24-سبتمبر-2018

جيليان كيني/اسكتلندا

(أ)

وضَعه فوق الطاولة، وراح يترجّاه أن يرنّ ليسمعَ صوتها، ويعرفَ أنّها لا تزال تنتمي إلى الحياة.

شريط الأخبار كان واضحًا: نجاة امرأة واحدة فقط، من بين كلّ الركّاب.

لا بدّ أن تكون سارة. من المستحيل أن تكون في الطّائرة من تنافسها على انتمائها إلى ضوء الحياة. هل هذا وارد أيّها الهاتف؟ أنت نفسُك خبرت ذلك. وأنا أصلًا أرفض أن أستبدلك لأنك واكبتَ كلماتِها، وهي تعبرك إلى روحي. هل لاحظتَ كيف كنتُ أطير كلّما ظهر رقمُها فيك؟

تعلم أنها الوحيدة التي لم أكن بحاجةٍ إلى أن أكتب اسمها، أو أميّزها بموسيقىً أو صورة. هناك ما يُميّزها، ويجعلني أعرف رنّتها. بل إنّني كنت أتوقّعها، فأمدَّ يدي إليك قبل أن ترن.

لماذا تنسى ذلك؟ وتأبى أن تسعفني برنّة منها الآن؟

(ب)

كيف يتجرّأ هذا التلفزيون الأحمق على أن يقتحمني بإشهاراتٍ تُرغّب في شراء ما يُأكل؟ هل يُعقل أن أفكّر الآن في أن أدخل أكلاً أو أخرجَه؟

"الزبير

كيف شُغلْتَ عن يدي بما في يدك؟".

قالتها في أوّل لقاء بيننا، ونحن نتعشّى في مطعم "الزّجاجة الكريمة". ولستُ أدري كم كان عدد تلك الجملة، في قائمة جملها المحرّضة على التحليق.

قلتُ: جملك.. تجعل سامعَها يموت في السّماء.

قالت: بل هي من النّوع الذي لا يقتل إلا صاحبَه. هل تتوقّع لي أن أموت هناك؟

لم أوافق حينها على أنّها تموت أصلًا. وهذا ما أفعله الآن. هل نسيتَ أيّها الهاتف أنني أنتظر رنّتها؟ وسوف ترنّ. هل تراهن؟ كن أنت من يُحدّد الصّيغة.. اطلبْ مثلاً ـ إذا ربحتَ الرّهان ـ ألا آكل حتى أموت، أو آكل ما يجعلني أموت فوراً. وجدتها.. ما رأيك في ألا أخرج من البيت إلا إلى المقبرة؟

(ج)

كم استغرق من الوقت، وهو ينتقل من الصّالون إلى الباب الخارجيِّ ليفتحَه؟

كأنّ الباب فتح نفسَه!

كأنّه لم يُصدّق ما رأى: سارة محلّقة في صندوق خشبي، وشرطة يُطالبونه بالتّوقيع على محضر استلام الجثّة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أمومة ماء وشعير

سائق لعين ونصّ كاذب