30-مايو-2018

المتصفح المتخفي لا يخفي أنشطة التصفح تمامًا (يوتيوب)

ديلان كوران، وهو مستشار بيانات ومطور ويب، يُوضح في مقال له بصحيفة الغارديان، ما قد يغفل عنه كثيرون ممن يعتقدون أن وضع المتصفح المتخفي الذي يوفره متصفح جوجل كروم، يخفي فعلًا أنشطة التصفح بشكل تام ونهائي.. الأمر ليس كذلك حتمًا. للاستيضاح، ننقل لكم المقال مترجمًا فيما يلي.


عندما تستخدم الوضع المتخفي أثناء التصفح، لا يعني ذلك أن نشاطك قد اختفى إلى الأبد، كل ما في الأمر أنه اختفى فقط من على الجهاز المُستخدم.

مفاجأة ربما لا يعلمها الكثيرون، وهي أن استخدام وضع التخفي على متصفح جوجل كروم، لا يُخفي نشاطك من الإنترنت!

باستخدام اختصار لوحة المفاتيح "Ctrl-shift-N" لتفعيل وضع التصفح المتخفي لجوجل كروم، تبدأ بكتابة الكلمة التي تبحث عنها ببعض التردد ربما، ومن ثم تجد الموقع الإباحي الذي كنت تبحث عنه، وتشعر في هذه اللحظة ببعض الأمان.

بعد أن تنهي رحلتك مع فيديوهات البورنو وتأخذ ما تأخذه من وقتك، تبدأ في الخطوة التالية، وهي "تنظيف" مخلفات ما شاهدته، فتحاول بهدوء إخفاء أثر بحثك، والتأكد من خلو مجال بحثك من أي شيء قد يُعثر عليه كدليل ضدك. وتقوم بإغلاق المتصفح الخفي، ظانًا بأن أدلة أنشطتك قد تلاشت نهائيًا من فضاء الإنترنت. ليس ثمة حصافة أكثر من ذلك؟! في الواقع، إن النشاط الذي حاولت إخفاءه تمامًا، لم يختف من الإنترنت!

من السهل معرفة سبب اعتقاد الناس أن تاريخ التصفح يختفي في اللحظة التي تغلق فيها نافذة التصفح. يوضح متصفح جوجل ذلك بالإشارة إلى "أنك تستطيع الآن التصفح بسرية، ولا يستطيع الأشخاص الآخرون الذين يستخدمون هذا الجهاز معرفة المواقع التي زرتها". وهذا هو مربط الفرس، إذ لا يتسنى للأشخاص الآخرين الذين يستخدمون "هذا الجهاز" التعرف على نشاطك عليه، لكن ذلك لا يعني أنه لا يمكن لأي شخص معرفة تفاصيل هذا النشاط، وإنما فقط الشخص الذي يستخدم هذا الجهاز.

تعمل خاصية التخفي على النحو التالي: تخيل أنك أجريت عبر هاتفك اتصالات وأرسلت رسائل، ثم قررت إعادة ضبطه على وضع المصنع. كل نشاط سيحذف من عندك، لكن الرسائل والمكالمات لن تحذف من عند من أرسلتها إليهم أو تحدثت معهم، وبنفس الطريقة يعمل وضع التصفح المتخفي.

جرت العادة على تسجيل دخولك على حساب جوجل عندما تجري بحثًا على الموقع. ومن ثم يقوم المستخدم بمسح تاريخ تصفحه، وملفات الذاكرة المخبأة، ظانًا أن تلك المعلومات سوف تختفي فحسب. إلا أن ما لا يعلمه معظم الناس، أن أنشطتك على متصفح جوجل تُخزن في شيء اسمه "Google – My Activity"، والذي يعرض تاريخ تصفح حسابك بالكامل، بما في ذلك عمليات بحثك، والمواقع التي زرتها، بالإضافة إلى عدة أمور أخرى.

ولكن دعنا نفترض أنك ذكي بما فيه الكفاية لتسجيل الخروج من حساب جوجل قبل بحثك عن المواد الإباحية. فإن ما لا يدركه كثير من الناس، أن أجزاء من الصفحات التي قمت بزيارتها، تُحمل وتُخزن على هيئة ملفات مؤقتة (أو ما يُعرف بالذاكرة المخبأة). وبالتالي عليك التخلص من تلك الملفات أيضًا.

يبقى دائمًا هناك أثر لنشاطك، إذ يتتبع مزودك بخدمة الإنترنت أثر المواقع الإلكترونية التي زرتها، وجميع الأغراض التي حملتها أو شاهدتها

إذا كنت كثير التشكك، وهو ما عليك أن تكونه على أية حال، فلنقل مثلًا أنك أجريت بحثًا عن مواد إباحية من خلال حاسوبك، ومن ثم مسحت كل بيانات حاسوبك. فأنت لم تقم بمسحه مرة واحدةً فحسب، بل مسحته، ثم استخدمته ثانيةً، ثم مسحته أخرى، وهكذا.

يبقى دائمًا هناك أثر لنشاطك، إذ يتتبع مزودك بخدمة الإنترنت أثر المواقع الإلكترونية التي زرتها، وجميع الأغراض التي حملتها أو شاهدتها، وقد يتتبعك مباشرة إلى منزلك! لذا، فإن السبيل للتغلب على ذلك، يكون باستخدام شبكة خاصة افتراضية (في بي إن- VPN). إذ تعيد توجيه بيانات عملك لتأتي عن طريق خادم شخص آخر، وتعمل كذلك على تشفير المعلومات.

إخفاء بيانات المتصفح الخفي
إخفاء بيانات التصفح أمر شديد التعقيد، وفي النهاية لن تستطيع إخفاءها تمامًا من الوجود (PA)

بيد أن الشبكة الخاصة الافتراضية التي تتصل بها سوف تتتبع ما تفعله، وسيكون لديها دلائل على عمليات بحثك، والمواقع التي زرتها. إذ يمكن وفقًا لشروط الخدمة بموجب القانون، أن يُسلم تاريخ تصفحك إذا تطلب الأمر بكل سهولة ويسر. لذا، قد يحدد القانون من عاداتك الإباحية، أو كل ما تقوم به تقريبًا، إذا كان هناك سبب لذلك. 

لنأخذ مثالًا أحد أشهر المواقع الإباحية، والذي يُروج لنفسه على أنه شركة تُعطي أولوية قصوى لخصوصيتك، وعليه فلا بد عليهم أن يكونوا حازمين في مسألة تنظيف أثر أنشطة المستخدمين على الموقع. هذا الموقع، التابع لشركة تستحوذ على 80% من النشاط الإباحي على الإنترنت، بمجرد أن تدخل على صفحته الرئيسية، سيصدمك بمقاطع فيديو إباحية خاصة ببلدك. من المثير للسخرية بالنسبة لموقع لا يتتبعك كما يدعي، أن يظهر لك على الفور أنهم يعلمون مكانك بالضبط. أليس كذلك؟!

وبخصوص أدوات التتبع، فإن موقعًا مثل يوتيوب يمتلك قرابة عشرين أداة تتبع في المتوسط عند النقر على أي مقطع فيديو، علمًا بأن أدوات التتبع في الموقع الإباحي المقصود ثلاثة!

في بعض الشبكات الإعلانية الخاصة بالمواقع الإباحية، عندما تضغط على أحد مقاطع الفيديو، لا تقوم بإرسال طلبك إلى موقع بعينه فقط، بل ترسل معلوماتك أيضًا لهذه الشبكات. قد تلاحظ تلك الشبكة أنك تفضل نوع ما من المواد الإباحية، فتقوم بتخصيص الإعلانات التي تظهر أمامك على هذا الأساس.

إنهم يحصلون على عنوان "IP" الخاص بك، ووكيل المستخدم الخاص بك (أي بيانات متصفحك، وموقعك، وبيانات حاسوبك، وما إلى ذلك)، بالإضافة إلى بعض المعلومات الأخرى المفيدة بالنسبة إليهم، مثل مقدار الوقت الذي تقضيه في مشاهدة فيديوهات محددة، والأنواع التي تحب مشاهدتها.

إذا كانت قضية الأمان نسبية، لكن الأكيد عن أنشطة تصفحك للمواقع الإباحية تُرسل إلى شبكات دعاية وإعلان. وبالنسبة لخدمة "Google Analytics" التي تستخدمها المواقع لتحليل جمهورها، فإنها تلتقط معلومات تفصيلية عنك بشكل لا يُصدق، مثل تلك التي ذُكرت أعلاه، بالإضافة إلى معلومات عن جهازك، وعمرك، وبياناتك الديموغرافية، وعنوان "آي بي" الخاص بك، ومدى سرعة خدمة الإنترنت لديك.

خدمة "Google Analytics"، تلتقط معلومات تفصيلية عنك بشكل مخيف: عن جهازك وعمرك وبياناتك الديموغرافية، وأكثر

حسنًا، ربما لا تتبعك المواقع الإباحية حرفيًا، لكن الشبكات الإعلانية الخاصة بها، بالإضافة إلى جوجل، يستطيعون ربط كافة هذه المعلومات بهويتك الشخصية. بل قد يصل الأمر إلى أكثر من ذلك، إذا سجلت الدخول عبر حسابك على جوجل كروم.