.

 يشكل عدم تصدر اليمين المتطرف في الانتخابات الهولندية مؤشرًا على أهمية البرنامج الاجتماعي لدى الناخب الأوروبي لكن مع حضور بالغ للنزعة القومية

وبحسب إحدى الناخبات الهولنديات قالت إنها لا تريد أن تعيش "في عالم يهيمن عليه اليمين الشعبوي" لذلك قامت بـ"التصويت ضده" في إشارة لفيلدرز، فيما اعتقد ناخب آخر أنه لا يمكن فوز فيلدرز في الانتخابات البرلمانية التي تمكنه من تشكيل حكومة برئاسته، وأضاف الناخب "اعتقد أن الناس رأوا ما حدث حين يكون الرئيس شعبويًا".

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لا يقلق الهولنديون من فيلدرز؟

وتعليقًا على موجة العداء المتصاعدة ضد الإسلام واللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي، وعلى خلفية أزمه بلاده مع كل من ألمانيا وهولندا، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده يساورها "قلق كبير حيال وضع القارة الأوروبية الحالي ونراها تتجه شيئًا فشيئًا إلى الهاوية وإلى فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية".

ويلحظ خلال السنوات القليلة الماضية اتجاه الأحزاب الحاكمة في عديد من الدول الأوروبية نحو سياسات الأحزاب اليمينية المتطرفة، والاستعانة بخطاب وشعارات اليمين المتطرف،وإن لم يك نسخًا لها، أملًا في الحصول على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات، وعيًا من هذه الأحزاب لمستويات التأثير التي تقود لها دغدغة عواطف الجماهير المبنية على استغلال أزماتها بتشخيصات عنصرية ومستعجلة. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل تحكم الشعبوية المجتمع الغربي؟