18-سبتمبر-2022
انتصار يشكل سابقة لليمين المتطرف في السويد (Getty)

انتصار يشكل سابقة لليمين المتطرف في السويد (Getty)

يتجه زعيم المحافظين السويديين أولف كريسترسون لتشكيل الحكومة القادمة من خلال تحالف اليمين الذي يضم المعتدلين، والمسيحيين الديموقراطيين، والليبراليين، بالإضافة للديمقراطيين السويديين الذين يمثلون اليمين المتطرف، وقد حلوا ثانيًا في الانتخابات التشريعية بعد حصولهم على 73 مقعدّا، ولا تزال طريقة مشاركتهم في الائتلاف الحكومي غير محسومة، حيث سيكون انضمامهم للحكومة سابقة في تاريخ السويد.

يتجه زعيم المحافظين السويديين أولف كريسترسون لتشكيل الحكومة القادمة من خلال تحالف اليمين الذي يضم المعتدلين، والمسيحيين الديموقراطيين، والليبراليين، واليمين المتطرف

وجرت مباحثات رباعية على مستوى رفيع بين الأطراف اليمينية الأربعة من أجل الوصول إلى تفاهم حول تشكيل الحكومة الجديدة، والسياسة التي سيتم إتباعها في السويد خلال الفترة القادمة. وبعد فرز 99.9% من أصوات المقترعين، تحصل تحالف اليمين على 176 مقعدًا، في حين حصل تحالف أحمر أخضر اليساري والمكون من أربعة أحزاب على 173 مقعدًا في نتائج جد متقاربة، حيث تحتاج الكتلة الفائزة إلى 175 مقعدًا كي تشكل أغلبية في البرلمان السويدي المكون من 349 مقعدًا.

وقال زعيم تحالف اليمين إنه يمضي بقوة في عملية تشكيل الحكومة، ومن المقرر أن يجري محادثات جديدة مع ممثلي الأحزاب البرلمانية الثمانية، لكنه سينتظر ظهور النتائج النهائية الرسمية. إلا أن بعض المحللين يتوقعون أن تستمر المفاوضات لبعض الوقت. وأعلن كريسترسن عبر حسابه على فيسبوك بأن "العملية ستستغرق الوقت اللازم"، واعدًا بأن يشكل حزبه "قوة بناءة صاحبة مبادرة".

وكانت رئيسة الوزراء السويدية ماجدالينا أندرسون قد قدمت استقالتها لرئيس البرلمان الخميس الماضي، بعد أن أقرت بهزيمة وفشل تحالفها اليساري في الحصول على الأغلبية، وبالتالي أصبحت حكومتها مجرد حكومة تصريف أعمال. وأكدت أندرسون أنها ستبقى زعيمة للحزب الاشتراكي الديموقراطي، وأن حزبها سيبقى منفتحًا للتعاون مع اليمين المحافظ، في حال فشل في تشكيل غالبية مع اليمين المتطرف.

وحقق حزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف أقوى النتائج في تاريخه، ليصبح القوة الثانية في البلاد بعد الديمقراطيين الاشتراكين الذين تحصلوا على 107 مقعدًا. ويرفع الحزب شعارات متطرفة تتركزعلى مهاجمة المهاجرين، والمطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة تتعلق بتجميد نظام اللجوء لغير الأوروبيين ليصل إلى الصفر، بالإضافة لخفض المزايا التي يحصل عليها المهاجرون ما لم يتعلموا اللغة السويدية، وإعادة الأشخاص الذين لم يتمكنوا من الاندماج في السويد، وتجريد أعضاء العصابات من الجنسية، وترحيل الأجانب الذين يدانون بأي سجل جنائي، واستئجار السجون في الخارج لنقل المدانين إليها.

وركز اليمين المتطرف في حملته الانتخابية على الادعاء بأن النموذج الاجتماعي السويدي المميز ينهار في كل جانب من جوانب الحياة العامة، بدءًا من النظام الصحي المنهك، وليس انتهاء باحتلال البلاد المركز الرابع بأعلى معدل بطالة في الاتحاد الأوروبي. ونشر زعيم اليمين المتطرف جيمي أكيسون على صفحته في فيسبوك بعد ظهور نتائج الانتخابات، قائلًا "سننتهي الآن من السياسة الديمقراطية الاشتراكية الفاشلة، التي قادت هذا البلد باستمرار إلى المسار الخطأ لمدة ثماني سنوات". وأضاف "حان الوقت للبدء في إعادة بناء الأمن والرعاية والتماسك الاجتماعي، وآن الأوان لوضع السويد في المرتبة الأولى".

كما رفع ديمقراطيو السويد شعار "وقف العنف"، والذي تحول إلى شعار انتخابي عند معظم أحزاب السويد، بعد الزيادة المرتفعة للجرائم. فقد سجلت السويد حصيلة ثقيلة هذا العام، إذ قتل 47 شخصًا لحد اللحظة، متجاوزًا حصيلة العام الماضي الذي سجل سقوط 46 ضحية، بالإضافة لعمليات إطلاق النار  بمعدل 336 عملية سنويًا.

في خضم كل تلك الأسباب التي رفعت من رصيد اليمين المتطرف ونسبة التصويت لصالحه، يبرز على الساحة اسم حزب "نيانس". حيث يشير متابعون إلى احتمالية أن تكون هزيمة تحالف اليسار نتيجة لتشتيت الأصوات الذي قام به الحزب، إذ إن الكتلة الناخبة التي صوتت له كانت تذهب في العادة إلى التحالف اليساري الذي طالما دافع عن حقوق المهاجرين وقضاياهم.

وحزب "نيانس" ويعني باللغة العربية "ظل الألوان"، ذو توجه إسلامي يقول القائمون عليه إنه صوت الجالية المسلمة والمهاجرين. ودخل الحزب الذي تأسس قبل ثلاث سنوات في مدينة يوتبوري السويدية الانتخابات على أساس تجاوز نسبة الحسم، والتي تمثل 4.2% من أصوات الناخبين، لكنه لم يتجاوز عتبة الحسم.

وقد ركز حزب "نيانس" في حملته الانتخابية على ثلاث نقاط، وهي اعتراف الحكومة السويدية بالأقلية المسلمة كأقلية يحميها الدستور، ومحاربة العنصرية والإسلاموفوبيا عن طريق اعتراف الحكومة السويدية بأنها مشكلة اجتماعية. وركز الحزب في هذا الإطار على منع حرق القرآن الكريم لأن ذلك فعل موجه ضد فئة عرقية معينة، ولا يدخل في إطار حرية التعبير، بالإضافة لمهاجمة "السوسيال" أو الشؤون الاجتماعية، حيث يتهمها الحزب بـ"سحب أطفال المسلمين" عن طريق "قانون رعاية القاصرين LVU"، والذي يُتيح للسلطات السويدية أن تتدخل لتقديم الرعاية، والعلاج للطفل في حال وجود خطر يتهدده. وقد شن الحزب هجومًا منظمًا على الحكومة السويدية واتهمها بـ "سوء معاملة العائلات المسلمة بشكل منهجي"، مطالبًا بفتح تحقيقات بخصوص قانون "LVU" في الحالات التي اشتكى فيها الأهل بأنهم تعرضوا لتمييز في المعاملة، وأن أولادهم سحبوا منهم على أسس واهية.

ركز اليمين المتطرف في حملته الانتخابية على الادعاء بأن النموذج الاجتماعي السويدي المميز ينهار في كل جانب من جوانب الحياة العامة

بالمقابل، وبالنظر لنتائج التصويت، فقد حصل "نيانس" على حوالي 20 ألف صوت، في حين أن فارق الأصوات بين كتلتي اليمين واليسار هو 50 ألف صوت، وهذا يعني أن نسبة التصويت للحزب لم تصل لنصف الفارق بين الكتلتين، وهو ما يستبعد الفرضية الأولى. لكن تبقى فرضية أن مقاطعة الجالية المسلمة والمهاجرين للانتخابات بنسب عالية، كانت السبب في تقدم أحزاب اليمين واليمين المتطرف.