22-يونيو-2016

سوف يتعب الوقت معك إذا كنت مستغلًا لدقائقه القليلة (Getty)

قالوا قديمًا إن الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك، بينما أقول إن الوقت هو أشر الشرور، هو قاتل سادي سري لدى "ست" إله الشر والظلام، قاتل لا يذبحك ولكن يدفعك لذبح نفسك، يطيل عليك اللحظات المؤلمة من الحزن والقلق والانكسار والدموع. 

ماذا عن إنشاء وزارة لإدارة الوقت لكل مواطن، ونسأله سنويًا في كشف وبيان رسمي عن عمره فيما أفناه؟

تشعر بالدقائق والثواني تلتف حول رقبتك تحاول خنقك، تتساءل مرارًا لماذا الوقت لا يمر وحسب، يمر دون أن أكون في حسبانه، ليتركني وشأني ولا يأتيني بأوجاع جديدة، والوقت يأبى أن يطيعك سوف يأتيك بكل ما لا تستطيع حمله فوق ظهرك ويلقي به دفعة واحدة، ويتآمر أن يمر بكل بطء لكي يراك تتألم وحيدًا، وعندما تصل إلى القدر المراد من الألم يكون الوقت يشاهدك ويضحك لأنه نجح من جديد في انتزاع الشعور منك، الآن أصبحت لا تدري أين أنت أو متى، نجح في انتزاع الإحساس بقيمته لديك لكي يعذبك من جديد في كل لحظة، نجح في أن يجعلك تفقد حتى القدرة على الشعور بالألم، وهو أمر يؤلم أكثر أن لا تشعر بالألم على ما يجب أن يوجعك، وعندما تدرك هذه اللحظة سيكون قلبك وضميرك يقتلانك ويسألانك ألم تعد إنسانًا بعد؟

اقرأ/ أيضًا: لا تضغط على الرابط التالي

أوصلك إلى مرحلة التعود والتبلد واللامبالاة حتى يمر عليك دون مجهود يذكر، سوف يتعب الوقت معك إذا كنت مستغلًا لدقائقه القليلة، ترتاح فيرتاح ويسير بسلاسة إلى أن تفيق فجأة ولا تذكر متى مر كل هذا الوقت عليك، وكيف مر وأين كنت وماذا حدث؟ أترى كم هو شرير، يقتلك في كل لحظة ويفقدك عزيمتك ويمر ببطء عليك، ثم تفيق فجأة لتجده لم يكن بطيئًا بينما أنت من كنت لا تشعر بوجوده!

الوقت يعلم جيدًا أنك لو ملأته بالجهد والعمل والعطاء فسيضطر أن يجازيك خيرًا، ويغضب منه إله الشر الذي يعمل لديه، فالإله "ست" كالنجاشي لا يُظلم عنده أحد، ويجازي كل من يهزم بشرف -عميله السري- الوقت لذلك يدفعه لكي يلعب لعبته وهي أن يجعل الإنسان يفقد الشعور بما لديه من لحظات طويلة، فإن فقد الإنسان الوقت والشعور به، خسر حياته بالكامل، فحياته دقائق تمر من أمام عينيه ويراها دون أن يمتلك القدرة على إيقافها أو الإمساك بها، "ست" لا يظلم أحد ولكن يدفع البشر نحو ظلم أنفسهم، هو يعلم أن الإنسان ظلومًا جهولًا!

ماذا عن إنشاء وزارة لإدارة الوقت لكل مواطن؟ لنسأله سنويًا في كشف وبيان رسمي عن عمره فيما أفناه، ونحاسبه بغلظة إذا لم يلتزم بالمهام الموكّلة إليه، ونضع مادة بأحكام مشددة في قانون العقوبات تُطبّق على كل من يضيع الوقت في اللاشيء، ونجد من أجله شيئًا يقتل به قاتله، لابد للإنسان أن ينتصر على إله الشر الذي دفع بعقبة الزمن، التي تحول الإنسان تدريجيًا إلى آلة لا تبالي ولا تشعر لينتزع إنسانيته منه ويجعله يظلم نفسه كثيرًا.

اقرأ/ أيضًا:

الموت السوري العادي

الإعلانات مرة أخرى