في أخطر مواجهة عسكرية بين الجارتين النوويتين منذ عقود، دخلت الهند وباكستان يوم الجمعة في صراع مفتوح امتد إلى ما هو أبعد من حدود كشمير المتنازع عليها، مثيرًا مخاوف من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة.
من الضربة إلى التصعيد
بدأت شرارة التصعيد الحالي صباح الأربعاء حين نفذت الهند سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع في الأراضي الباكستانية وفي الجزء الخاضع لسيطرة إسلام آباد من كشمير. ردت باكستان بهجمات مضادة، فيما أكدت مصادر أن مدينة جامو الهندية تعرضت لقصف مباشر.
في تطور غير مسبوق، امتد القصف الهندي إلى عمق الأراضي الباكستانية خارج كشمير. قُتل نحو 50 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، بينما فُرضت حالة طوارئ في أمريتسار، وأُغلقت مدارس ومطارات.
دخلت الهند وباكستان يوم الجمعة في صراع مفتوح امتد إلى ما هو أبعد من حدود كشمير المتنازع عليها، مثيرًا مخاوف من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة
واستمرت الاشتباكات الليلية على طول خط السيطرة، مع تواتر أنباء عن قصف مدفعي متبادل وغارات جوية في مناطق حدودية كثيفة السكان. في بونش، وهي إحدى أكثر المناطق تضررًا في كشمير الخاضعة للهند، قُتل 13 شخصًا في الليلة الأولى للقصف، فيما أكد سكان محليون أن الليلة الثانية كانت "أكثر عنفًا".
الطائرات المسيّرة تضرب عمق الهند
وفي تصعيد جديد، دوّت انفجارات مساء الخميس في مدينة جامو بكشمير الهندية، قالت مصادر عسكرية هندية إنها قد تكون ناجمة عن هجوم بطائرات مسيّرة باكستانية.
من جهتها، أكدت باكستان أنها أسقطت 25 طائرة مسيّرة هندية ليلة الخميس، فيما أعلنت الهند أن دفاعاتها الجوية تصدّت لهجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت منشآت عسكرية هندية.
📌 مع تصاعد العنف في إقليم كشمير، عاد شبح الحرب ليخيّم مجددًا على العلاقات المتوترة بين الهند وباكستان، بعد الهجوم الدامي في منطقة "باهالغام".
📌 بينما تتبادل الجارتان النوويتان الاتهامات، تتسارع وتيرة التصعيد السياسي والدبلوماسي والعسكري في وقت يخشى فيه المراقبون من انزلاق… pic.twitter.com/FtpGTba9Nz
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 25, 2025
طائرة باكستانية صينية الصنع أسقطت مقاتلتين هنديتين
قال مسؤولان أميركيان لوكالة "رويترز" إن مقاتلة باكستانية متطورة صينية الصنع أسقطت ما لا يقل عن طائرتين عسكريتين هنديتين يوم الأربعاء، في تطوّر يُعدّ محطة فارقة للطائرات القتالية الصينية المتقدمة.
وأوضح أحد المسؤولَين الأميركيَّين، مشترطًا عدم الكشف عن اسمه، أنّ باكستان استخدمت طائرة " J-10 " الصينية الصنع لإطلاق صواريخ جو-جو على مقاتلات هندية، وأسقطت على الأقل طائرتين.
وقال المسؤول الثاني إن إحدى الطائرتين الهنديتين اللتين أُسقطتا كانت من طراز "رافال" فرنسية الصنع. وأكد المسؤولان أن طائرات "F-16 " الأميركية الصنع، التي تنتجها شركة "لوكهيد مارتن"، لم تُستخدم في الهجوم.
ورفض المتحدث باسم سلاح الجو الهندي التعليق على تقرير "رويترز" عند سؤاله عنه. فيما لم تعترف نيودلهي حتى الآن بخسارة أي طائرة، وأكدت بالمقابل أنها نفذت "ضربات ناجحة" استهدفت ما وصفته بـ"بنية تحتية إرهابية" داخل باكستان.
وفي فرنسا، امتنعت شركتا "داسو" للطيران المصنعة لطائرات "رافال"، وتحالف "MBDA " المنتج لصواريخ “ميتيور”، عن التعليق.
ورغم أن "رويترز" كانت قد أفادت الأربعاء، نقلًا عن مسؤولين محليين في الهند، بسقوط ثلاث طائرات هندية، فإن هذا التقرير يُعدّ أول تأكيد غربي على استخدام باكستان لمقاتلاتها الصينية الصنع في إسقاط طائرات هندية.
وأكد وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف في تصريحاته لـ"رويترز" يوم الخميس، أن طائرات " J-10 " الباكستانية أسقطت ثلاث طائرات "رافال" فرنسية الصنع، كانت الهند قد حصلت عليها مؤخرًا. وتقول باكستان إنها أسقطت في المجمل خمس طائرات هندية في معارك جوية.
تُصنّف كل من طائرات "رافال" الفرنسية و"" J-10 " الصينية ضمن جيل الطائرات المقاتلة "4.5"، ما يضعها في طليعة تقنيات القتال الجوي الحديثة.
رئيس الوزراء الباكستاني دعا إلى إجراء تحقيقات محايدة ونزيهة في حادثة الاعتداء على السياح في الجزء الهندي من كشمير، مبديًا استعداد بلاده للمشاركة في تلك التحقيقات.
اقرأ المزيد: https://t.co/KgBTHodjDz pic.twitter.com/IYqU7GP7F3
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 26, 2025
مراقبة غربية دقيقة
يؤكد محللون غربيون ومصادر في الصناعات الدفاعية أنّ الاستخدام المباشر لهذه الأسلحة المتطورة في اشتباك حقيقي سيتم رصده وتحليله بدقة شديدة، لما له من دلالات على الحروب المستقبلية بين القوى الكبرى. وقال الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، دوغلاس باري: "مجتمعات القتال الجوي في الصين، الولايات المتحدة، وعدة دول أوروبية، ستهتم بشدة بجمع أكبر قدر من المعلومات حول التكتيكات، والإجراءات، والمعدات المستخدمة، وما نجح وما فشل".
لكن المصادر تشير إلى أن هناك تفاصيل أساسية لا تزال غامضة، مثل ما إذا كانت صواريخ "ميتيور" قد استُخدمت فعلًا، وكيف تم إطلاقها.
وقال مصدر في الصناعة الدفاعية الغربية: "لا يمكن الحكم على شيء الآن. معرفتنا بالوقائع لا تزال ضئيلة للغاية".
السيناريو الأخطر: النووي حاضر في الخلفية
يستعيد المتابعون بقلق تجربة عام 2019، حين أشعل تصعيد مشابه في كشمير مخاوف من احتمال لجوء الطرفين إلى استخدام الأسلحة النووية، ما استدعى تدخلًا أميركيًا عاجلًا حينها.
لكن هذه المرة، ومع استمرار الانفجارات، وتوسّع الاستهدافات، وانهيار قنوات الاتصال الإعلامي والدبلوماسي، يبدو أن حافة الهاوية تزداد اقترابًا، ما يضع العالم أمام مواجهة محتملة بين قوتين نوويتين في منطقة شديدة الحساسية.
شلل في الحركة الجوية وتأثيرات اقتصادية كارثية
دفعت المخاوف الأمنية بالسلطات الهندية إلى إغلاق 24 مطارًا مدنيًا في شمال البلاد، معظمها بمحاذاة الحدود مع باكستان. وقد أجبرت الأزمة المتصاعدة شركات الطيران على تحويل مساراتها بعيدًا عن المجالين الجويين للهند وباكستان، ما أدى إلى تأخير آلاف الرحلات حول العالم. موقع " Flightradar24" أكد أن عدد الرحلات التي تعبر الأجواء الباكستانية يوميًا انخفض من 700 إلى 18 فقط منذ بداية التصعيد في 7 أيار/مايو.
التداعيات لم تقتصر على المجال الجوي فقط. فقد تأثرت الأسواق المالية بشكل حاد، حيث تراجع مؤشر كراتشي بنسبة 12% منذ الهجوم الذي استهدف سياحًا هنودًا في باهلغام، فيما فقدت بورصة مومباي نحو 1% من قيمتها، رغم أن حجمها يفوق السوق الباكستانية بـ12 مرة.
الرياضة ليست في مأمن
لم تنجُ الرياضة من آثار التصعيد. فقد أعلن مجلس الكريكيت الباكستاني نقل ما تبقى من مباريات الدوري الممتاز إلى الإمارات. وجاء هذا القرار بعد مزاعم بوجود استهداف هندي لملعب راولبندي للكريكيت. كما ألغيت مباراة في الدوري الهندي الممتاز في دارامشالا، البلدة الجبلية الواقعة على بُعد 40 ميلًا من الحدود، عقب ورود أنباء عن قصف بالطائرات المسيّرة.
📌 إقليم جامو وكشمير شهد أسوأ هجوم يستهدف مدنيين في #الهند منذ أحداث مومباي عام 2008.
📌 الهجوم المسلح في منطقة باهلغام السياحية أسفر عن مقتل 26 شخصًا وإصابة 17 آخرين، جميعهم من السياح.
📌 جماعة مسلحة تُطلق على نفسها اسم "مقاومة كشمير" تبنت الهجوم وربطت العملية بما وصفته… pic.twitter.com/YmDwJwsWv4
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 23, 2025
حرب نفسية وكهرباء مقطوعة
يشهد المدنيون في المناطق الحدودية على الجانبين أجواء مرعبة تشبه مشاهد الحروب الكبرى: انقطاعات في الكهرباء، صفارات إنذار، انفجارات عنيفة، وذعر عام دفع كثيرين إلى شراء كميات كبيرة من المؤن تحسبًا للأسوأ. وقالت طالبة من مدينة جامو لصحيفة "نيويورك تايمز": إن انفجارات الفجر "أحدثت اهتزازًا في النوافذ وكأنها ستتحطم"، ووصفت الأجواء بأنها خليط من "الدخان والضباب".
وفي ولاية راجستان الهندية، أُغلقت المدارس والمراكز التعليمية، بينما أُعدت حافلات حكومية لإخلاء السكان قرب الحدود مع باكستان في ولاية غوجارات. وأصدرت مديرية الشحن الهندية أمرًا بتعزيز الإجراءات الأمنية في الموانئ والمرافئ تحسبًا لأي استهداف بحري.
أجواء حرب وذكريات 1971
مع دخول النزاع يومه الثالث، أُبلغ سكان أودهامبور بكشمير بإطفاء الأنوار، في إجراء أمني مشابه لما حدث خلال حرب عام 1971 بين الجانبين. "أعيش هذا المشهد مرة أخرى بعد أن عايشته وأنا في الصف السابع"، يقول أحد سكان المنطقة لمراسل "نيويورك تايمز"، مستذكرًا أصوات صافرات الإنذار والتدريبات على الإخلاء.
الخطورة الأكبر أن هذه الجولة تأتي في وقت أعادت فيه دول المنطقة تموضع تحالفاتها العسكرية، ما يضفي مزيدًا من عدم اليقين على مستقبل الصراع.
📌 تقترب #باكستان و #الهند شيئًا فشيئًا من شبح الحرب، إذ أكّد وزير الإعلام الباكستاني عبد الله تارار، أن لدى إسلام أباد معلومات استخباراتية موثوقة تفيد بأن ضربة عسكرية هندية وشيكة قد تُنفذ خلال اليومين المقبلين.
📌 أوضح تارار في منشور عبر منصة "إكس"، أن نيودلهي ستتذرع في ضربتها… pic.twitter.com/JCfTnxKzmU
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) April 30, 2025
مواجهات إعلامية وردود متضاربة
اتهمت الهند باكستان بخرق وقف النار وتنفيذ هجمات بمسيّرات. باكستان نفت، وأكدت أنها لم تستهدف مواقع داخل الهند.
ورغم حدة القتال، ظهرت نافذة قصيرة لخفض التصعيد مساء الأربعاء، حين شعر كل طرف أنه حقق مكاسب أولية يمكن التفاوض من خلالها: الهند نفذت اختراقًا هو الأعمق داخل باكستان منذ سنوات، وبالمقابل تؤكد مصادر باكستانية أنها أسقطت طائرات هندية في الهجوم المضاد.
لكن تلك النافذة لم تُستثمر. وبدلًا من ذلك، دخل الصراع في مرحلة أكثر غموضًا، تعززها الحرب الإعلامية، حيث تحجب كل دولة أخبار الطرف الآخر عن مواطنيها. فبينما تحظر باكستان منذ سنوات المحتوى الإعلامي الهندي، حجبت الهند مؤخرًا 8000 حساب ومنصة، بما في ذلك قنوات أجنبية كانت تبث من داخل باكستان.
وسط هذا التصعيد، يبقى الخطر الأكبر حاضرًا في الخلفية: سلاح نووي في أيدي خصمين تاريخيين، ومجتمع دولي عاجز عن التدخل الفعّال.