05-سبتمبر-2015

تتنوع آراء الشباب المنخرطين في شبيبات الأحزاب في المغرب (أ.ف.ب)

تتنوع آراء الشباب المنخرطين في شبيبات الأحزاب في المغرب بتنوّع أسباب انخراطهم فيها، فما بين تأثير العائلة السياسي والاقتناع الأيديولوجي التام، إلى التأثر بالاحتضان المؤسساتي لقضايا راهنة. "الترا صوت" التقى عددًا من الشباب واستطلع آراءهم، لمعرفة إذا كان هذا الانتماء يضعهم على سكة القيادة لتسيير المشهد السياسي في المغرب؟ أم أن الانضمام إلى شبيبة حزب ما يظل رسمًا في الذاكرة، مرحلة وفقط، تمر بإيجابياتها وسلبياتها؟

من المهم الاحتكاك منذ الصغر بجو النقاش السياسي

يقول حسام هاب، عضو المكتب الوطني لمنظمة الشبيبة الاتحادية، شبيبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليساري المعارض، في حديثه لـ"الترا صوت" إن الانضمام للمنظمة يرجع أولًا إلى انتمائه لعائلة اتحادية، "هذا العامل الأهم الذي ساهم في تشبعي بالقيم والمبادئ اليسارية التقدمية للحزب، والاحتكاك منذ الصغر بجو النقاش السياسي، ومعرفة الدور الجوهري للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحياة السياسية، بالأخص وأنه يعد مدرسة سياسية رائدة في المغرب".

من ناحية أخرى، كان اختيار الانضمام إلى الشبيبة الاتحادية بالنسبة لهاب "نابعًا من إيمان بضرورة انخراط الشباب المغربي في العمل السياسي بشكل عام، والعمل الحزبي بشكل خاص، حتى تكون لهم مساهمة مباشرة وكبيرة في مسار البناء الديمقراطي في المغرب". لحظات التغيير السياسي بالنسبة له، لا يمكن أن تنجح وتحقق أهدافها إلا بانخراط الشباب باعتبارهم قوة اجتماعية وديمغرافية أساسية وفاعلة في المجتمع المغربي كما يرى.

على العكس من هاب، أخذت إيمان اليعقوبي، عضو اللجنة المركزية لشبيبة حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي في المغرب، وقتها كاملًا في التفكير والتشبع بأيديولوجية الحزب حتى تقرر الانضمام إليه. وبالرغم من أن والدها أحد منخرطي العدالة والتنمية، إلا أن الأمر لم يتعدَ حدود النقاش في القضايا السياسية التي أبانت عن اهتمام بها منذ صغرها، بدليل أن أخواتها لسن منخرطات الحزب. وفي حين تقول اليعقوبي إنها اختارت الانضمام إلى شبيبة الحزب "عن قناعة وإيمان بمبادئه"، إلا أنها تعود للاعتراف بأن تربيتها وجهتها بطريقة غير مباشرة لحمل قناعاته في غير إلغاء لمبدأ النقاش بشأنها.

اليوم، واليعقوبي تتقدم في أجهزة شبيبة العدالة والتنمية، حتى بلغت لجنته المركزية وهي بمثابة المجلس الوطني، تشدّد على أن المواقف التي يتبناها الحزب تؤثر على استمرار انتمائها إليه، عن ذلك تقول: "قوة مواقف الحزب وثباتها تدعم خياري السياسي".

هذا يقود إلى السؤال عن التأطير السياسي، الذي تقدمه منظمات شبيبات الأحزاب في المغرب لمنخرطيها. تقول اليعقوبي إن "الشبيبة تقدم التأطير، لكن الممارسة الفعلية للعمل السياسي، تأتي عبر التدرج في هياكله الداخلية كافة"، هنا تشدد على أنه يجب على الأحزاب العمل على عدم إحباط الطموح السياسي للشباب، بالتركيز على ثلاثة نقط رئيسية بنظرها: "أولاها تشبث الحزب وعمله بالديموقراطية الداخلية، وثانيها اقتراب تنظيم الشبيبة من الشباب واستقطابهم بدل انتظار توجههم إليها، وثالثها التأكد من موائمة خطاب الحزب مع واقع الشباب وطموحه".

هذه النقط تضمن حسب اليعقوبي، من جهة تقديم نخب شابة مؤهلة لممارسة العمل السياسي، ومن جهة أخرى توسع من امتداد الشبيبة وتشجع غير المنخرطين من الشباب على الانضمام إليها، "لكن دون نسيان نقطة أخرى بغاية الأهمية، وهي عدم تصدير رموز معينة بشكل مستمر تفاديا للإحباط السياسي والإخلال بالديموقراطية الداخلية".

في ذات السياق يرى حسام هاب، أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يقدم للعمل السياسي اليوم نخبا تمرست في منظمة شبيبته، بعضها يتحمل اليوم مهامًا في المكتب السياسي، أعلى هيئة تقريرية به. هذا يؤكد برأيه أن مرحلة الشبيبة فرصة لتكوين أُطر وقيادات الحزب مستقبلًا، لكن هذا المعطى لا يؤكد بالضرورة حسب ما يقول، أن جميع المنخرطين في الشبيبات الحزبية هم بالضرورة سياسيو الغد "الأمر يتعلق بطبيعة مسارهم داخل الشبيبة والحزب وسقف طموحاتهم، إضافة إلى وجود عوامل ذاتية وموضوعية تدفع عددا من الشباب المتحزب إلى إيقاف مساره السياسي، سواء للبحث عن العمل وضمان المستقبل، أو لأنه واجه صعوبات كثيرة في الاشتغال التنظيمي داخل الشبيبة".

شباب الأحزاب بحاجة لخطة عمل  يضعها شباب الأحزاب

العمل الشبيبي برأي هاب، ونجاحه واستمراريته يتطلب النفس الطويل والصبر وتطوير القدرات الشخصية، كما يتطلب التكوين الذاتي سياسيًا والقدرة على التكيف مع الأوضاع الداخلية للشبيبة والحزب "حتى يكون الشاب المناضل في الشبيبة قادرًا على مواكبة المسؤوليات داخل أجهزتها، والوصول إلى مرحلة المساهمة في تدبير الحزب وقيادته في المستقبل، سواء في أجهزته التقريرية أو التنفيذية".

وفي تجربة مغايرة النشأة لهاب واليعقوبي، تخص عمر عباسي، الكاتب العام لمنظمة الشبيبة الاستقلالية، التابع لحزب الاستقلال المعارض في المغرب، كان ولوج العمل الحزبي والسياسي عن طريق الاحتجاج. يحكي عباسي أنه انخرط في مرحلة الدراسة الإعدادية بشبيبة حزب الاستقلال، عندما أطرت احتجاجًا داخل مؤسسته التعليمية بسبب تفاقم المشاكل التربوية بها. "كان احتضانا لا استقطابا" يقول عباسي. وهو الخيار الذي كان بعيدًا عن التأثير العائلي بالرغم من انخراط أفراد من عائلته بالحزب.

يرى عباسي، وهو اليوم في قيادة منظمة شبيبة الاستقلال بوصفه كاتبًا عامًا لها، أن الانخراط بشبيبات الأحزاب مدخل مهم للديموقراطية، ولمشاركة الشباب في العمل السياسي والعملية الانتخابية، لذا يدافع عبر منظمته على أن تكون شبيبات الأحزاب "مشتلًا لتكوين الأطر الحزبية والنخب السياسية في المغرب، وهو ما يجب محاربة عزوف الشباب بشأنه".

محاربة عزوف الشباب المغربي عن العمل السياسي وتشجيعه على الانخراط فيه، يتأتى حسب عباسي عبر تفاعل الأحزاب مع متطلبات الشباب المغربي، الذي يعرف أن التدافع أمر وارد في كل لعبة سياسية، الأمر الذي تحقق منظمات الشبيبة التوازن بشأنه.

الحديث عن تأطير الشباب المغربي سياسيًا ضمن شبيبات الأحزاب، لا يمكن أن تتم حلقته دون التفكير بالمنظومة القانونية والذي تقدمه كعامل تفعيلي. يرى محمد الغالي، أستاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن لا عيب في النص القانوني المغربي حتى لا يسمح بتمكين الشباب المغربي من مواقع القرار انطلاقًا من انخراطهم بشبيبات الأحزاب، "القانون 11-29 الخاص بالأحزاب السياسية يضمن الفرصة للشباب حتى يكون فاعلًا لا مفعولًا به".

ويضيف الغالي أن مسؤولية عدم التقدم بالانخراط الشبابي في منظمات الشبيبة إلى نطاقات سياسية أوسع، يعود إلى "غياب الإرادة لدى الأحزاب السياسية في ذلك"، هنا يرى المتحدث نفسه أن الأمر يحتاج أيضا إلى خطة عمل لا تملكها الأحزاب في المغرب، "ببساطة لأنها لا تنظر إلى انخراط الشباب السياسي من منظور استراتيجي، بل من منظور رفع العتب عنها من جهة، وشحذ قواعدها الانتخابية من جهة أخرى".

الحل برأي أستاذ علم السياسة، قد يكون في تدخل الدولة لفرض "كوتا"، نسبة تمثيلية، خاصة بالشباب داخل قيادات الأحزاب وبرلماناتها الداخلية، لكنه يكمن بالأساس في الأحزاب نفسها، عبر النظر استراتيجيا للكفاءات الشابة واحترام مسارها الحزبي وتثمينه.