12-يناير-2017

علي الظفيري مقدم برنامج المقابلة على الجزيرة (مواقع التواصل الاجتماعي)

"المقابلة" عنوان بسيط للبرنامج الجديد في قناة الجزيرة الذي يقدمه الإعلامي علي الظفيري، وبساطة العنوان هي نقل أمين لمقاربة البرنامج ومضمونه. لقاء مع شخصية سياسية أو فكرية أو ثقافية لتناول مسيرته بالاستئناس بالمستجدات في مجال نشاطه لعرض مواقفه، وكأن البرنامج هو في منطقة وسطى بين "برامج الشخصيات" كبرنامج "شاهد على العصر" والبرامج الموضوعاتية على غرار "في العمق" الذي قدمه الظفيري طيلة سنوات، وإن كان هو أقرب بالنهاية لبرامج الشخصيات تصوّرًا وتنفيذًا.

يبدو برنامج المقابلة في منطقة وسطى بين "برامج الشخصيات" كبرنامج "شاهد على العصر" والبرامج الموضوعاتية على غرار "في العمق"

وعمومًا المقابلة هو توليفة بين هذين النوعين من البرامج، فكانت مقاربة العرض الخفيف لبرنامج موجّه للجميع مختلف عن "في العمق" أو "شاهد على العصر" الموجّهين لجمهور أكاديمي بالأساس، ولكن تظلّ الخشية دائمًا من الوقوع في فخّ العرض الباهت وهو ما استطاع الظفيري تجاوزه، حتى الآن، بفضل ثقل الشخصيات الضّيفة.

اقرأ/ي أيضًا: الجزيرة تجدد شبابها: إبهار بصري وإعلام تفاعلي

حيث ساعدت استضافة شخصيات مميزّة في الحلقات الأولى على غرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعرّاب النهضة الماليزية مهاتير محمد ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، في تأمين انطلاقة موفقة نسبيًا للبرنامج على المستوى الترويجي، ليظلّ السؤال حول القدرة على المحافظة على بريق البرنامج، الذي استطاع فرض نفسه ضمن البرمجة الجديدة للجزيرة. وعلى الأرجح أن نصف مهمّة الظفيري في المحافظة على هذا البريق ستتمحور حول اختيار الشخصية الضيفة، التي ستكون مفتاح جذب المشاهد على الأقل.

وأحد مظاهر السّعي للتجديد وتجاوز رتابة البرامج الحوارية التقليدية هو عرض نصف المقابلة في ديكور طبيعي مفتوح وفي أجواء غير رسمية، حيث يتمشى الظفيري مع ضيفه في شكل دردشة، فيما يتمّ استكمال المقابلة في ديكور مغلق يتغيّر كل مرّة حسب مكان التصوير، وهذا الجمع يعكس مجدّدًا خصوصية البرنامج عبر التمرّد على الصورة التقليدية لحوار سياسي في نهاية المطاف.

اقرأ/ي أيضًا: وثائقي "حريق باب سويقة".. حريق الأسئلة من جديد

في هذا الجانب، مثّلت استضافة الفنان السوري جمال سليمان تحديًا بما أنه أوّل ضيف في البرنامج من صنف الشخصيات الثقافية والفنية، وهو تحد لتقدير مدى رهان البرنامج، الذي يُعرض بالنهاية في قناة سياسية إخبارية، للحوار مع شخصية "غير سياسية". ولكنّه قطعًا لم يتمّ اختيار جمال سليمان لأنه نجم دراما فقط، بل لأنه مسيّس وله موقف معلن من الثورة السورية، وبالتالي فنكهة السياسة هي اللون الرئيسي للبرنامج، غير أن الصعوبة كانت في الجمع، حيث لم يخف سليمان بنفسه تحرّجه من الحديث في الشأن السياسي مؤكدًا أنه "فنان بدرجة أولى". وعليه بقدر ما حاول الظفيري الغوص أكثر في السياسة، فرض جمال سليمان المحافظة على حوار حول الفن بصفة أساسية.

ساعدت استضافة شخصيات مشهورة في الحلقات الأولى من "المقابلة" في تأمين انطلاقة موفقة نسبيًا للبرنامج على المستوى الترويجي

لقد عوض الظفيري "في العمق" بـ"المقابلة"، غير أن حزمة البرامج الجديدة للقناة لم تتضمن برنامجًا من صنف "في العمق"، أي برنامجًا يتجاوز الحدث الآني ليغوص في عمق الفكري والسياسي بالدراسة والتحليل مع الخبراء والمختصين، ولعلّ إيقاف البرنامج كان ضحيّة توجّه القناة نحو تجاوز البرامج الكلاسيكية غير أن غياب برنامج موضوعاتي كلاسيكي يظل نقطة سلبية في البرمجة، رغم وجود البرامج الحوارية اليومية، التي تناقش القضايا الراهنة.

وعمومًا يأتي برنامج "المقابلة" ضمن توجّه شامل للباقة الجديدة للقناة بعد الذكرى العشرين لتأسيسها، والتي إحدى عناوينها كسر القطيعة بين الإعلام التقليدي القديم الذي يبدو "مملّاً" للعموم، والإعلام الإلكتروني الجديد، الذي ينشر مقاطع مصوّرة قصيرة، ويعرض الأخبار والمواقف في جملة أو اثنين، والذي بات يُقاس به الرأي العام في مسألة ما.

فتبدو مثلاً "نشرة الثامنة التفاعلية"، وهي نشرة إخبارية تفاعلية، تعنى بتغطية أبرز ما يتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، المثال الأبرز لهذا التوجه. وبرنامج "المقابلة" هو مثال آخر لتوجه الجزيرة لتقديم برامج مبتكرة وبسيطة في آن واحد، إضافة لحزمة البرامج التحقيقية الجديدة، التي أكّدت بأن القناة لا تنقل الحدث فقط بل تصنعه.

اقرأ/ي أيضًا:

ماذا لو تحولت السماء إلى شاشة؟

جمهورية فيصل القاسم