حثت سلطات التعليم العالي في الهند مواطنيها على عدم الالتحاق بأي كلية أو مؤسسة تعليمية في باكستان. وتأتي هذه الخطوة عقب توتر العلاقات بين البلدين وتفاقمها بشكل مضطرد في السنوات الأخيرة، لتطال المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية، وانعكست مؤخرًا على التعليم والثقافة، مما يمثّل خطوات جديدة في سلسلة الضغوط المتبادلة بين الأطراف المتنازعة.
التوصية
في توصية حكومية صدرت في 22 نيسان/أبريل، أفادت لجنة المنح الجامعية UGC ومجلس عموم الهند للتعليم الفني AICTE إلى أنه "ينصح لمن يعنيهم الأمر بعدم السفر إلى باكستان لمتابعة التعليم العالي سواء المواطنين داخل البلاد أم خارجها"، وأضافت التوصية "أولئك الذين ينوون تلقي التعليم في باكستان، لن يكونوا مؤهلين للعمل أو متابعة التعليم في الهند".
وتابعت التوصية بالإشارة إلى أن "أي مواطن هندي في داخل الهند أم خارج أراضيها ينوي الدراسة في أي درجة من الدرجات وضمن أي كلية أو مؤسسة تعليمية في باكستان، لن يتمكن من العمل أو متابعة التعليم في الدراسات العليا في الهند" واعتبرت التوصية بأن "هذه المؤهلات التعليمية الصادرة من باكستان، في أي اختصاص، غير معترف بها في الهند"، بحسب ما أفادت TRTWORLD.
تجدر الإشارة إلى أن توصيات مماثلة كانت قد أصدرتها الحكومة الهندية في وقت سابق، تتعلق بالتعليم في المؤسسات التعليمية في إقليم كشمير الخاضع للإدارة الباكستانية، المتنازع عليه بين الدولتين، وكذلك توصية حذرت الطلاب الهنود من تلقي التعليم في الصين. ويذكر بأن معظم المواطنين الهنود الذين يتابعون تعليمهم العالي في باكستان هم من إقليم غامو وكشمير، الذي يقع قسم منه تحت سيطرة الحكومة الهندية.
شهادات غير متكافئة!
نقل موقع msn الإخباري عن رئيس مجلس عموم الهند للتعليم الفني، أنيل ساهاسرابودا، قوله "يحتاج الطلاب الهنود إلى إخطار السلطات الهندية عن المؤسسات والبلدان التي ينوون السفر إليها من أجل متابعة التحصيل التعليمي، حتى لا يصطدموا بعدم حصولهم على درجة علمية غير متكافئة مع اللوائح التعليمي في الهند"، وأضاف "يجب على الآباء والطلاب ألا يضيعوا أموالهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس في السعي وراء شهادات لن يكون لها معادلة متكافئة في الهند"، وتابع بالقول "لقد رأينا حالات مماثلة مع دول أخرى بما في ذلك أوكرانيا والصين، وهذا هو أحد أسباب إصدار هذه التوصية".
ووافق رئيس لجنة المنح الجامعة، جاغاديش كومار، على ما سبق من حجج معتبرًا أن التوصية لصالح الطلاب، ومشيرًا بالقول "في حالة طلابنا في أوكرانيا مثلًا، رأينا كيف أنهم لم يستطيعوا العودة للدراسة بعد وقوع الحرب". فيما صرح مصدر حكومي رفيع بالقول "بصرف النظر عن درجة تكافؤ الشهادات، هناك قضايا أخرى حددتها الحكومة، بما في ذلك القضايا الأمنية المرتبطة بالأمن الداخلي". وأشار المصدر الحكومي، إلى أن "التوصيات بعدم السفر إلى الصين من أجل التعليم جاءت بعدما رفضت الحكومة الصينية منح التأشيرات للطلاب الهنود الذين يتابعون دراستهم في الجامعات الصينية، وذلك في عام 2020 بسبب تفشي وباء كورونا كما تزعم الحكومة الصينية".
توصية حكوميّة: أولئك الذين ينوون تلقي التعليم في باكستان، لن يكونوا مؤهلين للعمل أو متابعة التعليم في الهند.
فيما اعتبرت التوصية بأن "المهاجرين وأطفالهم من الذين تلقوا التعليم في باكستان وحصلوا على الجنسية الهندية في الوقت ذاته، سيكونون مؤهلين للبحث عن عمل في الهند"، ولكن فقط بشرط الحصول على تصريح أمني من وزارة الداخلية الهندية. وأفادت المصادر المسؤولة عن الملف أنه "سيتم إجراء درجة التكافؤ على أساس كل حالة على حدة، وحيث قد لا تكون جميع الدرجات متساوية، وقد يحتاج البعض إلى إجراء بعض الاختبارات، تمامًا مثلما يحدث في حالة الشهادات الطبية المكتسبة من دول مثل أوكرانيا أو الصين".
الرد الباكستاني
يشار إلى أن هذه التوصيات الهندية صدرت بعد فترة وجيزة من تغيير الحكومة في باكستان، بعد الإطاحة برئيس الوزراء السابق عمران خان من خلال تصويت بحجب الثقة في البرلمان، وانتخاب زعيم المعارضة شهباز شريف رئيسًا للوزراء في باكستان. وفي هذا السياق، صدر بيان من الجهات الباكستانية جاء فيها "إنه لمن المؤسف أن حكومة الهند تدفع الطلاب بلا خجل من أجل ردعهم عن متابعة التعليم الجيد الذي يختارونه، بدافع من هوسها الشديد بباكستان"، مضيفةً "لقد طلبنا توضيحًا من الحكومة الهندية فيما يتعلق لتوصية المذكورة"، وأضاف البيان بأن "باكستان تحتفظ بالحق في اتخاذ الإجراءات المناسبة للرد على هذا العمل التمييزي العلني وغير القابل للتفسير من قبل الهند". ولم يتضح عدد الطلاب الهنود، وخاصة الطلاب من إقليم كشمير، الذين سيتأثرون بالتوصية الهندية، بحسب ما أورد موقع بيزنس ستاندارد.
ثلاثة حروب؟
النزاع التاريخي بين الدولتين تسبب في 3 حروب بين البلدين. فولايتي غامو وكشمير كانتا موضع خلاف مستمر بين الدولتين الجارتين النوويتين من عام 1947. وبعد انتهاء الحكم الاستعماري البريطاني في شبه القارة الهندية، وانفصال باكستان عن الهند عام 1947 بعد صدامات دامية بين الهندوس والمسلمين واختلافهما حول إدارة البلاد وكيفية التعامل مع الاستعمار البريطاني. إقليم كشمير ذو الغالبية المسلمة مقسم إلى 3 أقسام، يقع كل قسم منها تحت إدارة دولة من الدول الثلاث وهي الصين والهند وباكستان، فيما تطالب كل من باكستان والهند بأحقيتها في إدارة الإقليم وضمه بالكامل إلى أراضيها.
خاض البلدان 3 حروب في أعوام 1948 و1965 و1971. اثنتان من الحروب الثلاثة اندلعت بسبب خلاف حول إقليم كشمير. أما مواطني الإقليم فمنقسمون إلى 3 فئات أو أكثر، فمنهم من يريد الانضمام إلى الهند ومنهم من يريد الوحدة مع باكستان، وفئة ثالثة تقاتل لأجل الاستقلال عن الهند وباكستان. أثر هذا النزاع التاريخي الطويل على سير العلاقات بين البلدين إلى مستوى متدني عام 2019، عندما ألغت الهند، من جانب واحد، الوضع الخاص للإدارة الذاتية لإقليمي غامو وكشمير وقسمت المنطقة إلى منطقتين اتحاديتين، مما دفع العاصمة إسلام أباد إلى خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع العاصمة نيودلهي، بحسب ما أوردت وكالة الأناضول.