25-أغسطس-2018

تشكل السوشيال ميديا هويات مزيفة للمهووسين بها (Pinterest)

ألترا صوت - فريق التحرير

تلقي صحيفة الغارديان الضوء على نتائج دراسة استطلاعية حديثة، تكشف جانبًا مُظلمًا في السوشيال ميديا، المتمثل بتشكل هوية "سائلة" للأشخاص المهووسين بالظهور والتفاعل مع العلامات التجارية باهظة الثمن على مواقع التواصل الاجتماعي. في السطور التالية، ننقل لكم مقال الغارديان مترجمًا.


وفقًا لدراسة حديثة، فإن واحد على الأقل من عشرة بريطانيين قالوا إنهم يشترون الملابس عبر الإنترنت، فقط من أجل نشر صورة الملابس لاحقًا على السوشيال ميديا، وبعد ذلك يعيدون ما اشتروا ويستعيدون ما دفعوه! وقد ازداد المعدل بواقع واحد من بين خمسة أشخاص للفئة العمرية بين 35 و44.

واحد من بين كل 10 بريطانيين يشترون ملابس جديدة لنشر صورها على السوشيال ميديا، ثم يعيدونها لاحقًا للمتاجر!

وتقول شركة "Barclaycard" التي مولت هذه الدراسة الجديدة إن هذه الظاهرة المتعلقة بشراء الملابس ثم التقاط صورة بعد لبسها ثم إعادتها إلى المتاجر، تشهد ارتفاعًا كبيرًا، وقد أسهم في ذلك كما تبين، وسم (هاشتاغ) انتشر على إنستغرام وهو "#OOTD"، وهو اختصار لجملة "Outfit of the Day" أو "لبس اليوم". 

 

وعبر هذا الوسم، يقوم المستخدمون لإنستغرام برفع صورة لأنفسهم لاستعراض ما يلبسون من ملابس جديدة، سواءً كانوا في غرفة النوم، أو على الشاطئ، أو في الشارع. وقد انتشر هذا الوسم بشكل واسع حتى بلغ عدد المنشورات التي استخدمته أكثر من مليوني صورة.

موضة على سوشال ميديا
واحد من كل عشرة بريطانيين يشترون الملابس فقط ليتباهوا بها في السوشيال ميديا

فماذا يا ترى يكشف انتشار هذه الظاهرة عن أنفسنا وعن ملابسنا؟ تقول كارين فرانكلين، وهي كاتبة مختصة بمجال الموضة وناشطة تسعى لرفع الوعي بشأن "الموضة المستدامة"، إن "انتشار هذه الظاهرة هو أمر غير مبشّر إطلاقًا".

وتقول كارين أيضًا إن "الملابس تمثل فرصة للفرد كي يستكشف هويته الخاصة وينميها ويعرف ما الذي يريد أن يكونه"، موضحةً أن "الملابس جزء لا يتجزّأ من تجربتنا الشعورية وخبرتنا بأنفسنا، فنحن نحلم بما نتمنى أن نكونه ونشعر بالارتباط بشكل أفضل بذواتنا عبر اللباس المناسب الذي نختاره".

أما في عصر إنستغرام، فإن الهوية قد باتت هي العلامة التجارية الفخمة، وصارت القدرة على شراء الملابس واستخدامها لوهلة صغيرة، ثم التخلص منها واستعادة النقود التي دفعت عليها؛ بوابة لظهور "شخصيات عابرة وسائلة"، على حد تعبير كارين.

وأوضحت كارين: "تنشأ بيني وبين ملابسي علاقة خاصة مع الوقت، فبوسعها أن تثير في السعادة أو الجرأة أو الحماسة. لكن هذا الأمر لا يحصل مع هذه الصيحة الإنستغرامية الجديدة من استعراض الملابس للحظات ثم التخلص منها، ولا ينجم عن ذلك سوى نموّ شخصيات سطحيّة جدًّا".

انستغرام سوشيال ميديا
في عصر الإنستغرام، باتت العلامات التجارية هي التي تشكل الهوية

وتضيف: "إن تجربة شراء الملابس وتشكيل علاقة معها والعودة بها إلى المنزل هو أمر صحي يفيد ببداية علاقة مرضية وسليمة مع الملابس والهدف منها، وكان ذلك كله يتم دون وجود كاميرا". أمّا الآن، فمع الإدمان على استعراض "ذات" جديدة كل مرة على إنستغرام عبر ذلك الوشم صارت الحالة "أشبه بمزيج من النرجسية المزعجة والاستهلاك العبثي".

إن هذا الوسم لا يدل سوى على علاقة ذات إشكالات عميقة مع "الموضة السريعة"، ولذلك انعكاسات سلبية على البيئة والاقتصاد، عدا عن الأثر المكلف والمرهق على حالتنا النفسية والروحية.

في عصر إنستغرام، باتت الهوية هي العلامة التجارية الفخمة، وأصبحت الملابس -التي تشترى ثم ترد- بوابة لظهور شخصيات عابرة وسائلة

إن هذه تصرفات "غير عاقلة وغير مستدامة"، كما تقول كارين التي تضيف: "ربما يقول البعض إن عالم الموضة وصناعتها يستحق ما يحدث به الآن، بعد الفظائع التي ارتكبتها الشركات الكبرى في الاستغناء على استغلال الشباب والشابات والتضليل بهم، ويبدو أن عالم الموضة اليوم يأكل نفسه بنفسه".