21-يوليو-2020

صوت البرلمان المصري على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

كما توقعت تقارير سابقة خلال الأيام الفائتة، وافق مجلس النواب المصري مساء الإثنين، في جلسة سرية دعا إليها رئيسه علي عبد العال، على اشتراك القوات المسلحة في مهمات قتالية خارج البلاد، تحت مبرر الدفاع عن الأمن القومي المصري من الجهة الغربية، في إشارة واضحة إلى إمكانية التدخل العسكري في ليبيا، وهو ما صرح بشأنه الرئيس عبد الفتاح السيسي سابقًا، معتبرًا أنه "حق شرعي" لبلاده.

كما توقعت تقارير سابقة خلال الأيام الفائتة، وافق مجلس النواب المصري مساء الإثنين، في جلسة سرية، على اشتراك القوات المسلحة في مهمات قتالية خارج البلاد

وفي بيان أصدره بعد انتهاء الجلسة التي منع الصحفيون من حضورها، أعلن المجلس موافقته بإجماع على إرسال قوات عسكرية في مهام قتالية خارج الحدود "ضد أعمال المليشيات الإجرامية المسلحة، والعناصر الإرهابية الأجنبية، إلى حين انتهاء مهمة القوات".

اقرأ/ي أيضًا: هل سيصوت البرلمان المصري على التدخل العسكري في ليبيا؟

وقال البيان إن الجلسة التي وصفها بـ"التاريخية"، ناقشت "مخرجات اجتماع مجلس الدفاع الوطني المنعقد صباح الأحد، برئاسة السيد رئيس الجمهورية، والتهديدات التي تتعرض لها الدولة من الناحية الغربية، وما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي المصري"، في إشارة واضحة إلى ليبيا.

وكانت تقارير إعلامية، قد كشفت بعد أيام من تصريح السيسي أن التدخل العسكري في ليبيا "حق" مشروع، عن نية النظام المصري، البدء بالتصويت على قرار رسمي يتيح التدخل العسكري في الأراضي الليبية، بعد الخسارات المتتالية التي تلقتها قوات حليف القاهرة الأساسي هناك، خليفة حفتر، بالتزامن مع إعادة سيطرة حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا، على كافة المناطق الإدارية لطرابلس.

وتعتبر الأوساط المعارضة للنظام المصري، بالإضافة إلى عديد المؤسسات الحقوقية، أن دور البرلمان في نظام السيسي لا يتعدى أن يكون شكليًا، مع سيطرة الرئيس والجيش على كافة المؤسسات في البلاد، وهو ما تؤكده مشاهد التصويت السابقة على قرارات عديدة، مثل قرار التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

مساع إماراتية لدعم "حتمية المواجهة مع تركيا"

في السياق، بدأت الإمارات مساعيًا جديدة لتوجيه الرأي العام المصري إلى حتمية الصراع العسكري مع أنقرة لمواجهة نفوذها المتنامي في منطقة الشرق الأوسط، بعدما تمكنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبي، بدعم لوجستي وعسكري من تركيا، من استعادة السيطرة على كافة المناطق المحيطة بطرابلس العاصمة من قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يتلقى دعمًا من ثلاث دول على الأقل، بما فيها الإمارات.

وقالت تقارير صحفية نقلًا عن مصادر خاصة إن عددًا من الإعلاميين والخبراء السياسيين المصريين زاروا أبوظبي مؤخرًا، بناءً على دعوة وجهت إليهم من ديوان ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ولفتت المصادر إلى أن الزيارة التي استمرت ليومين، جرى خلالها التباحث وتبادل وجهات النظر مع الشخصيات المدعوة بشأن الأزمة الليبية و"المساعي التركية للهيمنة على البلدان العربية".

وأشارت المصادر إلى أن الإمارات أرادت بطريقة غير مباشرة الترويج لحتمية المواجهة العربية مع أنقرة لمواجهة "تطلعاتها لإعادة الخلافة العثمانية"، على أن تتصدر القاهرة مقدمة هذه المواجهة، وأوضحت المصادر أن أبوظبي تعمل على تسهيل مهمة الحكومة المصرية بدفعها صوب الاستجابة لتوجيهاتها عبر "تأجيج حرب عسكرية واسعة في ليبيا ومحاولة جر تركيا إليها".

كما أضافت المصادر بأن ولي عهد أبوظبي خلال جلسة حضرها مع الوفد المصري المؤلف من 40 شخصية، أكد على وجود "أخطاء" لدى "صانع القرار المصري"، موضحًا أن هذه "الأخطاء" محورها آلية "تعاطيه مع عدد من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها التأخر في القرار المناسب، والتردد بشأن اتخاذ مواقف حاسمة، مما يزيد من تعقيد الموقف".

ووفقًا لما نقلته المصادر فإن ابن زايد في حديثه مع الوفد أشار إلى أزمة سد النهضة الكبير بين القاهرة وأديس أبابا على سبيل المثال، مشيرًا إلى "أخطاء" الحكومة المصرية في التعاطي مع الأزمات الإقليمية، معتبرًا أن القاهرة "أخطأت كثيرًا في هذا الملف"، وهو ما "مكن إثيوبيا من تسيّد الموقف وامتلاك دفة توجيه الأزمة"، الأمر الذي دفع لاقتصار الموقف المصري بشأن هذه القضية على "رد الفعل فقط".

وأردفت المصادر بالقول مشيرةً إلى تركيز المسؤولين الإماراتيين حديثهم "بشكل أساسي" مع الوفد على "ضرورة لعب دور عبر مساحتهم الإعلامية والصحافية، ومشاركتهم في الحياة العامة والسياسية بضرورة التحذير مما أسمته الخطر التركي والتمدد العثماني في المنطقة العربية، والتشديد على ضرورة التصدي لذلك بالسبل كافة وفي أي موقع وليس ليبيا فقط".

وأتي لقاء ديوان ولي عهد أبوظبي مع الوفد المصري، بالتزامن مع تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال الأسابيع الماضية، والتي أكد فيها على عزمه التدخل في ليبيا، لمواجهة "تهديدات مباشرة من الميليشيات الإرهابية والمرتزقة" المدعومين من الخارج، في إشارة للقوات العسكرية الموالية لحكومة الوفاق الوطني، قبل أن يطالب أفراد وقيادة المنطقة العسكرية الغربية بقاعدة جرجوب البحرية العسكرية بأن يكونوا "مستعدين لتنفيذ أي مهمة هنا داخل حدودنا أو إذا تطلب الأمر خارج حدودنا".

وبدأت قوات حفتر هجومًا عنيفًا للسيطرة على العاصمة طرابلس في نيسان/أبريل من العام الماضي، في مقابل حصولها على دعم عسكري وسياسي من أبوظبي، وبشكل خاص القاهرة، وموسكو لاحقًا، قبل أن تتغير موازين القوى العسكرية بعد تقديم الحكومة التركية دعمًا عسكرية وسياسيًا لحكومة الوفاق في آذار/مارس من العام الجاري، مما ساعدها على استعادة سيطرتها على المناطق التي كانت خارجة عن سيطرتها في محيط العاصمة طرابلس، وإطلاق معركة جديدة للسيطرة على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية.

تحاول أبوظبي من خلال لقائها الوفد المصري الدفع باتجاه نية القاهرة بالتدخل العسكري في ليبيا، إلى جانب استثمار الدعوة التي وجهها مجلس طبرق برئاسة عقيلة صالح، أبرز حلفاء قوات حفتر في شرق ليبيا، والتي طالب خلالها "القوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطرًا داهما وشيًكا يطال أمن بلدينا"، وأن يكون هناك "تضافرًا للجهود" بين القاهرة ومجلس طبرق لما يحفظ "أمننا القومي المشترك ويُحقق الأمن والاستقرار في بلادنا والمنطقة"، فضلًا عن لقاء السيسي مع مجموعة من القبائل ناقش فيها تزويدهم بالسلاح من أجل التتحضير للمواجهة العسكرية في حال حصلت مع أنقرة.

فيما بدا أن هناك انقسام بالرأي في آلية صنع القرار المصري بشأن الأزمة الليبية، بعدما أعلن مجلس الدفاع الوطني المصري برئاسة السيسي التزام القاهرة "بالحل السياسي كسبيل لإنهاء الأزمة الليبية"، وأنها تسعى في الوقت الراهن "لتثبيت الموقف الميداني الراهن وعدم تجاوز الخطوط المعلنة، بهدف إحلال السلام بين جميع الفرقاء والأطراف الليبية"، بدون أن يتطرق المجلس لذكر التدخل العسكري.

اقرأ/ي أيضًا: الغارات المصرية على ليبيا.. بعيدًا عن داعش وفي خدمة حفتر

وشدد البيان الذي صدر عن الرئاسة المصرية، والذي يتناقض مع تصوت مجلس النواب، على "أواصر العلاقات القوية التي تربط بين البلدين"، وأكد على عدم ادخار القاهرة "جهدًا لدعم الشقيقة ليبيا ومساعدة شعبها على العبور ببلاده إلى بر الأمان وتجاوز الأزمة الحرجة الحالية، وذلك استنادًا إلى أن الملف الليبي يعتبر أحد الأولويات القصوى للسياسة الخارجية المصرية.

تحاول أبوظبي من خلال لقائها الوفد المصري الدفع باتجاه نية القاهرة بالتدخل العسكري في ليبيا، إلى جانب استثمار الدعوة التي وجهها مجلس طبرق برئاسة عقيلة صالح

وأضاف البيان أن "مصر تسعى للحفاظ على السيادة والوحدة الوطنية والإقليمية للدولة الليبية، واستعادة ركائز مؤسساتها الوطنية، والقضاء على الإرهاب ومنع فوضى انتشار الجماعات الإجرامية والمليشيات المسلحة المتطرفة، وكذلك وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة التي تساهم بدورها في تفاقم الأوضاع الأمنية وتهديد دول الجوار والسلم والأمن الدوليين، مع ضمان التوزيع العادل والشفاف لمقدرات الشعب الليبي ومنع سيطرة أي من الجماعات المتطرفة على هذه الموارد".