31-أكتوبر-2015

احتجاجات طلابية في مصر سنة 2006(خالد دسوقي/أ.ف.ب)

تدور الآن منافسة بين القوى الثورية في الجامعات المصرية، وأذرع مؤيدة للنظام المصري داخل ساحات الحرم الجامعي، استعدادًا لانتخابات "اتحاد طلاب مصر"، المزمع عقدها في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني للعام 2015. وتعترض القوى الثورية على تعديل قام به وزير التعليم العالي المصري، أشرف الشيحي، بتاريخ السابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2015، على مستوى اللائحة المالية والإدارية للاتحادات الطلابية، ويعتبرون أنه يخل بحرية الطلاب في اختيار رؤساء الاتحادات والأمناء والأمناء المساعدين بالجامعات، إضافة إلى وجود بند داخل اللائحة يهدد بشطب كل من لديه توجهات من الطلاب مخالفة لتوجهات النظام.  

وأقام طلاب بالجامعات المصرية، دعوى أمام محكمة القضاء الإداري، يوم الأربعاء الثامن والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 2015، للمطالبة بوقف انتخابات اتحادات طلاب الجامعات والمعاهد للعام الجامعي الحالي، اعتراضًا على اللائحة المالية والإدارية للاتحادات الطلابية وتعديلاتها.

اللائحة الجديدة للاتحادات الطلابية.. لائحة قمعية

تنقسم الحركة الطلابية الثورية داخل الجامعات المصرية حول مدى أهمية المشاركة في انتخابات اتحاد الطلاب أو المقاطعة

يقول نائب رئيس اتحاد طلاب مصر 2013، أحمد البقري، لـ"ألترا صوت": إن "اللائحة الجديدة أشبه بلائحة أمنية تم وضعها في مكاتب أمن الدولة، إذ تعتبر نصوص بنود اللائحة قمعية، وتم وضعها لتكون في خدمة الأمن والتبليغ عن الطلاب، بدلًا من أن تكون في خدمتهم".  

ويتشكل مجلس اتحاد طلاب الكلية أو المعهد سنويًا من رئيس الاتحاد ونائب رئيس الاتحاد والأمناء والأمناء المساعدين للجان. وينص قانون الجامعات على أن "يظل مجلس اتحاد الطلاب والأمناء والأمناء المساعدين في مناصبهم إلى حين انتخاب اتحادات طلابية جديدة".

من جهتها تقول، مريم عوف، إحدى طالبات الاشتراكيين الثوريين بجامعة القاهرة، لـ"ألترا صوت": "كان هناك تلاعب واضح في طريقة إقرار اللائحة، فقد تم إقرارها بمعزل عن الحركة الطلابية وقُبيل الانتخابات بأيام قليلة، وهو ما أثر بالسلب على تحضيرات الحركات والمجموعات الطلابية". وتضيف مريم: "هي محاولة للسيطرة على استقلالية اتحاد الطلبة من قبل النظام السياسي وذراعه الأمني الحالي وفتح الطريق لذراعه الطلابي الجديد "صوت طلاب مصر"، الذي يدعمه النظام بشكل مباشر ويصدر أنشطته الطلابية".

ومن جانبه يشير، ماجد فتحي، عضو المكتب المركزي لحركة طلاب مصر القوية، إلى أن "التعديلات الأخيرة أرجعت نظام الانتخاب من النظام المباشر إلى نظام التصعيد بعد أن تم تعديله عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011".

ويعني نظام الانتخاب المباشر، انتخاب طلاب الجامعات لرؤساء اللجان، وأمناء الجامعات ونوابهم بشكل مباشر، أما نظام التصعيد فيتمثل في انتخاب أعضاء اللجان الفائزة في الانتخابات لأمناء اللجان ورؤساء الجامعات ونوابهم. وتنص التعديلات الجديدة على أن "يتم انتخاب أعضاء اللجان من خلال انتخاب عضوين اثنين في كل لجنة للفرقة الواحدة. كما يتم انتخاب الأمناء والأمناء المساعدين للجان من بين أعضاء اللجنة المنتخبة من جميع الفرق الدراسية. ويتم انتخاب رئيس الاتحاد من بين الأمناء والأمناء المساعدين للجان مع مراعاة عدم ازدواجية المناصب".

وعن تعديلات لائحة الاتحادات الطلابية، يوضح ماجد لـ"ألترا صوت": "التعديلات تمنع أيضًا من ينتمي إلى جماعة إرهابية من التَرَشُحِ لانتخابات اتحاد الطلاب دون تحديد واضح، وهو ما يجعلنا نتخوف من استخدام هذا البند كذريعة لمنع طلاب من المشاركة". ويؤكد جزء من الطلبة المصريين أن التعديلات الأخيرة على لائحة اتحادات الطلبة تمت دون مشاركة الطلاب وتكررت أكثر من مرة.

قائمة صوت طلاب مصر.. صوت النظام

تعتبر القوى الطلابية الثورية داخل الجامعات قائمة "صوت طلاب مصر"، الذراع الرئيسي للنظام داخل الجامعات، عبر حزب مستقبل وطن، المعروف بتأييد رئيسه محمد بدران، ورئيس اتحاد طلاب مصر السابق، لنظام عبد الفتاح السيسي. وفي هذا السياق تقول مريم عوف: "يحاول النظام تصدير المقربين منه عبر قائمة "صوت طلاب مصر"، وذلك في كل تعاملات الدولة الرسمية وغير الرسمية كممثلين لطلاب مصر، عبر مجموعة من التدريبات والمعسكرات ومن خلال تمكينهم من مراكز إعداد القادة التابعة للجامعات المصرية لإتمام مؤتمراتهم وفعاليتهم، بينما يتم التضييق على كل المجموعات الطلابية الأخرى مهما كان نشاطها واعتقال أفرادها واختطاف واغتيال قيادات طلابية معروفة".

وجاء في بيان لحركة الاشتراكيين الثوريين أن "عمل صوت طلاب مصر على استمالة دوائر طلابية معقولة، ويخطط لخوض الانتخابات، بالتنسيق التام مع الإدارات والأجهزة الأمنية، وبهدف السيطرة على الاتحادات وتطويعها لخدمة توجهات السلطة والترويج لقراراتها بين صفوف الطلاب".

في هذا الإطار، يوضح ماجد فتحي، أن "قائمة "صوت طلاب مصر" تعمل على جذب الطلاب الموالين للسلطة المصرية، وذلك مثلًا عبر ترشيح من تم تعيينهم في جامعة المنصورة خلال العامين الماضيين تحت مسمى "معاون" ليكون حلقة الوصل بين رئيس الجامعة والطلاب". ويبين ماجد أن "طريقة اختيار المعاون كانت قائمة على مدى تأييده لإدارة الجامعة، والتبليغ عن نشطاء وقيادات الحركات الثورية الفاعلين داخل الجامعة".

قوائم القوى الثورية.. بين المشاركة والمقاطعة

تنقسم الحركة الطلابية الثورية داخل الجامعات المصرية حول مدى أهمية المشاركة في انتخابات اتحاد الطلاب أو المقاطعة. فبينما أعلنت حركات الاشتراكيين الثوريين، طلاب مصر القوية، 6 إبريل، طلاب حزب الدستور، حزب مصر الديمقراطي الاجتماعي، ومستقلين آخرين مشاركتهم في الانتخابات القادمة، أعلنت حركة "طلاب ضد الانقلاب"، المعروف بانتماء أفرادها لجماعة الإخوان المسلمين رفضها ومقاطعتها للانتخابات.

تؤكد مريم عوف أن "قرار مشاركة حركة "الاشتراكيين الثوريين" في انتخابات اتحاد الطلاب شوكة في حلق النظام وذراعه الطلابي في كل مناسبة". وتضيف: "المقاطعة خيار أسهل وأقرب، خاصة إذا ما أُخذ في الاعتبار حالة الإحباط التي تعصف بمعظم القيادات الطلابية من مختلف الحركات والتي صمدت أمام تحديات العامين الماضيين. إلا أن المقاطعة لن تجدي نفعًا في هذه المرحلة من الصراع، بل على العكس، تخدم المقاطعة توجه النظام لإخلاء الساحة أمام مشروعه، وإغلاق كل الأبواب في وجه كل صوت يعارضه في الجامعات في المستقبل".

ويرجع أحمد البقري، نائب رئيس اتحاد طلاب مصر 2013، مقاطعة قوى ثورية واسعة، بحسب وصفه، لانتخابات اتحاد الطلاب، إلى كونها "ستكون مسرحية بلا ناخبين، كانتخابات البرلمان". ويتساءل البقري: "كيف لطلاب أن ينتخبوا في دولة وصفتهم بالعملاء والخونة والإرهابيين ووضعت عشرات القوانين التي تقيد الحرية داخل الجامعات، وحلت كل الأسر الطلابية؟". ويضيف: "كان على القوى الطلابية، بعد اعترافها بأن التعديلات التي تمت على اللائحة تعديلات أمنية بامتياز، هدفها إنهاء النشاط الطلابي، العزوف عن المشاركة في انتخابات نتائجها محسومة بشكل مُسبق".

قمع متواصل للحركة الطلابية

يرى المقاطعون لانتخابات اتحاد طلاب مصر أن الانتخابات مسرحية بلا ناخبين كالانتخابات البرلمانية الأخيرة

منذ الثالث من يوليو/ تموز 2013، تعاني الحركة الطلابية من تضييق أمني داخل الحرم الجامعي وساحات العمل السياسي والمجال العام، وامتد التضييق الأمني إلى حد القتل خارج إطار القانون والاختفاء القسري، والفصل من الجامعات.

"على مدار العامين الماضيّن تم التضييق على العمل الطلابي بكل أنواعه عبر قمع أي تحركات ومنعها، أو اعتقال وخطف وقتل الطلاب في أغلب الجامعات"، هكذا علقت الناشطة الطلابية مريم عوف. وتضيف: "هذا العام هو امتداد لما سبقه من تضييق على مساحات اتحاد الطلاب وقد لعبت الحركة الطلابية في السابق دورًا مهمًا في التحرك ضد الأنظمة السياسية، كما حدث في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، فخوف النظام من أي تكتل طلابي هو في الحقيقة خوف من ثورة تطيح به".

وفي سياق متصل، يرى البقري أن مناخ العمل السياسي داخل الجامعات المصرية "مناخ يخيم عليه القتل، والاعتقال، والتصفية، وإرهاب تمارسه سلطة فاشية عسكرية هدفها تدمير جيل يريد مستقبل أفضل من سابقه"، بحسب قوله. ويضيف: "لا يسمح لأي طالب أن يمارس أي نشاط طلابي داخل الجامعة لا يتوافق مع رؤية ومشروع النظام. النظام المستبد يوجه كل أدوات قمعه إلي الحركة الطلابية لكسر شوكتها، وتصفيتها، لكي تخلو له الساحة بعد ذلك للانقضاض على الحراك الاجتماعي الصاعد".

ويؤكد ماجد فتحي لـ"ألترا صوت": أن "العمل الطلابي في الفصول الدراسية الأخيرة في تراجع حاد، وهناك جامعات توقف بها النشاط بشكل كلي تقريبًا كما أن الفعاليات والندوات التي تنظمها بعض الحركات الطلابية تتم أغلبها خارج الحرم الجامعي".

اقرأ/ي أيضًا: 

طلبة مصر أمام القضاء!

الحراك الطلابي في مصر..هل انتهى؟

القوى الطلابية المصرية في مواجهة الانتهاكات