28-يونيو-2016

هل المغاربة محافظون في رمضان فقط؟(أ.ف.ب)

حادثة غريبة هي تلك التي عاشتها فتاة مغربية برفقة صديقها الكونغولي في محطة الترام/القطار الخفيف بمدينة الرباط، منذ أيام، عندما تفاجأت بمراقب المحطة يحرر محضر مخالفة لهما، متهمًا إياهما بـ"الإخلال بالحياء العام في المحطة"، والسبب، كما روى الشاب الكونغلي لوسائل إعلام محلية مغربية، أنه كان ممسكًا يد صديقته بطريقة أزعجت المراقب العام.

خلال شهر رمضان، يلعب بعض المغاربة دور "شرطة الأخلاق" بدعوى قدسية الشهر وتجنب المس بالحياء العام والتقاليد

تفاصيل القصة بدأت، لحظة انتظارهما وصول "الترامواي"، فوجئ الشاب بالمراقب يسأل صديقته عن جنسيتها وتفاصيل مرافقتها لصديقها الإفريقي، فتدخل الشاب، وتحول الحديث بين الأطراف إلى نقاش حاد، واتهامات بالإخلال بالحياء العام. وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام المحلية الخبر فما كان من إدارة الـ"ترامواي" إلا أن اعتذرت من الشاب الكونغولي وألغت المحضر والغرامة، ويروج أنها عاقبت المراقب أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: صيام رمضان بالمغرب قد تفسده "ترمضينة"! 

الحادثة أثارت لغطًا على مواقع التواصل الاجتماعي بين المغاربية، الذين اعتبروها تضييقًا على الحريات الفردية في المغرب، خاصة وأن إمساك يد فتاة يبقى أمرًا عاديًا عند الكثيرين من المغاربة، إلا أن البعض يحوله خلال شهر رمضان إلى أمر مزعج يمس من الحياء العام. واعتبرت الحادثة دليلًا على ازدواجية السلوك عند المغاربة أحيانًا، وقد نتجت عنها عديد التساؤلات، خاصة لدى الناشطين الحقوقيين، حول مدى قبول المغاربة بالاختلاف وهل تجعلهم خصوصية شهر رمضان أكثر محافظة؟.

يقول سفيان فارس، الناشط الحقوقي، في حديثه مع "الترا صوت" إنه "خلال شهر رمضان يصبح الكثير من المغاربة صارمين من ناحية تشبثهم بمظاهر إسلامية، فالكل يتكلم عن الإسلام، ويصبح وصيًا عن الآخرين". ويتابع: "خلال رمضان يرفضون أن يشاهدوا ما قد يعتبرونه مشاهد مخلة بالحياء، مثل الإفطار العلني أو العناق بين الأصحاب"، مضيفًا "هذه التصرفات يعتبرها معظمهم حرية الشخصية، إلا أنهم في شهر رمضان يسمحون لأنفسهم أن يلعبوا دور شرطي الأخلاق".

وحسب سفيان فإن "هذه التغيرات غير مألوفة في المجتمع المغربي وهي في تصاعد"، ويقول إن "التصرف الأخير الذي قام به المراقب في "الترامواي" هو خير دليل، فبالرغم من عدم امتلاكه الحق في تحرير محضر وفرض غرامة لأجل ما يتعلق بالحياء العام، إلا أنه سمح لنفسه أن يعاقب الشاب وصديقته". وهذا التغيير راجع، حسب سفيان فارس، إلى "قيادة حزب ذي مرجعية إسلامية للحكومة المغربية، خلال السنوات الأخيرة".

اقرأ/ي أيضًا: اللباس التقليدي يزيّن المغاربة في رمضان

وأكد سفيان أن "الحزب الإسلامي ترك المجال للمس من الحريات الفردية بسبب عدم تعديل الفصل 222 الذي يجرم الإفطار العلني على سبيل المثال، بالإضافة إلى تصريحات بعض من وزراء حزب العدالة والتنمية الرافضة للحريات الفردية"، حسب الناشط الحقوقي. ومن جهة أخرى، يضيف أن "المواطن العادي، ذا الثقافة البسيطة، الذي يسمع خطاب رئيس الحكومة أو أحد وزرائه وهو يدعو إلى تجريم الحريات الفردية سيتأثر به بطريقة أو بأخرى".

لكن جزءًا ممن قابلهم "الترا صوت" نفوا ذلك، معتقدين أن الأمر يتعلق فقط بحرص قديم ومعروف عند المغاربة على التمسك بالتقاليد والحفاظ على خصوصيات الشهر الفضيل. وفي سياق "النزعة المحافظة" لبعض المغاربة خلال شهر رمضان، تداولت بعض المنابر الإعلامية أن مجموعة من الأشخاص قد قاموا بتعنيف شاب وهو يشرب الماء نهار رمضان بإحدى الشوارع بالدار البيضاء، إلا أن مديرية الأمن نفت، في بلاغ لها، ما اعتبرتها "مزاعم تتحدث عن وجود أشخاص يتقمصون دور السلطات العمومية في تطبيق القانون"، مؤكدة أن "كل من ثبت تورطه في انتحال وظائف أو القيام بمهام السلطات العامة سيكون موضوع متابعة".

اقرأ/ي أيضًا:

نصف المغاربة مضطربون نفسيًا ودعوات لقوانين تحميهم

هل المغاربة عنصريون؟