الملاك في جحيمه
23 أكتوبر 2018
مراثي النار
1
كانوا يرددون اسمي كثيرًا. أذكر أنهم كانوا ثلاثة اجتمعوا حول مائدة النار، والكون ظلام دامس.
قال أحدهم (وهو ينفخ طين المسرات): سنوقظ الورد في دمه وحلم الأساطير، فتراتيله الوحشية قمر يلهم سحرالأفاعي ونبوءة المجانين.
وقال آخر(وهو يمسح زجاج الغياب): كان يخلع جناحيه في مهبط الملكوت، ويحمل على كتفيه صليب المعذبين والخاطئين سنجعله يستحم بنبع الآلهة ويشرب من خمرها فهو سيد الحكمة ونشيدها.
أما الشيخ الأبيض فكان يبكي بصمت أزرق.
ارفعوا قلوبكم أيها السادة وابتهلوا.. كي تعود النار إلى رمادها، وينبجس النور من الظلمة، والماء من النور فهو سيد السواد الأبيض، هو اللا بدء قبل البداية واللامتناهي بعد النهاية، سيجيء محمولًا على عربات الدخان تتبعه الموسيقى والكواكب البعيدة.
كانوا يرددون اسمي كثيرًا ويتبادلون أدوراهم ومراياهم.. اقتربت منهم فلم أر أحدًا
لم أر سوى جسدي البارد ممددًا على مائدة طويلة فارغة كلما نظرت إليه طويلًا، استطال كثيرًا
وكلما نظرت إلى نفسي ازددت صمتًا وبياضًا وسالت الأرض والسماء من لحيتي.
أذكر أنهم كانوا ثلاثة اجتمعوا حول مائدة النار والكون ظلام دامس.
2
كان السبعة مجتمعين تحت عرش النار في كل زمان ومكان، لكن بلا زمان ولا مكان، يحيط بهم الدخان والوهج المتصاعد من البحيرات، أصواتهم تنمو وتعلو في الهاوية كأشجار من الحجارة وعيونهم المتجمدة تفتت رخام الموسيقى، وتحرق عفن التاريخ.. تكلم السبعة بصوت واحد، بينما سيد العرش كان يضحك.. وطيف العالم يهوي في ظلام سحيق..
ملاك في الجحيم
بعينين زجاجيتين ووجه شاحب كالجليد
خرج من بين الدخان بيده حفنة من نار
هديره المرعب في أعماق الظلمة
يبعثر غبار السماوات ويفتت حجارة الزمن
وكأيّ ملاك هارب من الجحيم
ترك الليل يئن في معطفه
وفرًّ من اللوحة الصامتة.
اقرأ/ي أيضًا:
