24-سبتمبر-2018

تواجه سيسيل كينغ قضية تشهير لاتهامها حزب يميني بالعنصرية (Getty)

قد تتعرض للإساءة بشكل عنصري وواضح، مثل أن يقول عنك شخص ما أنك تشبه الإنسان البدائي أو القرد، فقط لأن لون بشرتك أسود، وعندما تقول إن هذا السلوك عنصري، فإنك ستُتهم بالتشهير. هذا ما حدث فعلًا مع سيسيل كينغ، الوزيرة الإيطالية من أصل أفريقي، مع حزب الرابطة الإيطالي الشعبوي والمعادي للاجئين. يوضح هذا التقرير المترجم عن صحيفة "آيرش تايمز" تفاصيل هذه القضية.


عندما جرى تعيين سيسيل كينغ كأول وزيرة سوداء في الحكومة عام 2013، شبّهها أحد السياسيين التابعين لحزب الرابطة اليميني المتشدد بـ"إنسان الغاب". وبعد مرور خمس سنوات، أصبحت الرابطة أكثر الأحزاب شعبية في إيطاليا، ورفعت دعوى تشهير ضد سيسيل كينغ لاتهامها لهم بالعنصرية.

عندما جرى تعيين كينغ عام 2013، واجهت وابلًا من الإساءات من العديد من السياسيين داخل الرابطة، وهي تُحاكم الآن بسبب رفضها لهذه العنصرية

تواجه سيسيل، وزيرة الدمج والتكامل في حكومة إنريكو ليتا الليبرالية، القضية التي قدّمتها الرابطة ووافق عليها ماتيو سالفيني، زعيم الحزب ووزير الداخلية الإيطالي القوي، في محكمة تقع بمدينة بياتشنزا الشمالية. ومن الممكن أن تتعرض لغرامة كبيرة إذا ثبتت إدانتها.

تأتي هذه القضية في الوقت الذي تتزايد فيه شعبية حزب سالفيني المناهض للهجرة، متجاوزًا بذلك حركة النجوم الخمسة، الشريك الائتلافي، في استطلاعات الرأي الأخيرة.

وقالت سيسيل كينغ: "كان الهدف من وراء كل هذه الهجمات واحدًا: وهو الهجوم علي شخصي، وكانت هذه الهجمات عنصرية. ولهذا السبب طلبت من زعيم ذلك الحزب، ماتيو سالفيني، أن ينأى بنفسه عما كان يجري داخل حزبه، وأن يُدين هؤلاء الأشخاص وأن يعاقبهم وفقًا لقانوننا ودستورنا حتى يمنع العنصرية من أن تصبح سلاحًا سياسيًا. ولم أتلق أي رد منه".

اقرأ/ي أيضًا: الشعبوية في أوروبا.. تيار يجرف حتى الأحزاب "المعتدلة"

كما أضافت سيسيل كينغ، التي أصبحت حاليًا عضوًا في البرلمان الأوروبي عن الحزب الديمقراطي، قائلة إنها تخلّت عن حصانتها القانونية بصفتها عضوًا في البرلمان الأوروبي لمواجهة قضية التشهير كطريقة لاتخاذ موقف ضد العنصرية. ورفض مكتب سالفيني التعليق على القضية.

كما ادعت كلوديا إيكشر، المحامية التي تعاون سالفيني وحزبه في القضية، أن الحزب اتخذ "موقفًا نقديًا إزاء هؤلاء الذين يُعمّمون ويصفون الحزب بالعنصري. ويُعتبر ماتيو سالفيني دقيقًا جدًا في هذا. إِذْ لا يعد هذا مجرد إجراء ضد سيسيل كينج لكنه أصبح مسألة توضيحية؛ تتمثّل في أن العنصرية ليست جزءًا من قواعد رابطة الشمال وأن ماتيو سالفيني واضح جدًا في هذه النقطة".

"إنسان الغاب"

عندما جرى تعيين كينغ عام 2013، واجهت وابلًا من الإساءات من العديد من السياسيين داخل الرابطة. قال روبرتو كالديرولي، أحد أعضاء الرابطة والمخضرم في الحزب، عام 2013: "عندما أرى كينغ، أعجز عن عدم التفكير في إنسان الغاب، مع أنني لا أقول إن ذلك هو مظهرها"، في حين قال أحد أعضاء الرابطة الذين ينتمون إلى البرلمان الأوروبي في نفس العام إن كينغ كانت ستفرض "التقاليد القَبَلية" على إيطاليا، ووصف الحكومة القائمة آنذاك بأنها إدارة مُتخلّفة على غرار "دول العالم الثالث". كما نشر فابيو رينيري، عضو البرلمان السابق عن الرابطة، عام 2014، صورة لكينغ على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مع تركيب صورة قرد على وجهها.

نشر فابيو رينيري، عضو البرلمان السابق عن الرابطة، عام 2014، صورة لكينغ على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مع تركيب صورة قرد على وجهها

ترتبط قضية التشهير بالكلام الذي تفوهت به كينغ خلال أحد المناسبات في عام 2014 بعد نشر الصورة من قبل رينيري. صرّحت كينغ، التي وُلِدت في جمهورية الكونغو الديمقراطية وانتقلت إلى إيطاليا كطالبة، إن خطاب سالفيني المناهض للهجرة فتح "طريقًا سريعًا" للجماعات اليمينية المتشددة في إيطاليا للتعبير عن الإساءات العنصرية. وردّ سالفيني مرارًا وتكرارًا على الاتهامات بالعنصرية من النقاد، إِذْ عمد إلى القول بأنه يحاول فقط القضاء على الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا.

اقرأ/ي أيضًا: الصفحة الأخيرة لماتيو رينزي.. تمزيق التحالف مع اليمين الشعبوي

وقالت إنه "منذ تولي الحكومة الحالية، يبدو الأمر وكأن أي نوع من العنف اللفظي أصبح مشروعًا. لم يعد بعض الناس يخجلون، ويقولون ما يفكرون به علانية. لطالما قلت إن إيطاليا ليست عنصرية لكن هناك بؤر للعنصرية، ورُهاب الأجانب الذي لا ينبغي الاستهانة به".

رفع درجة الوعي

تعرضت وزارة الدمج والتكامل برئاسة سيسيل كينغ للهجوم من قبل سالفيني باعتبارها إهدارًا للإنفاق الحكومي عند إنشائها عام 2013. ووصفها بأنها "كيان مُكلِّف وعديم الفائدة، ومصنع للنفاق".

وقالت كينغ إنها تأمل أن تساعد قضية التشهير، التي سيصدر الحكم فيها بحلول عام 2021 على أقصى تقدير وفقًا للقانون الإيطالي، على رفع درجة الوعي بالعنصرية في إيطاليا. وأضافت أنه "لا يهمنا أن نربح أو نخسر هذه القضية، كل ما يهمنا هو أن يبدأ الناس في فتح أعينهم واتّخاذ موقف، وألّا يسمحوا لهذه الأمور أن تمر دون ملاحظتها. لا يجب أن يحدث ذلك للأجيال القادمة.. ومن هذه اللحظة فصاعدًا، عليّ أن أقاتل لأن هناك التزام على جميع الأحزاب السياسية وجميع المؤسسات حتى نتمكن من تطبيق القانون ضد العنصرية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل تحكم الشعبوية المجتمع الغربي؟

هل تعود الفاشية إلى إيطاليا مع عودة برلسكوني لصدارة المشهد السياسي؟