28-مارس-2016

حقل حشيشة في المغرب (عبد الحق سنا/أ.ف.ب)

عاد النقاش حول ما يعرف بنبتة "الكيف" أو "الحشيش"، وهي نوع من المخدرات، من جديد في المغرب، إذ قام الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بصفته رئيس جهة الشمال بالمغرب بتنظيم ندوة دولية حول المخدرات، حضرها عدد من الفاعلين المدنيين والأكاديميين وخبراء وطنيين ودوليين، طالبوا من خلالها بتقنين زراعة هذه النبتة بما يمكن من استعمالها في الطب والصناعة.

تختلف الآراء حول الدعوات إلى تقنين زراعة "الحشيشة" بما يمكن من استعمالها في الطب والصناعة في المغرب

خرج الحاضرون في الندوة بتوصيات سميت "نداء طنجة" وجهوها إلى الملك محمد السادس، وقد اطلع عليها "الترا صوت"، وجاء فيها الدعوة "لدراسة إمكانية تكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للقيام بدراسة، على أساس تشاوري مع كافة الفاعلين المعنيين، لآفاق تحديد سياسة عمومية بديلة في مجال المخدرات من منظور التنمية المستدامة والتأهيل الاقتصادي والاجتماعي لمزارعي القنب الهندي الفقراء، وتقنين وضبط زراعة هذا المنتوج وتثمين استعمال القنب الهندي في المجالات الطبية والصناعية"، كما دعوا إلى "تكليف المجلس الوطني لحقوق الإنسان للقيام بدراسة، على أساس تشاوري مع كافة الفاعلين المعنيين، لآفاق تعديل المنظومة القانونية المتعلقة بالمخدرات من منظور حقوق الإنسان".

اقرأ/ي أيضا: القنب/ الزطلة.. زووم على قانون 52 في تونس

"نداء طنجة"، لاقى رفض بعض الهيئات الحقوقية التي تطالب بدورها بتقنين زراعة "الحشيش"، ومن بينها "الائتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للكيف"، التي دعت إلى عدم إقحام الملك في النقاش حول السياسة الوطنية في مجال المخدرات، وتركه محصورًا بين المجتمع المدني والأحزاب السياسية والفئات المستهدفة منه، وحسب الائتلاف "يفترض من النقاش أن يتطور بشكل طبيعي وهادئ عبر الهيئات والمؤسسات المحدثة لهذه الغاية".

وأضاف هذا الائتلاف الحقوقي في بلاغ توصل "الترا صوت" بنسخة منه، أن "اللجوء إلى أعلى سلطة بالبلاد لا يجب أن يكون إلا بعد استنفاد كل الوسائل المتاحة قانونًا، داعيًا كلا من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى القيام بدورهما بشكل تلقائي، وفق ما تنص عليه القوانين المنظمة لعمله".

من جهة أخرى، أكد نشطاء حقوقيون ومدنيون رفضهم المطلق لتقنين زراعة "الكيف" من أجل الاستعمالات الطبية والصناعية في صيغته المقدمة للبرلمان، وذلك بعد مشاركتهم في الندوة الدولية. وفي بيان وقعته خمس جمعيات وهي: جمعية "أمازيغ صنهاجة الريف"، كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية، كنفدرالية جمعيات غمارة للتنمية، شبكة جمعيات بني بوفراح، وجمعية شباب صنهاجة الساحل للتنمية والثقافة، عبرت هذه الجمعيات عن تحفظها على بعض النقاط المدرجة خلال "نداء طنجة".

اقرأ/ي أيضا: حشيشة الكيف في سطور

رفضت بعض الهيئات الحقوقية المغربية "نداء طنجة" ودعت إلى عدم إقحام الملك في النقاش حول السياسة الوطنية في مجال المخدرات

وأوضحت هذه الجمعيات في بيان يحمل عنوان "بيان توضيحي من أبناء بلاد الكيف المشاركين في الندوة الدولية حول الكيف والمخدرات بطنجة" أن نبتة الكيف جزء من الثقافة الأصلية لقبائل صنهاجة وغمارة المتواجدة بشمال المغرب والتي تعتبر أقليات إثنية مهددة بالاندثار، وفق تقرير اليونسكو لسنة 2009. وعبرت عن "رفضها للبذور الهجينة للقنب الهندي الدخيلة على بلاد الكيف لما لها من آثار سلبية على المنطقة، معلنة تشبثها بزريعة الكيف الأصيلة ذات الأصل المغربي"، ومطالبة "بضبط وتنظيم زراعة الكيف كمنطلق لحل المشاكل التي تتخبط فيها بلاد الكيف، مبدية تمسكها بإنشاء "وكالة تنمية بلاد الكيف" وبنهج مقاربة تنموية تجعل من الفلاح البسيط المستفيد الأول والأخير".

النقاش ليس جديدًا في الموضوع، إذ بين فترة وأخرى يعود الجدل بين الحكومة الرافضة لتقنين زراعة القنب الهندي وبين حقوقيين وأحزاب معارضة يطالبون بتقنين هذه الزراعة ويعتبرونها حلًا لإنقاذ نشاط آلاف الفلاحين الذي يقدر عددهم بحوالي 30 ألف مزارع، حسب جمعيات ونشطاء في هذا المجال، والذين يعيشون وضعية اجتماعية مزرية، المتمثلة من خوفهم الدائم من الاعتقال، لأنهم لا يجدون بديلاً آخر عن هذه الزراعة التي تتركز في مناطق محددة من الشمال المغربي.

محمد الغلزوري، واحد من النشطاء الذين يشتغلون في هذا المجال، ورئيس منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، يقول لـ"الترا صوت": "النقاش الدائر الآن حول تقنين زراعة القنب الهندي، هو نقاش سياسي لا غير". ويضيف: "السياسيون بصفة عامة الذين يدافعون على تقنين زراعة الكيف لا يهتمون بمصلحة الفلاحين بل يخدمون مصالحهم السياسية فقط، فالمناطق التي يزرع فيها الحشيش هي مناطق معزولة ومهمشة والسياسيون يستغلونها لأغراضهم السياسية فقط".

يتابع الغلزوري حديثه: "كحقوقي أشتغل على هذا الموضوع منذ مدة، الفلاحون في منطقة كتامة وغمارة يعيشون أوضاعًا اجتماعية صعبة، يسيطر عليهم هاجس الخوف من الاعتقال، فهم لا يتمتعون بأي أوراق إدارية كباقي المواطنين، لأنهم يخافون أن تطأ قدمهم الإدارة المغربية فيعتقلون". وطالب المتحدث ذاته، الدولة أن "تجد حلاً لهؤلاء الفلاحين يسمح بتقنين زراعة القنب الهندي، من أجل تفادي المشاكل القانونية وتسوية أوضاعهم".

ويعود الجدل حول نبتة القنب الهندي في المغرب إلى فترة الحماية الفرنسية، حين أصدر المحتل الفرنسي قانونًا سنة 1919، نص على إمكانية زراعة القنب الهندي شرط إعلام السلطات بذلك وفق كمية معينة، قبل أن يتم منع هذه الزراعة بقانون آخر بعد الاستقلال.

اقرأ/ي أيضا:

المخدرات.. سم قاتل يهدد المدارس الجزائرية

أسعار المخدرات في لبنان