يمثّل جنود كوريا الشمالية الانتحاريون تحديًا جديدًا للجيش الأوكراني، في الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أقدم جندي كوري شمالي على تفجير نفسه بقنبلة يدوية لتجنب الوقوع في الأسر، وفقًا لتقارير قوات العمليات الخاصة الأوكرانية.
وبحسب ما نقلت وكالة "رويترز"، عثرت القوات الأوكرانية خلال معركة في منطقة كورسك المكسوة بالثلوج، على جثث أكثر من 12 جنديًا كوريًا شماليًا بعد اشتباك مباشر. وعند محاولة الجنود الأوكرانيين إنقاذ أحد المصابين الكوريين، قام الجندي الكوري بتفجير نفسه بواسطة قنبلة يدوية. لم تسفر الحادثة عن إصابات بين القوات الأوكرانية، لكنها ألقت الضوء على عقلية الجنود الكوريين الشماليين في هذه الحرب.
ونقلت الوكالة عن أحد المشرّعين الكوريين الجنوبيين أنه تلقى معلومات استخباراتية تفيد بأن الجندي الكوري الشمالي صاح باسم الزعيم الكوري "كيم جونج أون" وأخرج قنبلة يدوية لمحاولة تفجير نفسه، وقُتل بعد ذلك. وقال إن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو وجود دلائل على أن هذه القوات تلقت تعليمات بالانتحار.
يمثّل جنود كوريا الشمالية الانتحاريون تحديًا جديدًا للجيش الأوكراني، حيث أقدم جندي كوري شمالي على تفجير نفسه بقنبلة يدوية لتجنب الوقوع في الأسر
ووفقًا لشهادات منشقين كوريين شماليين، فإن ثقافة الجيش الكوري الشمالي تُعزز مفهوم التضحية بالنفس كواجب وطني، بل تُعتبر أوامر الانتحار إحدى استراتيجيات التدريب الأساسية. جندي كوري شمالي سابق، انشق إلى كوريا الجنوبية في 2022، وصف الجنود بأنهم "ضحايا لغسيل دماغ جعلهم مستعدين للتضحية بحياتهم دفاعًا عن كيم جونغ أون".
كما عُثر على مذكرات مع الجنود القتلى تؤكد هذه العقلية، حيث تركز الأوامر على أهمية الانتحار لتجنب الوقوع في الأسر، لحماية النظام ولتفادي وصمة العار التي قد تلاحق عائلاتهم. وبحسب ما أشار مراقبون لـ"رويترز"، فهم يرون أن العودة إلى بيونغ يانغ قد تكون "مصيرًا أسوأ من الموت" لهؤلاء الجنود، نظرًا لما يعتبره النظام خيانة للوطن.
ثقافة الجيش الكوري الشمالي تُعزز مفهوم التضحية بالنفس كواجب وطني، بل تُعتبر أوامر الانتحار إحدى استراتيجيات التدريب الأساسية
وبحسب محللين عسكريين، فإن هذه الاستراتيجية الانتحارية لا تعكس فقط الولاء لنظام كيم جونغ أون، بل تمثل أيضًا وسيلة لحماية عائلات الجنود من العقوبات التي تفرضها السلطات الكورية الشمالية على أسر الجنود الذين يرفضون تنفيذ الأوامر.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، اليوم الثلاثاء، أنها ستتشاور مع أوكرانيا بشأن إمكانية استقبال الجنود الكوريين الشماليين الأسرى، إذا طلبوا الانشقاق إلى الجنوب. يأتي ذلك بعد تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول أسر جنديين كوريين شماليين أثناء قتالهما إلى جانب القوات الروسية في منطقة كورسك الغربية بروسيا.
حيث نشر الرئيس الأوكراني يوم الأحد، مقطع فيديو يظهر استجواب اثنين من الجنود الكوريين الشماليين، أحدهما مستلقيًا على سرير ويداه مقيدتان، بينما كان الآخر جالسًا وضمادة على فكه. أحد الجنود صرّح، من خلال مترجم، أنه لم يكن يعلم بأنه يقاتل ضد أوكرانيا، مؤكدًا أنه قيل له إن مهمته تدريبية. وأضاف أنه اختبأ لمدة يومين في ملجأ قبل أن يتم العثور عليه.
In addition to the first captured soldiers from North Korea, there will undoubtedly be more. It’s only a matter of time before our troops manage to capture others. There should be no doubt left in the world that the Russian army is dependent on military assistance from North… pic.twitter.com/4RyCfUoHoC
— Volodymyr Zelenskyy / Володимир Зеленський (@ZelenskyyUa) January 12, 2025
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، لي جيه-وونغ، في مؤتمر صحفي نقلته وكالة "يونهاب" الكورية: "بما أن الجنود الكوريين الشماليين يُعتبرون مواطنينا بموجب الدستور، تخطط الحكومة لمناقشة القضية مع أوكرانيا في حال طلب الأسرى الانشقاق إلى كوريا الجنوبية". وأضاف أن السلطات الكورية الجنوبية على تواصل مستمر مع نظيرتها الأوكرانية لتبادل المعلومات ذات الصلة.
ويُعرّف الدستور الكوري الجنوبي أراضي البلاد بأنها تشمل شبه الجزيرة الكورية بأكملها، مما يعني أن جميع المقيمين في الشمال هم فعليًا مواطنون لكوريا الجنوبية.
أعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية أنها ستتشاور مع أوكرانيا بشأن إمكانية استقبال الجنود الكوريين الشماليين الأسرى
وتشير تقارير الاستخبارات الوطنية الكورية الجنوبية إلى أن كوريا الشمالية أرسلت نحو 11 ألف جندي لدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، حيث قُتل حوالي 300 منهم، وأُصيب ما يقرب من 2,700 آخرين.
وأكدت وكالة الاستخبارات الوطنية الكورية الجنوبية تعاونها الوثيق مع نظيرتها الأوكرانية لتبادل المعلومات حول الجنود الكوريين الشماليين الأسرى. ورغم ذلك، أكدت الوزارة أنه حتى الآن، لم يعرب أي من الجنديين الأسيرين عن نيتهما الانشقاق إلى الجنوب.