02-فبراير-2017

قوات من درع الفرات خلال أحد المعارك ضد داعش (حسين ناصر/الأناضول/Getty)

 

تدخل عملية "درع الفرات" التي أطلقتها الحكومة التركية لدعم "الجيش السوري الحر" عسكريًا ولوجستيًا في شمال حلب ضد تنظيم الدولة الإسلامية مرحلة جديدة بعد تقدم قوات النظام والميليشيات المدعومة من إيران في ريف مدينة "الباب" الجنوبي الغربي، وسيطرتهم على أكثر من 15 قرية ما جعل تنظيم الدولة يصبح بعيدًا عن آخر معاقل التنظيم في الريف الشرقي لمحافظة حلب مسافة سبعة كم على الأقل.

تحاصر مدينة "الباب" قوى عسكرية مختلفة من ثلاثة محاور تحاول جميعها أن تحرز مكسبًا عسكريًا ضد داعش يمكنها من السيطرة عليها

وكالة "رويترز" نقلت أمس الأربعاء على لسان مصدر عسكري غير سوري، لم تكشف عن هويته لكن يرجح أنه إيراني، تأكيده استعداد قوات النظام لقتال "الجيش السوري الحر" في حال منعه الأخير من الوصول لمدينة "الباب"، مشيرًا إلى أن السيطرة عليها تعني "امتلاك ورقة قوية في لعبة ذلك المحور".

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف..المشهد السوري بعد أستانا

وكانت قوات النظام بقيادة العقيد سهيل الحسن، الملقب بـ"النمر" بدأت الشهر الفائت عملية عسكرية من الريف الجنوبي الغربي لمدينة "الباب"، تمكنت فيها من السيطرة على عدة قرى من تنظيم الدولة في سعيها استباق دخول "الجيش السوري الحر" إليها، ومحاولة منها قلب أوراق المعادلة بعد استعادتها السيطرة على الشطر الشرقي من مدينة حلب.

وبالتزامن مع انعقاد مؤتمر "أستانا" بين النظام والمعارضة السورية، تواردت أنباء تفيد أن الحكومة التركية ستقوم بتسليم مدينة "الباب" للنظام السوري بعد إحكامها السيطرة عليها، قبل أن ينفي نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، تسليم بلاده "المناطق التي يتم تطهيرها" للنظام السوري، وهو ما يفسر إطلاق النظام لعمليته العسكرية تجاه المدينة.

ويحاصر مدينة "الباب" منذ شهرين على الأقل قوى عسكرية مختلفة من ثلاثة محاور تحاول جميعها أن تحرز مكسبًا عسكريًا يمكنها من السيطرة عليها، إذ تتواجد في الريف الشمالي الشرقي "قسد" التي تقودها "وحدات حماية الشعب" الكردية، ومن الريف الغربي قوات "درع الفرات"، ومن الريف الجنوبي الغربي قوات النظام والميليشيات الأجنبية، وهو ما يحتم من تنظيم الدولة الانسحاب إلى المناطق التي يسيطر عليها جنوب المدينة في حال دخلتها أي من القوى السابقة.

وليس مستبعدًا أن يحدث في وقت لاحق اشتباكات بين قوات النظام وعملية "درع الفرات"، والتي ستكون فيها "قسد" حليفًا مهمًا للنظام كونهما يشتركان في هدف محدد، وهو محاربة أي من فصائل المعارضة السورية غير المتحالفة معها.

وفي تطور لافتٍ غير منفصل عن المشهد العسكري في ريف حلب الشرقي، كشف رئيس الائتلاف السوري الأسبق، ومؤسس تيار "الغد" السوري، أحمد الجربا، في حديث لوكالة "رويترز" أمس الأربعاء، أنه بدأ التحضير لمعركة الرقة بمشاركة "قوة عربية مؤلفة من ثلاثة آلاف مقاتل"، يقودها الذراع العسكري للتيار "قوات النخبة".

اقرأ/ي أيضًا: "هيئة تحرير سوريا"..الفصائل المتشددة تتوحد

ويشكل الجربا تحالفًا عسكريًا مع "قسد" التي أطلقت منذ ثلاثة أشهر عملية "غضب الفرات" بهدف عزل مدينة "الرقة" أهم معاقل تنظيم الدولة في سوريا والعراق، حيث يتلقى الفصيلان العسكريان دعمًا عسكريًا ولوجستيًا من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، كما أنهما يملكان علاقات متوترة مع الحكومة التركية بسبب أنشطتهم العسكرية أو السياسية التي تثير قلق أنقرة.

من جهته يحاول تنظيم الدولة تشتيت قوات النظام من خلال هجماته المعاكسة التي ينفذها على مواقعه العسكرية، إن كان في ريف دمشق عبر هجومه على مطاري (السين، والضمير) العسكريان منذ ثلاثة أيام، أو مطار "كويرس" العسكري بريف حلب الشرقي أمس الأربعاء، إذ بحسب وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، فإن النظام وحلفاءه يتخذون من المطار منصة لعملياتهم ضد تنظيم الدولة.

يعرف النظام السوري أن سيطرته على مدينة "الباب" تعني فتح قنوات مع الولايات المتحدة التي تغير موقفها منذ استلام ترامب للسلطة

ويعرف النظام السوري أن سيطرته على مدينة "الباب" تعني فتح قنوات مع الولايات المتحدة التي تغير موقفها بشكل واضح منذ استلام إدارة الرئيس دونالد ترامب للسلطة، وبالتالي فإن مسعى السيطرة عليه يندرج في إعادة نظام الأسد للواجهة الدولية، خصيصًا أن روسيا بدأت الحديث عن عودة النظام السوري للجامعة العربية، والذي غالبًا سيلقى دعمًا مصريًا إلى جانب عدد من الدول العربية.

فيما ترى عملية "درع الفرات" أن خسارة "الباب" تعني صعوبة استعادتها لـ"منبج" شرقي لأولى، والتي تسيطر عليها "قسد"، كما أن خسارتها تمثل فتح طريق إمداد عسكري للنظام عبر الأخيرة، وتجد نفسها محاصرة بشكل أكبر من الأطراف، ما يصعب عليها معركة "منبج".

ومهما اختلفت السيناريوهات المتوقعة إن على قوات النظام أو "درع الفرات"، فإنه سيكون أسهل على "قسد" في حال تمكنت الأولى من السيطرة عليها، فيما إذا دخلت "درع الفرات" للمدينة ستكون أمام مواجهة مباشرة معها تبدأ من القرى المحيطة بـ"منبج" من ناحية "الباب"، وهو ما يمكن استغلاله من قوات النظام لتوسيع مناطق نفوذها.

ووفقًا للمعطيات المتاحة، ستستمر عملية التسابق للسيطرة على المدينة من دون أن تحرز أي تقدم داخلها كون التنظيم حتى اللحظة لا يزال بإمكانه استقدام التعزيزات من مناطق مختلفة، إلا أنه من الممكن أن تكون ضمن أجندة الاجتماعات غير المعلن عنها، أو التي ستجري في كواليس مفاوضات جنيف المعلن عنها خلال الشهر الجاري، إلا في حال حصل دخول أحد الأطراف العسكرية إليها قبل الاجتماع، ما يجعله يدخل المفاوضات بمكسب مهم يمكنه من فرض شروط جديدة.

اقرأ/ي أيضًا: 

فتح الشام تضع الشمال السوري على خط النار

البيان الختامي لمؤتمر الأستانا يشعل الشمال السوري