06-أكتوبر-2016

نبيل المخلوفي/ المغرب

الله يا الله..
كم سرنا إليك..
فلم تفاجئنا ابتسامتك الجميلة
لم نعد نقوى على هذا الجنون المستحيل..
أطفالنا جوعى لقائك
فاستبق آهاتهم بمجيئك الدُّري
حطَّتْ نجمة بيد وفرَّت كالعصافير البعيدة هل تعود الآن..
أم ستمارس الكلمات نزعتها إلى حرية المعنى..
وهل سيغادر الشعراء ورطتهم إلى الصحراء...
هل سيسافر الموتى إلى أحلامهم في الغيب؟
جرى في الكون صمتك فاحترقنا في معادلة العروج إلى السماء الحرْ..
لم تجد لغة حقيقتها لتعرفنا بها ..
ولم نجد حزنًا أقل من اختباء الموت في حجر التذكر
لم نجد أحدًا ليجأر بالقيامة
كانت الرؤيا أرق من الذي سنرى حقيقته
وأعلى من مناوءة السماء لخدعة البصر الأليفة
يا إله الصمت والموت المعبِّر حين يمضي الأنبياء بحزنهم
وتراك
كل (أنا) بنافذة المحبة
تسقط الأسماء 
"كُنِّي 
يا حبـ..يـ..بـيَ"
يسقط الثمر المحرَّم
تسقط الكلمات في شَرَكِ اللطافة
تنتشي حرية الأشياء 
تعبدني وأعبدها 
تراني في خلود الغائب الأبدي
تحضر ملء صوتي
تمنح المعنى مشيئتها
وتغرق في فضاء اللذة الأولى
كثيرٌ كلُّ هذا الكون
تنمو مضغة لأعانق الأشجار والإيقاع
تعلو ذرة لأطير ممتلئًا
بريحٍ لا تؤخرها السكينة..
يملأ الموج الفتى صدري
فتمتلئ الحقيقة بالملامسة الخفيَّة.. 
يا إلهًا
يشتهيه الموج والبحر 
اختبرني في اللطافة
لا أرى الكلمات
تثمرني البداهة
حيث لا أبدو
ولا أخفى عليك
وهذه أنثى بدايتيَ اِنمحت في
مائي المسنون
صرت 
        مجرَّدًا 
            أحدًا 
                بديعًا 
ممكنًا في الموت
تكدحني السنون 
أنا الكلام أنا الكلام
على لساني وردة
تستبطن المعنى
وتهرم في الطبيعة
يا إلهًا يحتوي سرِّي وأجهله وأجهل
لعبة الجسد المميتة في منافيّ
-انكسرنا في إنائك-
هشَّة لغتي أمام البحر
ضيِّقة على حريتي
ويدي معلقة بعطفك
فاستجب لندائها البري
-تسكنني الجهات إليك-
وحدي لا أظلُّ ولا أعود لفكرة أخطأتها
وحدي أجيب البحر بالكلمات أصرخ في مجاهله
فيرتدُّ السكون المحض 
وحدي في التأمل
أشتهي جسدي وأقطفه لأحزن
مِتُّ عمرًا كاملًا 
ودنوت من بئر أسميها
اختباء الروح في وجع الأصابع
ميِّتٌ حيٌّ أسمِّيني ولا أقوى
على طين البداية
ها خسرت مجرَّة 
لأضيء إبهامًا بكفِّي.

ليتني جبل ليهلكني حريرك
ليتني ماءٌ لأشهق بالحضور
أبدد المعنى وتحرثه البلاغة
أيُّنا سيرى ملائكة الحقول الخضر يقتسمون أرض الله
والمرآة واسعة
بحجم الخوف والمجهول والصفة الخؤونة في المرايا
أيُّنا سيصيب رمحًا ما بجرح في السماء
وأيُّنا سيضيع في هبة الوجود الواحدية
أيُّنا سيضيء أقمار الرعاة أمام ليلٍ حاشد الصلوات؟
يهوي عاشقٌ رَبٌّ من الدرك الأخير لجنة الأحوال 
مأخوذًا بتقطير الندى
في وردة الجبل البعيدة
يا إلهي شاهدتني وردة
فبكت يداي من الذي يدنو
انحبستُ بجسمها
فرأيت ما لم أستطعه
إلهي اقطفني من الأبدية الزرقاء
فالرماد الذي في الحريق استوى في حديقتك الأزلية
ورأسي معلَّقة في الجمال النهائي للنار
حين تنادي الجهات فأطرب:
ألقِ يديك ترني
ضاجع جماد الطبيعة تهلك
واحدٌ في منادمتي 
وكثيرٌ كثيرٌ إذا سقطت وردة في بريقي
بعيدٌ وأعوي..
كأني تناثرت في اللغة الحجرية:

إلهي كيف فكَّرت في الكون
كيف دبَّرته في الحصى؟
هل أصليك يا ربُّ 
أم أتعلم كيف أراك تحيط مكابدتي بالمحبة والنوْل؟
كيف إذن سوف أخفيك عني؟

يا أبانا الذي في البداية
نحن مراياك 
أبناء فكرتك الجدلية
حين منحت الطبيعة أسماءنا
ربما جمدت موجة من ندائك في شجن الكون
ما أسرع اللحظة الأبدية!
كنا نغنيك
          كنا نغنيك
                  كنا نغنيك..
حتى اتخذناك محض أغانٍ تُراقص أوثاننا المشتهاة
يا أبانا المحبة قاتلة والهوى لا يزول!
فهل يصلح الدهر ما أفسد الدهر؟!

اقرأ/ي أيضًا:

ظلان لموتٍ واحد

أخاف عليك بألا تطيري