07-يناير-2020

تفوق أمريكا في العتاد العسكري لا يعني بالضرورة حسم الحرب مع إيران لصالحها (الترا صوت)

رغم العلاقات المتوترة دائمًا لدرجة العداء، بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران منذ الثورة الإسلامية في الأخيرة عام 1979، إلا أنه لم تحدث أي أعمال عسكرية مباشرة بين الطرفين، حتى اغتالت الولايات المتحدة الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وهي قوة مسلحة نظامية تابعة للحرس الثوري الإيراني، الأمر الذي أدخل العلاقات بين البلدين طورًا جديدًا، يرى كثيرون أنه قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية معقدة، رغم عدم التكافؤ.

رغم العداء القديم بين أمريكا وإيران، لم تقم بينهما أي مواجهة عسكرية مباشرة حتى اغتالت أمريكا الجنرال الإيراني قاسم سليماني

القدرات العسكرية بين إيران وأمريكا

تُشير المقارنة بين القُدرات العسكرية للبلدين إلى تفوق هائل للولايات المتحدة الأمريكية صاحبة أكبر قوة مسلحة في العالم، في مقابل إيران التي أنهكتها العقوبات الاقتصادية لعقود طويلة.

اقرأ/ي أيضًا: استقطاب وانقسام.. كيف تفاعل الأمريكيون مع اغتيال سليماني؟ 

ووفقًا لموقع "غلوبال فاير باور" المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن الميزانية العسكرية الأمريكية التي تحتل المرتبة الأولى عالميًا، تبلغ 716 مليار دولار، مقابل 6.3 مليار دولار لإيران التي يحتل جيشها المركز الـ14. 

وتبلغ القوة البشرية للجيش الأمريكي مليون و282 ألف ضابط وجندي، مقابل 523 ألف ضابط وجندي لدى إيران، منهم 350 ألفًا في الجيش و150 ألفًا في الحرس الثوري الذي تأسس قبل نحو 40 عامًا بغرض حماية نظام الثورة الإسلامية في إيران، وأصبح قوة عسكرية وسياسية واقتصادية نافذة في إيران وخارجها.

وعلى مستوى التسليح تتفوق الولايات المتحدة بأسطول جوي فائق الضخامة يبلغ إجمالي عدد قطعه 13 ألفًا و398 طائرة حربية، في مقابل 509 طائرة حربية لدى إيران، أغلبها روسية أو محلية الصنع. 

كما تمتلك الولايات المتحدة 6287 دبابة في مقابل 1634 دبابة إيرانية، بينما تضم قواتها البحرية 24 حاملة طائرات و68 غواصة و68 مدمرة، في مقابل صفر حاملات طائرات ومدمرات لدى إيران و34 غواصة، وأسطولًا من الزوارق السريعة المسلحة التي يُسيّرها الحرس الثوري في مياه الخليج.

مواجهة معقدة 

بصرف النظر عن تفاوت القدرات العسكرية، فإن أي مواجهة عسكرية محتملة بين البلدين، لن تكون معتادة، إذ لا تتشارك البلدان أي حدود برية أو بحرية، لكن مع ذلك، تحاصر الولايات المتحدة إيرانَ من كل جهة تقريبًا، بقواعد عسكرية منتشرة في العديد من البلدان حولها، فمن جهة الخليج هناك السعودية والكويت وقطر والبحرين وعُمان، وبطبيعة الحال العراق. ومن الشمال تركيا ومن الشرق أفغانستان.

القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط

لكن المفارقة، أن نفس هذه القواعد العسكرية، هي المواقع التي يُحتمل استهداف أي منها إيرانيًا في حال اندلاع الحرب. وبهذا يمكن القول إن نقاط ضعف إيران من جهة محاصرتها بالقواعد الأمريكية، يمكن أن تكون نفسها نقاط قوتها من جهة استهداف هذه القواعد، إذ تمتلك إيران عدة أوراق عسكرية قد تعزز موقفها، من بين أهمها الترسانة الصاروخية، التي وصفها تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأنها الأوسع في الشرق الأوسط.

وتتألف معظم الترسانة الصاروخية الإيرانية من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، فضلًا عن ترسانتها من صواريخ "سومار" الباليستية بمدى 2500 كيلومتر، بالإضافة إلى برنامج كانت تعمل عليه إيران للصواريخ العابرة للقارات، لكن من المفترض أنه تم إيقاف العمل عليه منذ 2015 كجزء من الاتفاق النووي المبرم آنذاك بينها وبين القوى الدولية.

وعليه، تصبح القواعد العسكرية الأمريكية المحيطة بإيران في مرمى ترسانتها الصاروخية، أو أسطولها من الطيارات المسيرة التي استطاعت تطويره خلال السنوات الماضية، وظهر في معاركها بسوريا والعراق، كما استطاعت به اختراق المجال الجوي الإسرائيلي انطلاقًا من قواعدها في سوريا.

ورغم القوة العسكرية الهائلة للولايات المتحدة الأمريكية، والتي يرتكز جزء كبير منها في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن لدى إيران ما يمكّنها من دخول حرب استنزاف طويلة، وذلك عبر أذرعها المسلحة في المنطقة، وهي عبارة عن مليشيات منظمة، تم اختبارها حربيًا على مدار سنوات، أبرزها على الإطلاق حزب الله في لبنان، الذي يعد أكبر قوة مسلحة غير رسمية في العالم، بترسانة صاروخية تناهز 150 ألف صاروخ بين قصير ومتوسط وطويل المدى، وبمجاورته لإسرائيل، ما يجعله مصدر قلق لا يُستهان به بالنسبة للولايات المتحدة، وورقة قوة لصالح إيران.

صاروخ سومار الباليستي
صاروخ سومار الباليستي

هناك أيضًا جماعة الحوثي في اليمن، والتي استطاعت الصمود لخمس سنوات في حربها ضد التحالف السعودي الإماراتي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، كما استطاع خلال السنوات الماضية إصابة أهداف حساسة في العمق السعودي بصواريخ باليستية، من بينهما شركة أرامكو النفطية، في أيلول/سبتمبر الماضي.

لدى إيران أيضًا قوة كبيرة من المليشيا المسلحة في العراق، والتي تدين لها بالولاء، متمثلة في الحشد الشعبي والفصائل المنضوية تحته. ومن المرجح أن تكون هذه المليشيا العراقية جزءًا أساسيًا من المواجهة مع الولايات المتحدة، خاصة وأن القصف الذي استهدف سليماني، أودى أيضًا بحياة أبو مهدي المهندس، أحد أبرز قادة الحشد الشعبي وقائد مليشيا حزب الله في العراق.

يُضاف إلى ذلك القوات الإيرانية في سوريا، التي قد تجعل القوات الأمريكية في الشمال السوري في مرمى نيرانها، إلى جانب الأهداف الإسرائيلية في الجولان المحتل.

المواجهة العسكرية بين إيران وأمريكا قد تتحول إلى حرب متعددة الأطراف، خاصة أن الكثير من  ساحات معاركها ستكون في دول أخرى بالمنطقة

إذًا، فمواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران لن تكون مواجهة عادية، بل على الأرجح ليست أقل من معقدة، وقد تتحول إلى حرب مفتوحة متعددة الأطراف قد تهزم الجميع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بعد مقتل سليماني.. #الحرب_العالمية_الثالثة تندلع في السوشيال ميديا

أسئلة ما بعد سليماني.. الحسابات الإستراتيجية أمام احتمالات التصعيد