فضّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مجددًا تصفية حساباته السياسية مع خلفه جو بايدن، بدلًا من توجيه انتقادات مباشرة إلى روسيا، وذلك في تعليقه على سقوط 32 مدنيًا أوكرانيًا أمس الأحد، جراء هجوم صاروخي روسي استهدف مدينة سومي بواسطة صواريخ باليستية.
في المقابل، جاء الموقف الأوروبي أكثر حزمًا؛ إذ دعت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إلى ممارسة أقصى الضغوط على روسيا، وتقديم المزيد من الدعم العسكري والإنساني لأوكرانيا. كما وصف المستشار الألماني المرتقب، فريدريش ميرتس، الهجوم الروسي على سومي بأنه "جريمة حرب خطيرة"، مشددًا على ضرورة تزويد كييف بصواريخ "تاوروس" بعيدة المدى.
وجاءت تصريحات كالاس وميرتس قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، المنعقد اليوم الإثنين في لوكسمبورغ، والذي تتصدر الحرب في أوكرانيا جدول أعماله.
كانت كييف تراهن على موقفٍ أميركي أكثر صرامة ضدّ روسيا بعد هجوم يوم أمس على مدينة سومي الواقعة على بعد 50 كيلومترًا فقط من الحدود مع روسيا
وكانت كييف تراهن على موقفٍ أميركي أكثر صرامة ضدّ روسيا بعد هجوم يوم أمس على مدينة سومي الواقعة على بعد 50 كيلومترًا فقط من الحدود مع روسيا، حيث شنت روسيا هجومًا بالصواريخ الباليستية على المدينة، وقد أصاب أحد الصواريخ حافلة للنقل كان على متنها مدنيون، الأمر الذي أدى إلى مصرع 32 منهم، بينهم طفلان، إضافة إلى إصابة أكثر من 80 آخرين بجراح متفاوتة.
وقد ربط المسؤولون في أوكرانيا بين الهجوم الروسي وزيارة المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث قال مدير المركز الأوكراني لمكافحة التضليل الإعلامي أندريه كوفالينكو إن "روسيا تبني المكتسبات الديبلوماسية على أشلاء المدنيين"، مريدًا بذلك إيصال رسالة مفادها أنّ روسيا تزداد شراسة كلّما حصلت على تنازلات من الغرب.
ترامب يتجنّب التصعيد ضدّ روسيا
ظلّ ترامب وفيًا لنهجه مع روسيا، حيث تجنب في إدانته للهجوم الذي وصفه بـ"الفظيع" على مدينة سومي الأوكرانية، أيّ تصعيدٍ ضد موسكو، بل عمد إلى تحميل سلفه جو بايدن "مسؤولية اندلاع الحرب"، قائلًا أثناء عودته من فلوريدا إلى واشنطن على متن الطائرة الرئاسية "جميع الحروب فظيعة، ولو كنت رئيسا لما سَمَحَتْ الولايات المتحدة أبدا باندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. فهذه الحرب وصمة عار" وفق تعبيره.
وأضاف ترامب قائلًا "هذه ليست حربي، إنها حرب بايدن، أنا فقط أحاول إيقافها وإنقاذ الكثير من الأرواح"، مردفًا القول "بوتن بدأ الحرب لأنه لم يكن يحترم بايدن"، لكن السؤال المطروح الآن، والذي لم يتطرق إليه ترامب هو: هل سينهي بوتن الحرب لأنه يحترم ترامب؟
وفي هذا الصدد تشكك أوساط أوكرانية وأوروبية في تحقيق المساعي الأميركية الرامية إلى التوصل لوقفٍ شامل لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، أي تقدّمٍ يذكر، والسبب في نظر هؤلاء يعود إلى ما يصفونه بـ"التساهل الأميركي مع روسيا".
يشار إلى أن مبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف التقى بوتين الجمعة الماضي في سانت بطرسبرغ، وقد تناولا، مساعي التوصل إلى اتفاق سلامٍ بشأن أوكرانيا، وقد أثارت تصريحات سابقة لويتكوف حول تنازل أوكرانيا عن 4 مناطق لصالح روسيا هي (لوغانسك، دونيتسك، زاباروجيا، وخيرسون)، انتقادات واسعة، دفعت البعض إلى المطالبة بتحييده عن الملف لأنّ صداقته القوية بترامب قد تجعله يؤثر سلبًا على الموقف الأميركي بشأن روسيا وأوكرانيا.
وحتى اللحظة لا يبدو أنّ ترامب قد عدَل عن نهجه تجاه روسيا، إذ لا يزال يتجنب تحميل روسيا مسؤولية الحرب، وفوق ذلك يمتنع من الضغط عليها لإنهاء الحرب، وذلك عكس ما فعله مع الحلفاء الأوكرانيين.
الموقف الأوروبي
يجتمع وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي اليوم الإثنين في لوكسمبورغ، وسيكون التصعيد الروسي الأخير في أوكرانيا على رأس أجندة الملفات التي سيتم بحثها، وقد استبقت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس الاجتماع بتصريحات قوية ضد روسيا، قالت فيها إنه "يجب ممارسة أقصى الضغوط على روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا"، مشيرةً إلى أنّ روسيا ترفض عروض وقف إطلاق النار المختلفة وتقوم باستمرار بخرق وقف إطلاق النار الجزئي، معتبرة أنّ ذلك يحتم على الأوروبيين تكثيف الضغوط عليها وزيادة دعمهم لأوكرانيا في المقابل "لأن السلام يتطلب شخصين، بينما الحرب تتطلب شخصًا واحدا، ونحن نرى أن روسيا تريد الحرب"، مضيفةً "على كل من يريد وقف القتل أن يضغط على روسيا بأقصى قدر".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير زيلينسكي قد طالب الولايات المتحدة وأوروبا، أمس السبت، بردٍّ قوي على روسيا، مؤكّدًا استحالة التوصل إلى سلامٍ حقيقي دون تشديد الضغوط على موسكو.