24-فبراير-2016

كان حلمه، حين كان صغيرًا.. (باسيفيك آرت برودكشن)

المغامرون ليس لهم حظ بيننا، نحسب أعمارهم بدقة الآلة، نحسب لهم الوقت المتبقي لحياتهم بأعضاء قابلة للعطب، كل خطوة خارج المجموعة قد تعني الموت، كما يمكن أن يجعل البعض من تحذيراتهم أمرًا لا شك فيه، كأننا قطيع نحتمي بتوافق الخطوة والتزام الحذر الجماعي، رغم أنك تواجه يوميًا ما يمكن أن يضمن محوك من قائمة الأحياء دون أن تجد من يحفزك على الوقوف لتفادي ضربة قاتلة، المنظّرون لفكرة عائلة العالم الكبيرة لن يظهروا في هذا المشهد الممنوع من التداول نظرًا لوحشيته المفرطة.

المغامرون بيننا فكروا في مشاركة العالم أبحاثه عن الارتقاء والتفرد

عالم مجنون في مقابل رجل يحاول أن يثبّت عينيه على حقيقة الشجرة، لونها مثلًا، عدّاؤون يسخرون من فكرة الحصار، وموسيقيون يُصدرون من آلاتهم صوتًا مشابهًا لسقوط الصواريخ، بين هذا كله الحديثُ عن حياة أخرى يتغذى على المطالبات الحثيثة بالتعويض، التعويض عن الأطراف والعمر الضائع في انتظار عالم سيقول كلمة بذيئة بحق الحروب، بالطبع لم يقلها، المغامرون هنا هم الذين ينتظرون كلمة بذيئة بحق الحروب.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم The Walk.. حلم على ارتفاع أربعمائة متر

في السينما تصفّق الأكثرية لمن أقدموا على أفعال مثيرة، مختلفة اللون في مقابل التشابه والتمثيل الفعلي لنظام حياة لا يلفت الانتباه، الأكثرية من مشاهدي السينما لا يُتعبون أنفسهم بالبحث عن إمكان حدوث المشهد في الواقع، عن أنّ شخصيات حقيقية يمكن أن تكون مادة مثيرة للسينما، وللحياة قبل هذا كله، فالعدّاؤون يُتعبون أقدامهم فقط، والموسيقيون ماذا سيضيفون إلى مكتبة الموسيقى العربية؟ ثم ماذا سيحدث لو أن العِلم استطاع أن يدفع الموت قليلًا إلى الوراء؟ كل هذا يمكن أن تصفّق له أكثرية المشاهدين في قاعة السينما لا في الحياة نفسها.

 لم أعش حياة حقيقية لأقول إن ما يحدث الآن هو الموت، عبارة فيها من المغامرة أكثر مما تستوعبه من الفلسفة، كتبتها وشطبتها أكثر من مرة، إذ هكذا ببساطة يمكن أن تغلق المصانع أبوابها، أن يستغرق العمال في جرعة مشبعة من النوم، ثم يستيقظون للبحث عن حياة يمكن أن تشعرهم حقيقة بأهمية فقدانها، بأن تهديدًا صغيرًا لها إنما هو بمثابة الشروع بالقتل، يوميات البشر الغارقين في حياتهم دون لذة تذكر، يوميات غير صالحة للتناقل فما بالك بتخيّلها معروضة على هيئة فيلم، هذه المرة يمكن أن يغضب المشاهدون لا أن يصفّقوا، في حال وجدوا تقاطعًا كبيرًا بين حياتهم والحياة المعروضة في فيلم موصوف بالفجاجة، بالإضافة إلى انعدام النكهة واللون.

المغامرون بيننا هم بشر بسيطون لم يجربوا المشي على الحبال، ولم يصعدوا قمة جليدية ليخسروا قدمًا في مقابل الوصول العظيم، المغامرون بيننا فكروا في مشاركة العالم أبحاثه عن الارتقاء والتفرد، لا المشاركة القسرية في تجارب العنف والحروب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الفتاة الدنماركية.. أول قصة تحول جنسي

فيلم Room.. الحياة بمقاسات أقل