31-يناير-2017

تعد سوق الثياب المستعملة في المغرب سوقًا حيوية يقبل عليها الفقراء والأغنياء (راكاييل باغولا/Getty)

في صباح يوم السبت تنطلق رحلة مريم متولي، في البحث عن ملابس مستعملة في أحد الأسواق الشعبية في مدينة الدار البيضاء. تنتظر مجيء هذا اليوم بفارغ الصبر لشراء ملابس من ماركات عالمية معروفة بأبخس الأسعار، فهي معروفة بأناقتها وسط زميلاتها في العمل. لا تبوح مريم التي تعمل موظفة في أحد القطاعات الخاصة بسر أناقتها. تقول لـ"ألترا صوت" إن زميلاتها في العمل دائمًا يبدون إعجابهن بأناقتي، ولا يترددون في سؤالها عن مصدر هذه الأناقة، لكن القليل فقط يعلم أن ملابسي مستعملة، اقتنيتها من تاجر في سوق شعبي، أصبحت من زبائنه المخلصين منذ سنوات".

يقصد المغاربة أسواق الملابس المستعملة لرخص أسعارها وجودتها وتعدّ سوقًا نشطة بين كل طبقات المجتمع

أمست مريم مدمنة على شراء ملابس مستعملة أو كما يسميها المغاربة بـ"البال"، لا سيما عندما يتناهى إلى مسامعها إطراءات عن ملابسها المتناسقة والأنيقة من قبل معارفها. تعلق على هذا الأمر بافتخار: "عندما أبحث في أكوام ملابس البال، قد لا أجد المقاسات التي تناسبني أو الألوان التي تليق علي، لكني أحاول أن أنسق بين الملابس، لكي تعطي انطباعًا بأنها جديدة، خصوصًا وأنها من ماركات معروفة بأسعارها الباهظة".

وفقًا لمريم فقد أضحت محترفة في نبش الملابس المستعملة، التي تأتي من شمال المغرب، خصوصًا من مدينة الناظور (شمال شرق) ومدينة الفنيدق (شمال غرب)، حيث يحضر التجار الملابس المستعملة المهربة من إسبانيا إلى المدينتين، من أجل نقلها على متن شاحنات إلى أسواق في مدن أخرى من المغرب. مثل سوق قريعة بالدار البيضاء (وسط)، أو سوق اللويزية بمدينة المحمدية، أو أسواق تاويرت في شرق أو أسواق القنيطرة في الغرب، بالإضافة إلى أسواق شعبية أخرى.

أقرأ/ي أيضًا: ما هي عادات المغاربة في مواجهة البرد؟

من المعروف أن تهريب الملابس المستعملة إلى المغرب يمنعه القانون، لكنها تبقى مصدر رزق للعديد من المغاربة، إلا أن تجارة ملابس البال تمر بالعديد من المراحل من مصدرها إلى غاية وصولها إلى يد الزبون. يقول أحد الباعة في سوق القريعة بالدار البيضاء لـ"ألترا صوت": "تأتي هذه الملابس من مختلف بلدان أوروبا، حيث يتم جمعها بعد أن يتخلص منها أصحابها، وتباع لشركات متخصصة في تصديرها إلى الخارج، بعد فرزها حسب النوع والجنس والسن، ووضعها في رزم على شكل "بالات"، وتخزينها بشكل سليم، ثم بيعها للمتاجرين في الملابس المستعملة".

ويضيف: "يجلب كبار المهربين المغاربة لهذه الألبسة المستعملة من مليلية وسبتة المحتلتين، موزعين المهمة على الأشخاص الذي يكلفون بمهمة نقلها إلى الوجهة المراد ترويج السلعة المهربة فيها، وكما يعلم الجميع أحيانًا كثيرة يتم حجز هذه السلع من طرف رجال السلطة، خصوصًا من طرف رجال الجمارك أو الضرائب". 

يمنع القانون المغربي تهريب الملابس المستعملة لكنها تبقى مصدر رزق لفئة كبيرة

 إن كانت تجارة ملابس المستعملة مصدر رزق للعديد من الأشخاص، فإنها تعد المصدر الوحيد لاقتناء الملابس للأفراد محدودي الدخل، حيث يعثرون على ضالتهم خصوصًا وأن هذه الملابس قد لا تؤثر على ميزانيتهم، لكن أحيانًا كثيرة قد ينافس أشخاص أغنياء الفقراء في إقبالهم على ملابس "البال" لا سيما وأن تحتوي على ماركات معروفة مثل "ديور" أو "زارا".

 تقول مريم: "أعرف زبائن من طبقات اجتماعية راقية، يلجؤون إلى ملابس "البال"، لأن هنا ستجد حقائب أو أحذية أو ملابس من ماركات عالمية لا يتعدى ثمنها بضع دولارات". إن أراد الزبون الظفر بملابس جميلة وبأثمنة مناسبة، يجب عليه أن يأتي في صباح الباكر، لكن إن تأخر فلن يجد بالتأكيد مراده. يقول حمزة (بائع): "خلال يومي الأربعاء والسبت، نفتح "البالة" ونكشف عن الملابس لزبائن، لكني دائمًا ما أنصح الزبون أن يأتي مبكرًا، لكن عند تأخره لن يجد الملابس التي يريد أو المناسبة لاستعمال". وتعد تجارة ملابس المستعملة، قطاعًا حيويًا غير مهيكل، ويدر بالربح على التجار الكبار بملايين الدولارات، أما المواطن البسيط فتبقى طريقته الوحيدة لارتداء ملابس لائقة له ولأفراد أسرته.

اقرأ/ي أيضًا:

المغاربة لا يتبرعون بالأعضاء.. ما السبب؟

إقبال على المواقع الإباحية عند المغاربة..ما الأمر؟