22-نوفمبر-2017

تعكس فاجعة الصويرة حجم معاناة المواطن المغربي (مواقع التواصل الاجتماعي)

نشرت صحية نيويورك تايمز تقريرًا يستعرض الفاجعة التي شهدتها مدينة الصويرة وأدت لمصرع 15 امرأة وإصابة اُخريات بسبب التدافع على مساعدات غذائية، وكيف أنها انعكاس للأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن المغربي رغم الأرقام التي تشير إلى ارتفاع معدلات نمو اقتصاد البلاد. في السطور التالية ترجمة بتصرف للتقرير.


قبل أيّام قليلة شهدت المغرب فاجعة مأساوية راح ضحيتها 15 امرأة وأُصيبت خمسة أُخريات على الأقل، في قرية بولعلام بمدينة الصويرة.

حوالي 19% من سكان المناطق الريفية في المغرب يعيشون فقرًا مدقعًا، 15% منهم يعيشون على أقل من 3 دولارات في اليوم 

وكان سبب الحادث هو التدافع الشديد بين مئات الأشخاص معظمهم من النساء، من أجل الحصوص على سلال الطعام التي كانت إحدى الجمعيات الخيرية تصرفها في سوق القرية. وإلى الآن لم تتضح بعد ما الذي أدى للحادث، لكن التحقيقات الأولية أشارت بأصابع الاتهام للجمعية الخيرية المسؤولة عن توزيع المساعدات! 

يبلغ تعداد سكان المغرب 35 مليون نسمة، وتُعد الحالة الاقتصادية لسكانها أفضل بشكلٍ عام من الحالة الاقتصادية للدول المجاورة لها. ووفقًا لبيانات البنك الدولي، فقد انخفضت نسبة الفقر في البلاد إلى 4.2% خلال عام 2014، كما تعد السياحة جزءًا أساسيًا في اقتصاد البلاد.

اقرأ/ي أيضًا: فاجعة الصويرة بالمغرب.. الفقراء دائمًا الضحية

إلا أن هذه البيانات والتقارير الاقتصادية، تُخفي الوضع الاقتصادي المتردي في بعض المناطق الريفية مثل بلدة سيدي بولعلام، حيث تصل الأمور إلى حدٍ كبير من الخطورة، إذ إن قرابة 19% من سكان المناطق الريفية يعيشون في فقرٍ مدقع، كما يعيش حوالي 15.5% من سكان المغرب على ثلاثة دولارات في اليوم تقريبًا.

هناك العديد من الإشارات المثيرة للقلق على الصعيد الوطني، إذ تتوقع الجهات الحكومية نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 3.2% خلال عام 2018، محققًا انخفاضًا عن العام الحالي الذي بلغ معدل النمو فيه 4.8%.

جدير بالذكر، أن الحكومة المغربية أنفقت المليارات خلال فترة الربيع العربي من أجل تهدئة الاحتجاجات، وفي ظل الضغط الممارس عليها من المُقرضين الدوليين خلال السنوات القليلة الماضية؛ اضطرت إلى خفض الإنفاق الحكومي على الدعم، وتخفيض التوظيف في القطاع العام الحكومي. وبلغت البطالة معدلات مرتفعة للغاية، فوفقًا للمفوضية العليا للتخطيط -إحدى الهيئات التي تديرها الدولة- بلغت نسبة البطالة 10%.

وشهد الاقتصاد المغربي خلال العقدين الأخيرين تغيراتٍ جذرية في مشروعات البنية التحتية على نطاقٍ واسع، منها على سبيل المثال الطرق السريعة، وميناء طنجة ميد، وهو ميناء حاويات عملاق. إلا أن كثيرًا من المنتقدين للوضع في المغرب يقولون إن هذه المشروعات لم تُقدِم سوى القليل من الاستفادة للحياة اليومية لمعظم المواطنين المغاربة. بينما حلت المغرب في المرتبة 123 على مستوى العالم في تصنيف الأمم المتحدة للتنمية البشرية.

بسبب تزايد مديونيتها، اضطرت السلطات المغربية إلى تخفيض الانفاق والتوظيف في القطاع الحكومي حتى بلغت نسبة البطالة 10%

وعلى الرغم من ذلك، تسببت الصور التي نُشرت عن التدافع الذي وقع يوم الأحد، في صدمةٍ كبيرة للكثيرين، إذ يقول مهدي الحلو، الخبير الاقتصادي، والأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في الرباط، إن "تلك الصورة تصدع بمدى فقر الناس الذين يعيشون فيها".

من ضحايا فاجعة الصويرة (مواقع التواصل الاجتماعي)
من ضحايا فاجعة الصويرة (مواقع التواصل الاجتماعي)

يضيف الحلو أن "العديد من المبادرات قد فشلت بسبب الطريقة التي يتم بها التعامل مع المشروعات، وعدم الرقابة على الإنفاق"، مُؤكدًا على أنّه "في هذه الحالة بالذات، من الواضح أن تنظيم الحدث كان سيئًا، وأن السلطات المحلية لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع وقوع هذا الحادث".

وقد صرح الملك محمد السادس، ملك المغرب، في خطاب العرش في تشرين الأول/أكتوبر  الماضي، منتقدًا النخبة الحاكمة، ومشيرًا إلى فشل العديد من مشاريع التنمية الاجتماعية الاقتصادية، وأن قطاعًا كبيرًا من السكان لايزال يعيش في خطر. وقد جاء على لسان الملك: "إن المواطنين المغاربة في حاجةٍ ماسة اليوم إلى التنمية المتوازنة والعادلة التي تضمن الكرامة للجميع، تنمية تُولِد الدخل والوظائف، ما يعود بالفائدة على الشباب بشكلٍ خاص".

وبالإضافة إلى كونها مركزًا للسياحة الشعبية، تشتهر الصويرة بإنتاج زيت الأركان، والذي يُستخدم في صناعة مستحضرات التجميل. خلال العقود الأخيرة، تم إنشاء العديد من المنظمات التي تقدم المساعدة للنساء في هذه المنطقة، من أجل الاستفادة من إنتاج هذا الزيت.

اقرأ/ي أيضًا: البطالة في المغرب.. توقعات متشائمة ومخاوف متزايدة

تقول أسماء الشابي، العضوة في البرلمان عن منطقة الصويرة، إن مهمة تنمية المواطنين الذين يعيشون في هذه المنطقة، "مهمة شاقة بالفعل"، مُضيفةً: "هذه المنطقة، غنية جدًا بالموارد الطبيعية"، مستدركةً: "ولكن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به من أجل إحراز تقدُم في مسار التنمية البشرية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالشباب والنساء".

ووفقًا لشاهد على حادث الصويرة، فقد بدأ الحادث بأن وقعت امرأة إثر التدافع الشديد، ثم سقطت أُخريات ما تسبب في وفاتهن، وإصابة بعضهن نقلن إلى المستشفى بالصويرة. لكن هذه المستشفى تعاني نقصًا حادًا في التجهيزات الطبية، وفقًا لعمر عربيب عضو المؤسسة المغربية لحقوق الإنسان في مراكش.

الاحتقان الشعبي والاحتجاجات في المغرب تجاوزت حقوق الإنسان، إلى المطالبة بالحصول على الاحتياجات الأساسية للعيش

أكّد عمر عربيب على أن "الحكومة هي المسؤولة"، يقصد سواءً وفاة نساء فاجعة الصويرة أو حتى الاحتجاجات الحاصلة في جنوب البلاد بسبب النقص الحاد في المياه، ومن قبلهما احتجاجات الحسيمة في منطقة الريف. يُضيف عمر عربيب: "إننا لا نتحدث الآن عن حقوق الإنسان، وإنما عن الاحتياجات الأساسية للشعب المغربي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"احتجاجات العطش".. المغاربة بين شحّ المياه والقمع الأمني

من "كوميرا" إلى حراك الريف.. هذه انتفاضات الجوع بالمغرب