تقترب باكستان والهند شيئًا فشيئًا من شبح الحرب، إذ أكّد وزير الإعلام الباكستاني عبد الله تارار، في تصريحات أدلى بها اليوم الأربعاء، أن لدى إسلام أباد معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بأن ضربة عسكرية هندية وشيكة قد تُنفذ خلال اليومين المقبلين.
وأوضح تارار، في منشور عبر منصة "إكس"، أن نيودلهي ستتذرع في ضربتها المرتقبة بالهجوم الذي وقع الثلاثاء الماضي في منطقة باهلغام بكشمير، وأودى بحياة 26 سائحًا، وتبنّته لاحقًا جماعة "جبهة مقاومة كشمير" المرتبطة بحركة "لشكر طيبة"، التي تتهم الهند باكستان بدعمها واحتضانها، في حين تنفي إسلام أباد أي صلة لها بالهجوم، مؤكدةً استعدادها للمشاركة في تحقيق دولي حول الحادثة.
وحذّر الوزير الباكستاني من أن "أي عمل عدواني تشنه الهند على باكستان سيواجَه بردّ حاسم"، محمّلًا نيودلهي "المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات خطيرة في المنطقة"، في إشارة إلى احتمال توسّع نطاق التصعيد.
باكستان تتوقع هجومًا هنديا خلال الساعات القليلة القادمة وتتعهد بالرد
وكان وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، قد أكّد في مقابلة مع وكالة "رويترز" للأنباء أن "التوغّل العسكري الهندي في مناطق خط وقف إطلاق النار بات وشيكًا"، في ضوء تصاعد الخطابات الهندية من جهة، ورصد معلومات استخباراتية تفيد بتحركٍ هندي نحو المواجهة العسكرية من جهة أخرى. وأوضح الوزير أن الجيش الباكستاني عزّز من وجوده في المناطق الحدودية تحسّبًا لأي تحرك عسكري، مشيرًا إلى اتخاذ قرارات وصفها بـ"الاستراتيجية" لمواجهة التصعيد المحتمل.
وعادةً ما ترتبط "القرارات الاستراتيجية" في سجل المواجهات بين البلدين باستخدام أسلحة متطورة، أو استهداف مواقع حيوية. وعلى الرغم من إعلان حالة التأهّب القصوى، أكّد وزير الدفاع أن باكستان لن تلجأ إلى خيار الترسانة النووية "ما لم يكن هناك تهديد وجودي مباشر وقوي"، حسب تعبيره.
وتأتي هذه التصريحات في وقت رُصدت فيه تحرّكات عسكرية متسارعة على الحدود البرية بين البلدين، وسط تحذيرات من الأمم المتحدة بشأن خطر اندلاع حرب خامسة بين الجارين النوويين.
كشمير... ساحة المواجهة من جديد
انطلقت المناوشات الحدودية بين الجيشين مع الساعات الأولى للتصعيد، حيث أعلنت القوات المسلحة الباكستانية، يوم الثلاثاء، عن إسقاط طائرة مسيّرة هندية في إقليم كشمير. وفي المقابل، أفاد الجيش الهندي بأن القوات الباكستانية فتحت النيران من أسلحة خفيفة باتجاه خط المراقبة الهندي، وردّت عليها القوات الهندية "على نحوٍ منضبط وفعّال"، بحسب البيان.
ولم تسجَّل حتى الآن خسائر بشرية في هذه المناوشات، التي يرى مراقبون أنها مقدّمة لتصعيد أكبر، ستكون كشمير ساحته مجددًا. وفي هذا السياق، أعلنت السلطات الهندية إغلاق معظم المناطق السياحية الخاضعة لسيطرتها في الإقليم منذ يوم الثلاثاء.
تصعيد دبلوماسي ومائي غير مسبوق
يُذكر أن البلدين اتخذا منذ هجوم باهلغام، في 22 نيسان/أبريل الجاري، إجراءات متبادلة شديدة التوتر. فقد علّقت الهند اتفاقية تقاسم مياه نهر السند، في خطوة اعتبرتها باكستان "إعلان حرب"، معلنة نيتها مقاضاة نيودلهي دوليًا بسبب المساس بحقوقها المائية، التي تغطي أكثر من 80% من زراعتها.
وردًا على التصعيد، طردت الهند دبلوماسيين باكستانيين، وأوقفت إصدار ومنح التأشيرات للمواطنين الباكستانيين، كما ألغت التأشيرات الممنوحة مسبقًا. في المقابل، ردّت إسلام آباد بطرد دبلوماسيين هنود، وتعليق التبادل التجاري، وإغلاق مجالها الجوي أمام الطيران الهندي.
كما لمّحت الحكومة الباكستانية إلى إمكانية تعليق "اتفاقية شملا"، الموقعة بعد حرب عام 1971، والتي حدّدت "خط السيطرة" في كشمير كحدود مؤقتة بين البلدين، وهو الوضع الذي تحوّل مع الوقت إلى أمر واقع دائم.