29-نوفمبر-2018

مكتبة بعقلين في جبل لبنان

"المكتبة العامة هي الوسيلة الرئيسية التي تخوّل الجميع ولوج كنز الخواطر والأفكار الإنسانية وابتكارات مخيلة الإنسان. ومن شأنها إعطاء الراشدين والأطفال على حد سواء فرصة مواكبة عصرهم، والتثقف بشكل مستمر والإطلاع على كل التطورات". بهذه الكلمات حدّدت منظمة اليونيسكو دور المكتبة العامة في العام 1972.

بين دور الدولة اليونيسكو والمجتمع المدني

يدخل إنشاء المكتبات العامة، تمويلها وتزويدها بالكتب والتجهيزات اللازمة، ضمن مسؤولية وواجبات الدولة. ويحق للمواطن الذي يؤدّي واجباته ويدفع الضرائب، أن يجد في محيط سكنه مكتبة عامة تؤمن له مساحة للقراءة والمطالعة،  ولإجراء الأبحاث العلمية والدراسية، أو لاستعارة الكتب وقراءتها.

تتولى البلديات إدارة معظم المكتبات العامة في لبنان، فيما تنشط الجميعات في دعمها بالكتب

تضع الأونيسكو معايير واضحة لإنشاء وتنظيم عمل المكتبات العامة، وتضع حدًّا أدنى من الكتب، هو ثلاثة آلاف كتاب، يجب أن تتضمنها كل مكتبة عامة. تتولى البلديات إدارة معظم المكتبات العامة في لبنان، فيما ينشط ويبرز عمل جمعية السبيل، التي تأسّست في العام 1997، في دعم المكتبات العامة في لبنان وتزويدها بالكتب والمراجع، وإقامة الندوات وتنظيم النشاطات التي تحثّ المواطنين على المطالعة وتبادل الكتب. كما تعمل الجمعية على إنشاء وتشغيل المكتبات المتنقلة، وتعمل على تدريب وتطوير أمناء المكتبات العامة في لبنان. 

اقرأ/ي أيضًا: 6 من أهم المكتبات العربية

انتشار للمكتبات ومراكز المطالع على امتداد الوطن

تعمل وزارة الثقافة بالتنسيق مع الجمعيات والمنظمات المعنية، على تعزيز ثقافة المطالعة لدى الناشئة والشباب، من خلال إطلاق حملات التوعية والإرشاد. اختير يوم 23 نسيان/أبريل من كل سنة يومًا عالميا للمطالعة، وقد خصصت وزارة التربية أسبوعًا سنويًا في هذه الفترة أطلقت عليه اسم "أسبوع المطالعة للجميع"، يتضمن حملات ترويجية في المدارس لتعريف الطلاب بأهمية المطالعة ودورها في بناء شخصية مثقفة ومتطلعة على ما يدور حولها. كذلك يتم تنظيم زيارات إلى المكتبات العامة في لبنان وتعريفهم بدورها وأهدافها، وتشجيعهم على المبادرة إلى ارتيادها للمطالعة داخلها، أو لاستعارة الكتب وقراءتها في المنزل في أوقات الفراغ، أو خلال العطل.

في ظل الثورة الرقمية المهولة التي نعيشها، بات عدد كبير من الشباب في لبنان، يفضّلون القراءة الإلكترونية، على حساب الكتب الورقية. يشكل هذا الأمر تحديًا للمكتبيين وللمهتمين بشؤون المطالعة والمكتبات العامة في لبنان. فمن جهة يجب العمل على تشجيع القراءة الورقية، والتاكيد على أهمية الكتاب ودوره في تطوير الأمة، ومن جهة أخرى يجب تجهيز المكتبات بكل مستحدثات التكنولوجيا وخدمات الإنترنت لتراعي متطلبات العصر، ولتجذب إليها أكبر عدد من الممكن من الزوار، للقيام بأبحاث علمية أو للمطالعة والتثقف. المكتبات العامة في لبنان تحوي اليوم، إضافة إلى الكتب، وثائق سمعية وأشرطة الفيديو والأقراص المدمجة.

تقول فاطمة شاهين المتخصصة في إدارة المكتبات، إنه يوجد اليوم حوالي 100 مكتبة عامة في لبنان، إضافةً إلى حوالي 40 مركز مطالعة وتنشيط أنشئت ابتداءً من 2001، بمبادرة من وزارة الثقافة وبالتعاون مع المنظمة الدولية الفرنكوفونية بهدف تحقيق إنماء اجتماعي– ثقافي في الأرياف. وقد غطى المشروع في البداية 14 قرية وبلدة لبنانية، ثم توسّع مع الوقت وأصبح يغطي معظم المناطق اللبنانية. تشير الإحصاءات الشهرية التي تجريها المنظمة إلى أن متوسط الزيارات الشهرية يتراوح بين 1600 و2000 زيارة للمركز الواحد. بينما يقترب معدل الكتب المعارة من 500 كتاب كل شهر، وذلك حسب ما ورد في موقع وزارة الثقافة اللبنانية

غياب التمويل الكافي ونقص في التجهيزات

لا تملك المكتبات كلها التجهيزات والموارد ونفسها، ويعاني الكثير منها شحًّا بالكتب والمراجع، كما أن غياب الدعم الكافي من الدولة ومن المجتمع المدني أدى إلى إغلاق عدد منها. ثقافة القراءة والمطالعة غير متوفرة بشكل كافٍ لدى الشباب اللبناني، تقول فاطمة شاهين، وتعزو هذا العزوف عن المطالعة لأسباب عديدة، أبرزها قلة حملات التوعية والتثقيف التي تحفّز الناشئة على القراءة، والمناهج الدراسية التقليدية الي تعتمد أسلوب الحشو والتلقين، فتقتل الحافز للطلبة في ما يخص البحث والإطلاع . كما تؤكد شاهين، من خلال خبرتها الطويلة في إدارة المكتبات، أن العدد الأكبر من الزوار، يقصدون المكتبة بهدف المذاكرة وتنفيذ واجباتهم الدراسية والجامعية مع أصدقائهم، أو لإجراء أبحاث وتحقيقات مطلوبة منهم في العمل أو في الدراسة. أما الذين يأتون لمطالعة الكتب والروايات فهم القلة القليلة.

 يوجد اليوم حوالي 100 مكتبة عامة في لبنان، إضافةً إلى حوالي 40 مركز مطالعة وتنشيط أنشئت ابتداءً من 2001

تشرف المجالس البلدية على عمل معظم المكتبات العامة في لبنان، وتتولى إدارتها وتأمين الموظفين من أمناء مكتبات إلى موظفي كومبيوتر وما إلى ذلك. وتحتاج المكتبة بشكل دائم لموارد مالية وبشرية للإستمرار بعملها، كذلك هي بحاجة لأن تلبي كل حاجات القراء والطلاب والباحثين، وأن تتوافر الكتب والمراجع الورقية والإلكترونية اللازمة. وبسبب غياب الدعم الكافي من الدولة، ومن الجمعيات والمنظمات، فإن معظم المكتبات العامة في لبنان تعاني نقصًا كبيرًا في مواردها، كمًا ونوعًا.

اقرأ/ي أيضًا: تعرف على أشهر 5 مكتبات عريقة يقصدها السياح من عشّاق القراءة!

بالرغم من كل الجهود المبذولة من الناشطين والمحبّين لعالم الكتب، في سبيل دعم وإعلاء شان المكتبات العامة في لبنان، وتحفيز وتشجيع الناشئة على القراءة، فإن هذا القطاع لا يزال يعاني من شوائب كثيرة، وتقف في وجهه الكثير من المعوقات، والتي تبدأ بضعف التمويل على أشكاله، ولا تنتهي بعزوف المواطنين عن المطالعة وتعبئة أوقات فراغهم بأمور أخرى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المكتبات الجامعية في الجزائر.. منتهية الصلاحية

نكبة المكتبات الفلسطينية