20-ديسمبر-2017

سيباستيان كورتس، رئيس الوزراء النمساوي الجديد (فلاديمير سيميسك/ أ.ف.ب)

عقب أداء الحكومة الائتلافية اليمينة في النمسا بقيادة سيباستيان، اليمين الدستورية، نشر موقع "World Crunch" مقالًا يتناول الصعود الكبير لليمين المتطرف في أنحاء أوروبا، وما يحمله ذلك للقارة العجوز والاتحاد المتهالك، من أصداء تاريخية لحقب سبق وأن عايشتها أوروبا من قبل، لا تنذر بما يُحمد عقباه. في السطور التالية ترجمة للمقال.


هل يُعتبر هذا عودة للإمبراطورية النمساوية المجرية؟ بعد تشكيل الحكومة اليمينية الجديدة في فيينا بالنمسا، والاعتراف بشرعية القيادة ذات التفكير المماثل في العاصمة المجاورة بودابست بالمجر، يبدو أن مجرد تخيل انبعاث الإمبراطورية النمساوية المجرية من الرماد بعيد المنال. ولكن من الجدير بالذكر أيضًا أن هذا التشبيه التاريخي اﻻستفزازي، قد طُرِح من قِبل السياسيين في ألمانيا، كما أفادت صحيفة "دي فيلت" اليومية، في برلين. وبالتأكيد، من وجهة النظر الألمانية، فقد فضلت مجرد الإشارة بذلك على صعود اليمين المتطرف على اعتباره أمرًا أكثر وضوحًا.

تقترب النمسا أكثر من محور مجموعة فيسغراد، التي تضم دولًا من أوروبا الوسطى والشرقية تُقاد من قبل حكومات يمينية متطرفة

في أوروبا.. التاريخ أقرب مما نتخيل

يتضمن مسار عودة التاريخ في الآونة الأخيرة، ذلك القرار التاريخي المفصلي في عام 2015، الذي اتخذته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للسماح بتدفق أعدادٍ كبيرة من اللاجئين لأوروبا. وقد أصبحت الأصداء الآن واضحة بشكلٍ خاص في النمسا، حيث أدت حكومةٌ ائتلافية من المحافظين وحزب اليمين المتطرف، اليمين الدستورية يوم الإثنين، بعد شهرين من الانتخابات العامة، التي شهدت انتصارًا ليس له مثيل للشاب، سيباستيان كورتس، زعيم حزب الشعب.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات التشريعية بالنمسا.. تطلعات اليمين المتطرف لتحقيق مجاح آخر في أوروبا

ولم يكن انتصار هذا الشاب، البالغ من العمر 31 عامًا، ممكنًا إلا من خلال موقفه المتشدد بشأن الهجرة والإسلام، الذي استلهمه مباشرةً من حزب اليمين المتطرف، ما يجعل التحالف بين الاثنين يبدو ملائمًا تمامًا. ويُعد سيباستيان كورتس أصغر زعيم  في أوروبا الآن، وحزب اليمين المتطرف الأكثر نُفُوذًا في القارة، إذ يسيطر على وزارات الداخلية والخارجية والدفاع في النمسا.

ونتيجةً لذلك، يتوقع بعض المراقبين مثل، بيرند ريجيرت من إذاعة صوت ألمانيا (دويتشه فيله)، أن نرى النمسا تتودد إلى ما يسمى مجموعة فيسغراد، وهي تحالف يجمع بين بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا والمجر، والتي تمثل جميع بلدان أوروبا الوسطى والشرقية، التي تُقاد من قِبل حكوماتٍ شعبويةٍ يمنيةٍ، والتي تعارض سياسات الهجرة وحصص اللاجئين التي قُررت في بروكسل.

فوز سباستيان الأقرب لليمين في النمسا، يُنذر بتحالف الدول التي يحكمها الشعبويون اليمينيون المتطلعون إلى هدم سياسات الاتحاد الأوروبي

وقال بيرند ريجيرت: "اتحاد تلك الدول معًا يمكن أن يلعب بورقة القومية، ويُظهر للدول الأعضاء في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل الإصبع الأوسط كإشارةٍ على التحدي!".

اقرأ/ي أيضًا: كيف بررت بولندا دعوات اليمين المتطرف لـ"هولوكوست المسلمين"؟

ولكن الاهتمام سيرجع الآن إلى القوة التاريخية للقارة. أصبح الحزب اليميني المتطرف البديل في ألمانيا (حزب البديل من أجل ألمانيا)، صانعًا للملوك بشكلٍ ما، ويرجع ذلك لأسبابٍ مختلفة. أدت الزيادة الهائلة التي حصل عليها الحزب بنسبة 13% في انتخابات أيلول/سبتمبر الماضي، والتي تزامنت مع انتكاسة هائلة على حدٍ سواء لحزب الاشتراكيين وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي له المستشارة أنجيلا ميركل؛ إلى إلقاء بعض العقبات أمام محاولات تأسيس الائتلاف الحاكم.

ما زالت ألمانيا لا تملك حكومة بعد مرور ثلاثة أشهر منذ الانتخابات. ومنذ انهيار محادثات الائتلاف مع حزب الخضر والليبراليين من الحزب الديمقراطي الحر، فإن الخيارات الوحيدة المتبقية لميركل هي إقناع الحزب الاشتراكي المتردد والمنهار بشدةٍ، بالبقاء في الائتلاف الكبير الذي كان يحكم منذ عام 2013، وبالتالي جعل الحزب اليميني المتطرف، البديل من أجل ألمانيا، أكبر حزب معارض في البرلمان.

ولا يزال يتواصل الزخم الذي بدأ في عام 2015 مع الشعبويين. ويبقى السؤال، ما الذي سيحمله التاريخ لعام 2018؟

يتصاعد زخم اليمين المتطرف في أوروبا، محققًا مكاسب قد تدفع بالتفكير في أن القارة العجوز تعيد إنتاج ماضٍ تاريخي مُؤلم

ازداد المشككون الذين يرفضون الأوروبانية في استطلاعات الرأي قُبيل الانتخابات الوطنية الإيطالية، ومن المؤكد أن وصول مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى طريقٍ مسدود، سيختبر متانة الأُسس التي تقوم عليها أوروبا. ولكن الأجيال القادمة ستلاحظ أيضًا أن عام 2017، كان العام الذي هزم فيه المدافع المخلص والمؤثر (والصغير في السن أيضًا) عن الاتحاد الأوروبي، الذي يُدعى إيمانويل ماكرون، غريمته لوبان ابنة أحد الفاشيين الفرنسيين السابقين.

 نعم، يعيد التاريخ نفسه في أوروبا، ولكن في أي اتجاه، ما زلنا لا نستطيع أن نحدد على وجه الدقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

من هي أليس فايدل.. الخبيرة المثلية التي قادت اليمين المتطرف الألماني للنصر؟

هواجس الانهيار ترسم خارطة الاتحاد الأوروبي المستقبلية