21-أبريل-2020

أحد حقول النفط في تكساس الأمريكية (Getty)

الترا صوت - فريق الترجمة 

حدث استثنائي وعجيب يوم أمس الإثنين في أسواق النفط، حين انخفضت الأسعار بشكل جنوني إلى الحدّ الذي صار فيه المنتج يدفع للمشترين من أجل التخلص من النفط المتراكم، والذي فاق القدرات التخزينية. 

ففي الولايات المتحدة انخفض سعر البرميل أكثر من 50 دولارًا، ليصل إلى أقل من سالب 30 دولارًا، وهي المرة الأولى التي ينخفض فيها سعر النفط دون الصفر. حصل ذلك بسبب خلل في سوق النفط مرتبط بلا شكّ بالظروف التي خلقها تفشي وباء فيروس كورونا الجديد وأثرها على الاقتصاد العالمي.

في الولايات المتحدة انخفض سعر البرميل أكثر من 50 دولارًا، ليصل إلى أقل من سالب 30 دولارًا، وهي المرة الأولى التي ينخفض فيها سعر النفط دون الصفر

فالطلب على النفط يتهاوى، وبالرغم من الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وروسيا وبعض الدول الأخرى المنتجة للنفط على خفض الإنتاج، ومع ذلك ظل حجم الإنتاج ضخمًا يقدر بحوالي 100 مليون برميل يوميًا وقد أقفلت معظم السبل لتصريفه. في مطلع العام كان سعر برميل النفط فوق 60 دولارًا، لكن وصل يوم الجمعة الماضية إلى 20 دولارًا فقط.

ما حصل في الأمس هو أن الأسعار صارت بالسالب، أي أن الجهة التي ترغب في بيع برميل النفط ستدفع للمشتري 30 دولارًا عن كل برميل، وهذا عائد للطريقة التي يجري بها تداول النفط في العالم. العقود الآجلة التي يحصل بموجبها المشترون على النفط في آيار/مايو تغلق اليوم الثلاثاء، ولم يكن للنفط المتوفر مشترون لعدم وجود وسائل لتخزينه. أما عقود حزيران/يونيو فما تزال بسعر 22 دولارًا للبرميل.

"إن كنت منتجًا للنفط، فإن السوق قد "اختفى" ببساطة، وإن لم تكن لديك وسيلة لتخزين ما لديك، فهذا لسوء حظك"، كما يقول آرون برادي، نائب الرئيس في شركة "HIS Markit" للأبحاث والاستشارات.

مصافي النفط غير مهتمة بتحويل النفط إلى بنزين أو وقود أو غيرها من المنتجات النفطية، وذلك ببساطة لأن الناس لم يعودوا يتنقلون بكثرة بمركباتهم كما أن حركة الطيران متوقفة تقريبًا، والتجارة الدولية انخفضت بشكل كبير.

وتبلغ القدرة التخزينية للنفط في العالم حاليًا حوالي 6.8 مليار برميل حسب بعض التقديرات، و60 بالمئة منها مستغلّ بالفعل كما يشير الخبراء في مجال الطاقة.

عن أي نفط نتحدث؟

من المهم هنا الإشارة إلى وجود أنواع مختلفة من النفط المتداول في السوق العالمية بشكلها الخام، تختلف عن بعضها في مستوى كثافة البترول بالنسبة لكثافة الماء في الخام، وهذا هو المعيار في التفريق بين النفط "الخفيف" والنفط "الثقيل. بالنفط الخفيف هو الذي تقل فيه كثافة البترول بالنسبة للماء، أما الثقيل فهو ما ترتفع كثافة البترول في خامه. أما المعيار الثاني فهو نسبة الكبريت في الخام، وهذا هو المعيار للتفريق بين الخام "الحلو" والخام "الحامض".

1. خام برنت (Brent Crude)

وهو الخام النفطي المعتمد كمعيار لتسعير ثلثي إنتاج النفط العالمي تقريبًا، وهو مزيج "خفيف حلو"، وزنه النوعي 38 درجة (خفيف)، ونسبة الكبريت فيه 0.37 (حلو) ويستخرج من مجموعة من حقول النفط في منطقة بحر الشمال، وتحديدًا في منطقتي "برنت" و"تينيان" بين المملكة المتحدة والنرويج، حيث يتم إنتاج 500 ألف برميل يوميًا.

2. خام غرب تكساس الوسيط (WTI)

وهو أيضًا من النفوط "الخفيفة الحلوة"، نسبة الكبريت فيه 0.24 فقط، ويستخرج من حقول النفط في ولاية تكساس الأمريكية بشكل أساسي ومن لويزيانا وداكوتا الشمالية أيضًا. وانهيار الأسعار في الأمس كان متعلقًا بهذا الخام، وللعقود الآجلة الخاصة بتسليم أيار/مايو فقط، أما أسعار خام غرب تكساس الوسيط (WTI) للعقود الآجلة في الأشهر التي تلي أيار/مايو لا زالت في معدلاتها التي سبقت هذا الانهيار. 

ما معنى العقود الآجلة؟

لا يُباع النفط في الأسواق العالمية بشكل فوري، ولكن ما تتم المضاربة عليه هو عقود لشراء آجل، أي شراء كميات سيتم تسليمها لاحقًا.  ويتم التسليم بشكل شهري، وتتم المضاربة في البورصة على أسعار العقود بين فترتي الطرح في الأسواق والتسليم. حيث تخرج العقود من مساحة المضاربة في البورصة، في الأيام الأخيرة من الشهر السابق لشهر التسليم. وفي حال استمر الاستهلاك في مستويات متدنية جدًا بفعل أزمة كورونا، حتى موعد التسليم في شهر أيار/مايو القادم، فإن الخبراء يتوقعون أن أسعار عقود حزيران/يونيو القادم ستتعرض لنفس الانخفاض الحاد. لكن لا يمكن تنبؤ الأمر، في ظل عدم وجود معلومات، عن فرص إعادة فتح جزئية أو كلية للاقتصاد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

السعودية وإسرائيل.. تعاون استخباراتي وثيق وقرع لطبول حرب في المنطقة!

تخبط السياسات السعودية.. مادة للسخرية لولا كلفتها الدموية!