24-يوليو-2021

مشهد من بيروت أثناء حرب تموز 2006 (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

يشهد لبنان اليوم أزمة جديدة تلوح في الأفق القريب وتتمثل وفق صندوق الأمم المتحدة للطفولة - يونيسف، بفقدان المياه لدى اللبنانيين، سواء مياه الشرب أم مياه الخدمة، بحسب ما نقلت وكالة رويترز. هذا في ظل مواجهة لبنان الانهيار الاقتصادي والمالي منذ عامين، والذي دفع أكثر من نصف سكانه إلى الفقر بعد أن شهدت عملته فقدان أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي مما قلب الأوضاع رأسًا على عقب. وبعد أن ترجمت الأزمة المالية إلى نقص حاد في السلع الأساسية مثل الوقود والأدوية مع شح الدولار من السوق اللبناني. 

يعاني قطاع المياه في لبنان من مشاكله القائمة قبل أزمة الانهيار الاقتصادي، لكن مع التطورات الأخيرة بخصوص سعر الدولار وشح المازوت وما تبعهما أطلقت اليونيسف تحذيرًا من العطش الذي قد يطال أكثر من ثلثي سكان لبنان 

وحذر صندوق الأمم المتحدة للطفولة -يونيسف من أن أكثر من 4 ملايين شخص في لبنان، من بينهم مليون لاجئ من جنسيات مختلفة، يواجهون خطر فقدان الوصول إلى المياه الصالحة للشرب بسبب نقص التمويل وفقدان مادة الوقود والإمدادات الضرورية مما يؤثر على عملية ضخ المياه إلى المدن والقرى المختلفة. وقال بيان صادر عن صندوق الأمم المتحدة  للطفولة"تقدر اليونيسف أن معظم ضخ المياه سيتوقف تدريجيًا في جميع أنحاء البلاد في غضون 4 إلى 6 أسابيع قادمة"، وأضاف بيان اليونيسف "في حالة انهيار نظام إمدادات المياه العام يمكن أن تقفز تكاليف المياه بنسبة 200% شهريًا، حيث سيتم تأمين المياه من موردي المياه من القطاع الخاص، مما يشكل كلفة باهظة جدًا لكثير من الأسر من الفئات الأكثر هشاشة في لبنان". وأفادت المنظمة التابعة للأمم المتحدة بأنها تحتاج إلى 40 مليون دولار سنويًا لتأمين الحد الأدنى من مستويات الوقود والكلور وقطع الغيار والصيانة اللازمة للحفاظ على تشغيل الأنظمة الحيوية لضخ المياه.

اقرأ/ي أيضًا: موجات الهجرة عبر المتوسط تتنشط مجددًا في ظل كوارث إنسانية تلحق بالمهاجرين

ونقل البيان عن ممثلة اليونيسف في لبنان، يوكي موكو، قولها "ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فلن تتمكن المستشفيات والمدارس والمرافق العامة الأساسية من العمل بسبب غياب المياه والكهرباء والمواد الحيوية للتشغيل"، وأضافت "يتعرض قطاع المياه للدمار بسبب الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان، وهو قطاع غير قادر على العمل بسبب تكاليف الصيانة الدولارية أي بالعملة الصعبة، وبفعل الانهيار الموازي لشبكة الكهرباء والتهديد بارتفاع تكاليف الوقود كالبنزين والمازوت".

وأوضحت يوكي موكو إلى أنه "في ذروة أشهر الصيف، ومع بدء ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا من جديد بسبب متحور دلتا، يبدو أن نظام المياه العامة في لبنان على وشك الانهيار في أي لحظة"، وأضافت "كل ذلك يعرض صحة الأطفال ونظافتهم للخطر. وسيكون لهذا التطور السلبي تأثيرًا فوريًا وضررًا هائلًا على الصحة العامة في لبنان" ورأت بأن "لبنان سيشهد زيادة في الأمراض وستواجه النساء والشابات المراهقات تحديات خاصة في النظافة الشخصية والحماية والكرامة نتيجة حرمانهن من الحصول على مرافق وخدمات صحية آمنة"، بحسب ما نقلت شبكة الجزيرة إنجليزية إضافة إلى تقارير إخبارية عديدة حول المسألة.

وغردت صفحة اليونيسيف على تويتر بالقول "شبكات وأنظمة إمدادات المياه في لبنان على وشك الإنهيار: أكثر من 71% من الناس معرضون لخطر عدم الحصول على المياه"، وورد في تغريدة ثانية "اليونيسف على كامل الاستعداد لتقديم الدعم، خصوصًا مع تطور الوباء العالمي، لضمان تلبية الحق الأساسي في الحصول على مياه نظيفة وآمنة للأطفال والأسر في هذا الوقت الحرج في لبنان".

هذا بينما يضع انقطاع التيار الكهربائي الكلي وإمدادات الطاقة المتقطعة أنظمة المياه تحت ضغط شديد، ما يؤدي إلى وقف معالجة المياه وضخها وتوزيعها. واستنادًا إلى تقييم قامت به اليونيسف هذا العام، وفق بيانات تم الحصول عليها من مؤسسات المياه العامة الأربع الرئيسية في لبنان، جاء أن أكثر من 71% من الأشخاص  ضمن مستويات ضعف تصنف بالحرجة أو "حرجة للغاية". ويذكر بأن 1.7 مليون شخص تقريبًا يحصلون على 35 ليترًا فقط من المياه يوميًا، أي بانخفاض يقارب 80% مقارنة بالمعدل الوطني للحصة المائية للفرد قبل العام 2020 والبالغ 165 ليترًا. هذا وتشهد مؤسسات المياه العامة عدم قدرة تكبد كلفة قطع الغيار الأساسية لأعمال الصيانة اللازمة. وبداية من العام 2020، حصلت زيادة بنسبة 35% في كلفة إمدادات المياه من موردين خاصين، وتزامنت مع مضاعفة تكلفة المياه المعبأة بالعبوات البلاستيكية أو الزجاجية، فيما تقدر نسبة هدر المياه على الصعيد الوطني نحو 40%، وذلك بسبب نقص الصيانة والتوصيلات غير الشرعية.

وتجدر الإشارة إلى كون المواطنين القاطنين في المدن لا يستخدمون المياه للشرب بسبب الخوف من تلوثها، ويفضلون شراء المياه المعبأة، وقد وصل سعر الغالون البلاستيكي حجم 10 ليترات إلى 10 آلاف ليرة وهي كمية مياه قليلة مقارنة بالحاجة للاستخدام. وبحسابات أولية لاحتياجات عائلة مؤلفة من 3 أشخاص، يتضح لزوم ما يقارب 300 ألف ليرة لبنانية كفاتورة لمياه الشرب في بلد يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه 750 ألف ليرة لبنانية. ووفقًا للعديد من البحوث، فإن المياه الملوثة في لبنان تشكل سببًا إضافيًا لتحول اللبنانيين لشراء المياه من القطاع الخاص بدل الحصول عليها من مؤسسات الدولة مما يضع الطبقات الفقيرة على المحك وسط غياب أي أجندة رسمية لحل الأزمة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تصاعد هجرة الأطباء من أفريقيا يفاقم معضلة استنزاف الأدمغة

"نواب العار والنيترات" في مرمى سهام الناشطين وذوي ضحايا انفجار مرفأ بيروت