16-نوفمبر-2016

رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران (Getty)

بعد فوز حزب العدالة والتنمية، ذي التوجه الإسلامي بالمغرب، في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بدأ عبد الإله بنكيران، أمين عام الحزب، بالتفاوض مع أمناء أحزاب مغربية أخرى بهدف إقناعهم بتحالف لتشكيل ائتلاف حكومي بقيادة حزب العدالة والتنمية. لكن يبدو أن بنكيران لم يستطع إقناع الأحزاب بالدخول معه في غمار حكومة جديدة، إلى حد الآن.

حتى الآن، يبدو أن أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي لم يستطع إقناع الأحزاب بالدخول معه في غمار حكومة جديدة بقيادته

"أعداء الأمس.. أصدقاء اليوم"، يمكن أن تكون هذه العبارة عنوانًا للعلاقة التي تجمع حزب العدالة والتنمية بحزب الاستقلال "المحافظ"، فهذا الأخير الذي انسحب من حكومة بنكيران في الولاية الأولى من الحكومة، واعتبر حزب العدالة والتنمية وقتها أن حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، قد خان الائتلاف الحكومي في ذلك الوقت وبعثر أوراق الحكومة، من المتوقع أن يكونا دعما ذات الحكومة القادمة.

اقرأ/ي أيضًا: هل سلطان ملك المغرب فوق كل السلطات؟

وبعد تصريحات نارية من كلا الجانبين مؤخرًا، أكد عبد الإله بنكيران أنه "لن يخون شباط"، وأنه متمسك به في التحالف الجديد الذي لم تتضح معالمه بعد، وكان حزب الاستقلال قد سارع بإعلان انخراطه في الحكومة دون شروط في البداية.

ولم يخف عبد الإله بنكيران أن البلاد تعيش أزمة سياسية حقيقية، بسبب صعوبة تشكيل الحكومة المقبلة، وأضاف بنكيران، في حديثه أمام اللجنة الوطنية للعدالة والتنمية، قبل أيام قليلة، أن حزب التجمع الوطني للأحرار برئاسة عزيز أخنوش، قدم طلبات، وصفها بـ"غير المعقولة"، من أجل الانضمام إلى الحكومة المقبلة، فيما أصر الاتحاد الاشتراكي وأمينه العام إدريس لشكر على رئاسة النواب، وهو ما اعتبره بنكيران "أمرًا غير مقبول أيضًا".

بدوره، عزيز أخنوش لم ترق له تصريحات بنكيران، وعلق في حديث صحفي، قائلًا إن "التهجم بشكل غير مسبوق على حزب حصل على 37 مقعدًا من قبل رئيس الحكومة هو أمر غريب حقًا". وأضاف أخنوش: "إذا كنا حزبًا معطوبًا بهذا الشكل وكان كلامنا مزعجًا ولا يعجب، لماذا ينتظرنا رئيس الحكومة لتشكيل تحالفه؟". واعتبر، أخنوش، الذي له وزنه الاقتصادي بالمغرب، أن تصريحات بنكيران، تسيء لمؤسسة رئاسة الحكومة، وانتقد الطريقة التي يتعامل بها بنكيران مع الفرقاء السياسيين، متسائلًا: "هل بهذا الشكل نتحدث عن الحلفاء المحتملين لتشكيل التحالف الحكومي؟ وهل بهذا الخطاب السياسي سنستمر بالعمل سويًا خلال 5 سنوات من أجل خدمة الوطن؟".

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات التشريعية في المغرب..غموض الرؤية

ويقول رشيد لزرق، خبير في الأنظمة الانتخابية، في حديثه لـ"ألترا صوت" إن "واقع التجاذبات الحزبية هو واقع طبيعي يصب في اتجاه مجريات الرجة السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات، بحيث يتجه الجميع إلى توظيف التكتيك التفاوضي الذي يقوم على التمهل، لكون طبيعة النظام الانتخابي يقوم على التمثيل النسبي، الذي يفتح الباب أمام الأحزاب الصغيرة لكي تحصل على قدر كبير من السلطة غير المتناسبة مع حجمها، عندما تحتاج الأحزاب الكبرى إلى دعم تلك الأحزاب الصغرى لها من أجل تشكيل حكومة".

وهذا ما يفسر اتجاه كل من الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية إلى التمهل في التعبير عن تحالفاتها، خاصة وأن كلا الحزبين عرفا نتائج انتخابية مخيبة للآمال، ويحاولان الحصول على أكبر استفادة ممكنة. بالإضافة إلى ذلك، أحدث تحالف التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري لتشكيل فريق برلماني واحد في مجلس النواب، رجة سياسية أخرى، وكذلك استقالة صلاح الدين مزوار من التجمع الوطني لأحرار، الذي حل محله عزيز أخنوش، مما جعل مفاوضات هذا الأخير مع بنكيران تشكل مركز المفاوضات بشكل عام.

هذا الأمر، كما يرى رشيد لزرق، "يمكن أن يشكل حافزًا في الجولة الثانية لباقي الأحزاب السياسية خاصة الكتلة الديمقراطية، للتفاوض الجماعي من أجل تقوية قوتها التفاوضية. هذا المسار يمكن أن يغير قراءة المشهد، بحيث يمكن أن يعطينا واقعًا آخر هو القطبية الرباعية".

يرى محللون مغاربة إمكانية تدخل الملك في حال عجز بنكيران عن تكوين الحكومة المغربية الجديدة 

أما عن إمكانية تدخل الملك في تشكيل حكومة مقبلة، يقول رشيد لزرق إنه "في ظل تصريحات بنكيران المتصلبة للجنة الوطنية للانتخابات في حزبه، والتي وجه فيها اتهامات مباشرة لعزيز أخنوش وإلياس العماري، بالاشتراك في مؤامرة لإسقاط الحكومة قبل تكوينها، من الممكن تفعيل الملك للفصل 42 لإنهاء حالة الانتظار". وحسب المتحدث ذاته، فإن العمل بهذا السيناريو لا يفرض بالضرورة الذهاب إلى انتخابات جديدة. ويبقى الحل الأخير، هو حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة إذا لم يستطع أحد تأليف حكومة جديدة.

وحسب لزرق فإن الدعوة إلى انتخابات جديدة فيها تكلفة مالية باهظة لا تحتملها الدولة، كما أنها مغامرة غير مضمونة النتائج، باعتبار أن طبيعة النظام الانتخابي لا تخول في كل الأحوال لحزب الفوز بالأغلبية المطلقة، ومن شأن ذلك أن يعطينا نفس الخارطة السياسية مرة أخرى، وبالتالي يكون ضياعًا للمجهود والمال.

اقرأ/ي أيضًا:

المغرب..تدوينة عنصرية تجر برلمانية إلى القضاء

المغرب.. احتجاج ومطالب بإقالة وزير الداخلي