23-أكتوبر-2017

تشيهارو شيوتا/ اليابان

كنتُ كلّما أحسستُ بالجوع، أفكّرُ في شوربة العدس. شيء سحريّ يجذبني إليها.

لأكُن صريحًا؛ فأنا أحبّ أشياءَ كثيرة: النبيذَ والنساءَ والبروباغاندا. وأحبّ اللهَ والتاريخَ والديمقراطيّة والكركديه وتامر حسني وورقَ التواليت ماركة سوان. كما أحبّ التكنوقراط والبرتقالَ ونبيلة عبيد. ولا أنسى القهوة وبرتراند راسل واليبرق. لكنّي أحبّ شوربةَ العدس أكثر منها جميعًا. وعندما بدأتُ أحسّ بخطورة الموقف قمتُ باستشارة أخصّائيّة في علم النفس. سألتني أسئلةً كثيرة. ثمّ قالت إنّها ستعرّضني لاختبار الشوربات. شرحتْ لي أنّ تجربة الشوربات يمكن أن تساعد الكثيرَ من المرضى، وأنّها تحدِّد شكلَ طفولة الإنسان وقابليّتَه الإجراميّة، وقد تحدّد وجهتَه السياسيّة، وكلَّ شيء. باختصار، فإنّ تجربة الشوربات كانت - كما قالت - أهمَّ انتصار لعلم النفس الحديث.

عصبتْ عينيّ بعصابة سوداء، ووضعتْ على الطاولة أمامي زبديّة شوربة عدس، وزبديّة شوربة فطر. عندما امتدّت يدي، لا شعوريًّا، نحو شوربة العدس، صارحتني الطبيبة بأنّ مشكلتي أخطرُ مما قد تُصوّر. قالت إنّ صورةً من طفولتي التصقتْ في المنطقة الحمراء من العقل الباطن.

عرفتُ العقل الباطن، لكنّ المنطقة الحمراء لم أسمع بها قطّ. خجلتُ أن أسألها عنها حتّى لا تظنّ أنّي غير مثقّف، فقلت لها: "معكِ حقّ! تلك المنطقة الحمراء، لله درّها، ودرّ أبيها".

بحثتُ عن "المنطقة الحمراء في العقل الباطن" على محرّكات البحث، فلم أجد شيئًا. بعضُ المحرّكات فهمت المنطقة الحمراء على أنّها "الليلة الحمراء"، فقدّمتْ لي موقعًا إباحيًّا. وبعضها فهمتها الليلة الحمراء عندما ذبح محمد علي أمراء المماليك في ليلة القلعة الحمراء.

أعتقد الآن أنّها قصدت بالمنطقة الحمراء: الأحاسيس الدونيّة في تدرّج اللون في العقل الباطن؛ لأنّ هناك أحاسيس علوية: القلب والعقل؛ ودونيّة: تتمثّل في المعدة والـشيء الآخر!
مسكينة شوربة العدس اللذيذة، صُنّفَتْ ظلمًا بالدونيّة.

يا لثارات شوربة العدس من علم النفس الحديث!

 

اقرأ/ي أيضًا:

ضوء الفجر فلاش كاميرا

كانَ قلبي