22-أبريل-2017

إحدى محال المنتجات السورية في برلين (علا المصياتي/الترا صوت)

المعلبات السورية والملوخية و"المكدوس" وغيرها من "منتجات الدرة" المعروفة في سوريا، و"متة جيربا بيبوري" أو خارطة الخضراء، البن المطحون من ماركة حسيب أو الحموي، ومنتجات الغوطة السورية وغيرها من المنتجات الغذائية السورية محلية الصنع، كلها صارت تلاقي رواجًا بين أوساط المجتمعات الأوروبية. لم يعد من الصعب الحصول عليها فهي باتت تنتج في سوريا لتصدر إلى أوروبا "حصرًا".

يؤكد محللون اقتصاديون أن البيئات الجديدة للاجئين السوريين باتت سوقًا مهمًا للمنتجات السورية وفتحت عديد المحال والمخازن لتوفيرها

إلى جانب ذلك، تعاقدت شركات أوروبية مع شركات محلية في سوريا بهدف التبادل التجاري، وتصدير المواد الغذائية السورية التقليدية إلى الخارج، حيث تجني تلك الشركات أرباحًا كبيرة من عمليات التصدير بسبب فرق العملة بين اليورو والعملة المحلية للبلد المنتج. وهو ما يجعلها تلبي حاجة السوق الخارجية حتى على حساب السوق المحلية أحيانًا.

اقرأ/ي أيضًا: صيدلية السفرة الشامية

وقد نشطت تلك المبادلات التجارية مؤخرًا بعد وصول آلاف اللاجئين إلى أوروبا، حين بات أمر تأمين الغذاء المعتاد عليه حاجة وضرورة، كما يراه البعض، مفضلين عدم البحث عن غذاء جديد وغريب "لا طعم له"، كما تصفه أم علي، وهي سيدة سورية لاجئة في ألمانيا فتقول: "لا طعم للخضروات والفواكه الأوروبية، كما أن الخبز صعب المضغ".

لحق الدمار الكثير من المعامل السورية والمنشأت الصناعية، التي إن لم تدمر فقد سُرقت، ما عاد سلبيًا على الوضع الغذائي للسوريين في داخل سوريا، وإثر ذلك انتقلت أغلب المعامل إلى دول مجاورة واستمرت في إنتاجها بالرغم من اختلاف ظروف العمل والإنتاج، وبقي بعضها في الداخل وأغلبها في مناطق سيطرة النظام.

ولاحقًا، وجدت تلك المعامل أسواقًا لتصدير منتجاتها إلى مجتمعات جديدة، فارتفعت وتيرة إنتاجها. كما يشير محللون اقتصاديون إلى أن تلك البيئات الجديدة باتت سوقًا مهمًا لتلك المنتجات، وهي التي تشكل عمادًا رئيسيًا للمطبخ السوري.

اقرأ/ي أيضًا: "رخصتي"..لمساعدة السوريين أصحاب المشاريع بـ"عنتاب"

من برلين إلى مالمو وباريس وأمستردام، انتشرت مخازن الأغذية السورية والتي تم افتتاح قسم كبير منها مؤخرًا بعد الطلب الكبير على تلك المنتجات ليس من السوريين فقط بل من المجتمعات المضيفة أيضًا، ما يشمل المنتجات الغذائية الرئيسية وغيرها حيث لم يعد من المفاجئ على السوريين المقيمين في تلك العواصم إيجاد ما يحتاجون إليه في الأسواق وأكثر.

يرى كثيرون أن مخازن الأغذية السورية في أوروبا أمنت النواقص غذائيًا، ولكن أيضًا وفرت شعورًا بالأمن الاجتماعي والحفاظ على الهوية

يقول هشام، صاحب مخزن أغذية سورية، في شارع كارل ماركس في العاصمة الألمانية برلين: "لقد تم افتتاح هذا المخزن مؤخرًا بعد تحضير استمر لأشهر، كنت تاجر أغذية في سوريا، ولا أجيد إلا هذه المهنة". ويضيف: "وبعد الإقبال الكبير من السوريين على مخازن مشابهة قررنا افتتاح هذا المخزن، نستورد البضائع من معامل سوريّة موجودة في لبنان والأردن ومصر. أمّا بالنسبة للشحن فهناك شركات تتوالى ذلك إلى ألمانيا ودول أخرى".

أدى افتتاح تلك المخازن، كغيرها من المشاريع المهنية، إلى إيجاد فرص عمل جديدة للسوريين لا تحتاج إلى لغة أو إلى دورات تدريبية على اعتبار أن أغلب زبائنها من العرب. يكفي أن يتحدث المحاسب أو من يعمل على "الكاشير" لغة البلد المضيف حتى يقوم بالمهمة في حال وجود زبائن من غير العرب.

يقول محمد، عامل في إحدى هذه المخازن في باريس: "وجدت فرصة عمل في إحدى المخازن السورية عبر أصدقاء، وكان ذلك بعد ستة أشهر من وصولي، أغلب من يعمل هنا من السوريين والعرب، وجدت في ذلك أمرًا أفضل من انتظار المساعدات أو البحث عن فرصة عمل أخرى".

كما شكلت تلك المخازن إلى جانب محال تجارية سورية أخرى، تقدم أساسيات الطبخ والمأكولات السورية، في عدة عواصم أوروبية حالة جديدة بين السوريين في الاغتراب، وأمنت النواقص والمستلزمات لهم، على مستوى الطعام، وعلى مستوى الشعور بالأمان مع الجماعة التي تشتري وتأكل وتعتاد على الأمور عينها، فتمسك بهذه الأمور الكثير من القادمين الجدد، حين رأوا أنها تحفظ الهوية وتمثل عامل استمرار لها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر.. محطة عبور للسوريين لا أكثر

"المونة" اللبنانية.. موضة لن تموت